الأقباط متحدون - دماء تتسأل.. ومؤرخو مصر الجدد
أخر تحديث ١٧:٠٤ | الاثنين ١٧ اكتوبر ٢٠١١ | ٥ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٥٠ السنة السابعة
إغلاق تصغير

دماء تتسأل.. ومؤرخو مصر الجدد

 بقلم: د. تيتو غبريال صليب

إن دماء شهداء ماسبيرو التي سالت من أجل الحق والعدل والمساواة، ومن أجل كسر القيود الحديدية التى يحاول فرضها عدو المسيح وحينما نذكر لفظ "السيد المسيح" نعني الإنسانية فهو الذى يريد أن الكل يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون 
( 1 تى2 :4 )  لقد سفك دمه من أجل البشرية كلها. إن دماء المسيحيين التى سالت منذ أن استبيحت خاصة في العصر الحديث بدءً من أحداث الكشح وحتى أحداث ماسبيرو، كانت من أجل الحب، ذلك الحب الضائع بين الإنسان وأخيه الإنسان نتيجة ضياع الحب بين الإنسان ونفسه، أن هذه الدماء المسالة ستزيد محبتنا لأخوتنا المسلمين، ولن ينجح الشيطان أبدًا في كسر هذه المحبة، لأن هذه هي وصية الإله الذي أحبنا و بذل نفسه فداء عن البشرية، لأن "الله محبة"، نحن لسنا مثل اليهود نطلب تعويضًا عما حدث، لكننا سنطلب غفرانا بكل ما نملك من حب و تسامح لكل من أساء إلينا لأننا أولاد ذلك الإله المصلوب الذي طلب غفرانا لصالبيه وهذا لا يتعارض مع كوننا نسأل الذين يلطموننا لماذا تلطموننا؟                      
 
      إنها صرخة مدوية لكل محبى الإنسانية تتساءل هل سيعود الاضطهاد الدموي للأقباط في العصر الحديث؟ هل سيكتب أسماء من قتلوا الأقباط وسحلوهم وأطلقوا عليهم النار وسحقوهم بالمدرعات والشوم والعصي الكهربائية وكأنهم يستعيدون عصور اضطهاد المسيحيين وكيفية تعذيبهم، لكنهم لم يستعيدوا الصورة والأحداث كاملة، فالمضطهدون ذهبوا وبقيت المسيحية، تحطمت وسائل التعذيب المختلفة والتى كانت قديمًا تشمل الهبازين والسيف والزيت المغلي وسيضاف حديثًا الرصاص الحي والعصى الكهربائية والمدرعات، والتقارير الطبية الملفقة والجنون والقاتل الخفي والإعلام الدموي، وستبقى المسيحية وستظل الدماء تصرخ ولن تهدأ إلا بعودة الأمان لأرض مصرنا الحبيبة بأقباطها المسيحيين والمسلمين وسينهزم "الهيرو الإرهابى" ذلك اللقب الذي يناله كل من يقتل الأقباط – انظروا إلى جنازة الكمونى ولم يبقى سوى أن يقام له نصب تذكارى!؟ وستتحطم نظريته أمام وحدة وتماسك ومحبة هذا الشعب للحق وللخير وللجمال وحينما تعلن الكنيسة صيام ثلاثة أيام لم تعلنها فقط من أجل رحمة الله لأولاده لكن أيضًا لأجل مصر وخيرها وعودة الأمان لأهلها، وكلنا إيمان وثقة أن الله سيعمل  وسيعمل للخير وسنرى الشارع يسير فيه مينا مع محمد، وفاطمة مع كريستين، وسيلعب بولس مع أحمد، وسنرى أطباق الكعك تتبادلها أم جرجس وأم محمد، وسيعود الدفء للجميع وسنرى الحب الحقيقي يجمع بين أبناء هذا الشعب، وسنجد الأيادي تبنى الكنيسة بجانب الجامع، وستعود مصر لذاتها وسنسمع أذان الجوامع أيام أعياد الميلاد والقيامة وستدق أجراس الكنائس فرحة مهللة بما يحدث بمصر.. لكن علينا أن نلقي الدروس المستفادة من إراقة هذه الدماء ونعلم آية رسالة تبعثها لنا.   
 
