كتب – ايهاب رشدى
يتميز أسبوع الآلام أو أسبوع البصخة كما تطلق عليه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بطقوس خاصة حيث تتشح فيه الكنائس بالشارات السوداء وصور الصليب المقدس ، وتتلى فيه الألحان الطويلة بالطريقة الحزينة والتى تعود بعضها للموسيقى المصرية القديمة كما تشير بعض المصادر ، وفيه يترك الكاهن والشمامسة الهيكل ويجلسون فى الخورس الثانى إشارة إلى صلب السيد المسيح فى جبل الجلجثة خارج أورشليم ، ويخلو أسبوع الالام من القداسات ورفع البخور – فيما عدا قداس خميس العهد – ، ولا يستخدم الاقباط خلاله كتاب الأجبية ( كتاب الصلوات اليومية السبع التى تتلى فى الكنائس ومنازل الاقباط ) ، بالاضافة لملامح اخرى كثيرة تجعل من هذا الأسبوع أقدس أيام السنة فى نظر الكنيسة والأقباط .
ويقول القمص يوسف الحومى أستاذ تاريخ الطقوس بمعهد الألحان بالزقازيق، والباحث بمؤسسة سان مارك للدراسات التاريخية أن الاحتفال باسبوع البصخة هو أمر من الآباء الرسل جاء فى الدسقولية ، وأن " البصخة " كلمة عبرية تعنى " العبور" حيث تشير لعبور الملاك المهلك الذى أهلك أبكار المصريين وهى القصة الواردة فى سفر الخروج ، ثم اصبح الفصح فريضة فى العهد القديم إشارة للخلاص الى تممه السيد المسيح على الصليب
تطور قراءات أسبوع الآلام منذ أيام الرسل إلى الآن
ويتابع أستاذ تاريخ الطقوس حديثه عن تطور صلوات أسبوع الالام من الكنيسة الاولى حتى صورته الحالية التى تصلى بها الكنيسة ، فيقول ان الاباء الرسل أمروا بأن تكون قراءات هذه الايام هى " العتيقة والمزامير " أى نبوات العهد القديم والمزامير ، وذلك لأنه فى أيامهم لم يكن الانجيل موجودا بصورته الحالية .
وفى عهد الملوك المسيحيين ( الامبراطور قسطنطين والامبراطور ثيؤدوسيوس ) كانت ايام هذا الاسبوع اجازات من العمل حتى العيد ، حتى يتمتع المؤمنون بصلوات البصخة .
الحاجة " ايجيريا " ودورها فى تطوير قراءات البصخة
فى القرن الرابع الميلادى ذهبت سيدة تدعى الحاجة " ايجيريا " - كلمة ( حاجيوس ) تعنى مقدس وهى كلمة يونانية - إلى القدس وسجلت ما يقال فى كنيسة أورشليم ، وحينما عادت وصفت لنا الصلوات التى تقال هناك فى اسبوع الالام ومن هنا كانت البداية لتكون قراءات الانجيل فى اسبوع البصخة توافق احداث ذلك اليوم وفق الاناجيل الأربعة .
10 صلوات يومية للبصخة وضعت فى عهد البابا غبريال الثانى
جمع البابا غبريال الثانى البطريرك الـ 70 ، علماء الكنيسة ورهبان دير الانبا مقار وقاموا بتنظيم صلوات اسبوع البصخة فى 10 صلوات ( 5 نهارية و5 ليلية ) ولو جمعنا صلوات السواعى فى الاجبية لوجدناها سبعة ، يضاف اليها صلاة الستار الخاصة بالرهبان وكذلك الخدمة الثانية والثالثة من صلاة نصف الليل فيكون الناتج عشر صلوات وهو ما يوافق نفس العدد الذى وضعه الآباء فى عهد البابا غبريال الثانى
البابا كيرلس عمود الدين يضع أول طلبة يختتم بها صلوات البصخة
بالنسبة للطلبة التى تقال فى نهاية صلوات البصخة ، كانت هناك طلبة واحدة فقط وضعها القديس كيرلس عمود الدين البطريرك الـ 24 فى بداية القرن الخامس وهى طلبة الصباح حيث كان يجتمع المصلون فى الكنيسة ليلا ويسهرون حتى الفجر وهم يصلون صلوات البصخة وفى نهايتها تتلى طلبة الصباح .
وفى القرن الـ 18 تقريبا وضعت عدة طلبات للمساء ومن ضمن تلك الطلبات واحدة وضعها القمص ابراهيم لوقا
وقد تطور الأمر بعد ذلك حيث وجدت الكنيسة ان بعض الساعات متخمة بالصلوات وبعضها خالية من الصلوات فأعادت توزيع الصلوات حتى صارت متناسبة مع بعضها .
اول طباعة لكتب البصخة فى عهد البابا كيرلس الخامس
ويتابع القمص يوسف الحومى حديثه للاقباط متحدون فيقول أن طقس صلوات البصخة قد تنوع ما بين عدة اماكن فى مصر وكانت أول طبعة لكتب البصخة فى عهد البابا كيرلس الخامس البطريرك الـ 112 وكانت هذه الكتب تضم عدة كتب هى كتاب القطمارس الخاص بالقرءات ، وكتاب البصخة ، وكتاب الطروحات ( التفاسير )
دلال البصخة
ومع الطفرة التى ظهرت فى طباعة الكتاب فقد ظهر دلال البصخة بصورته الحالية فى أوائل الثمانينات من القرن الماضى حيث اجتمع ابونا بيشوى كامل مع بعض مرتلي الكنيسة ووضعوا أول دلال لأسبوع الالام ولكن كانت تؤخذ عليه بعض النقائص ، ومنها اغفاله لبعض الصلوات التى يتلوها الكاهن حيث كان إهتمامهم الأساسى منصبا فى وضع واتاحة هذه الكتب بين أيدى الشعب .
لحن أمانة اللص اليمين الذى يقال بالرومى والقبطى
وأشار الباحث القبطى القمص يوسف الحومى إلى بعض الحان أسبوع الالام التى تتلى بالرومى حيث اوضح ان بعض كنائس الاسكندرية كانت تصلى بالرومى اليونانى القديم حتى القرن الثانى عشر ، وعندما اندثرت كنائس الاسكندرية ، تم نقل بعض من طقوسها لباقى كناس مصر ، واضاف ان بعض هذه الالحان لم يجدوا له مكان فى صلوات السواعى مثل لحن امانة اللص اليمين والذى يبدأ بالرومى ثم القبطى والعربى ، فوضعوه بعد صلاة الساعة السادسة وقبل صلاة الساعة التاسعة .
حقيقة مقابلة اللصين اليمين واليسار للعائلة المقدسة فى مصر
وحذر القمص يوسف من بعض أشياء دخيلة على دلال اسبوع الالام بصورته الحالية وهى أشياء لا تخص الصلوات ولكنها تأتى فى الشرح الذى وضع فى بداية الدلال ، ومنها مثلا قصة اللصين الذين صلبا عن يمين ويسار السيد المسيح حيث ذكرت بعض هذه الكتب أن هؤلاء اللصوص قد قابلوا العائلة المقدسة فى مصر ، ويؤكد الباحث القبطى ان هذه الرواية غير مقبولة تماما وانها مأخوذة عن ما يسمى بانجيل الطفولة وكتب ابو كريفا ، وهى مصادر غير معترف بها .