1- الرسالة الأولى إلى الإعلام القبطي: 
إن هذه الدماء لم يستفيد منها إلا أصحاب الصوت العالى من الأقباط حيث تعودا على هذا، لا لشئ إلا لأجل أنفسهم وإظهارها وأصبحت كلمة السر "الأقباط"، التي استغلت قديمًا من المسئولين، ومازالت للوصول إلى مناصبهم وها هي الآن تستغل من ذويهم من أجل الوصول إلى الإعلام وإعلاء أسمائهم ويبقى السؤال ألم يستفيد الأقباط  من اليهود حينما تشتتوا في جميع أنحاء العالم، ورغم هذا التشتت إلا أنه كان لهم هدف واحد هو مساعدة ذويهم في أورشليم، وقد وحدوا وجندوا كل إمكاناتهم المادية والسياسية والدبلوماسية لخدمة هذه القضية، من خلال طرق كثيرة أهمها مؤسسة إعلامية لها هدف واحد هو قضيتهم ولم يختلفوا أو يبعثروا هذه الإمكانات من أجل مصالح شخصية فيمن يظهر أولًا أوفيمن هو القائد فى هذه الميديا الواسعة.. 
كذلك لم يستفيدوا من إخوانهم المسلمين في توحدهم للوقوف أمام أى مشكلة تواجههم سواء داخليًا أو خارجيًا 0 ففى الحالتين لم يدرك الأقباط عامة والمسيحيين خاصة الرسالة الموجهة إليهم من دماء سالت، وما عليهم أن يفعلوه إلا أنهم جعلونا أمام إعلام أنانى جعلنا نتسأل لماذا لم تتحد الميديا المسيحية (أكثر من عشر قنوات مسيحية)، للقيام بتغطية حية للأحداث بدلًا من أن تقوم قناة واحدة بهذا العمل إن هذا العمل إن دل على شئ إنما يدل على تقنين نظرية " الهيرو" ولكن من نوع آخر فالكل يبحث عن" الهيروالزعيم" ذلك الهيرو المفقود ونسوا "الهيرو الحقيقي" وهو الحب الذي يجمع الكل ولن يأتي التعاون إلا بالحب.. فهل ستجعل دماء الأقباط من الإعلام القبطي إعلامًا نموذجيًا تعيد لمصر مكانتها الإعلامية..
 إننا ننادي منذ فترة بوحدة الإعلام القبطى وعليهم أن يقدموا ميديا حقيقية ليس فقط دفاعًا عن الأقباط بل دفاعًا عن الإنسانية كلها وبالأخص الشعب المصرى بكل طوائفه ومشاكله بدلًا من أن نرى قناة مثل قناة الطريق رغم صغر وضعف إمكاناتها إلا أنها قدمت صورة تستحق التقدير وأثلجت صدور الأقباط، وأبصرت عيون إخوتنا المسلمين الباحثين عن الحقيقة، الـتي رفضت ضمائرهم ما أذاعه الإعلام المصري، لأن إيمانهم بهذا الوطن ومحبتهم لأخوتهم الأقباط أكبر مما يحاك لهذا الوطن.
 
2- الرسالة الثانية إلى أخوتنا المسلمين:
اسمحوا لى أن أذكركم بجزء من قصة قايين وأخيه هابيل.. "وكان هابيل راعيًا للغنم وكان قايين عاملًا فى الأرض وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمارالأرض قربانًا للرب وقدم هابيل أيضًا من أبكارغنمه ومن سمانها فنظرالرب إلى هابيل وقربانه ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظرفإغتاظ قايين جدًا وسقط وجهه فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك إن أحسنت أفلا رفع وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسودعليها، وكلم قايين هابيل أخاه وحدث إذا كانا في يالحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك فقال لا أعلم أحارس أنا لأخى فقال ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض0فالأن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك" (تك 3:4-11) فهل سيظل إخوتنا المسلمين المستنيرين وهم كثيرين صامتين قائلين "أحارس أنا لأخى" هل سيقومون غير مكتفين برفضهم لما يحدث لإخواتهم الأقباط وكلهم إصرارعلى إعادة بناء الإنسان المصرى من جديد أم سيكتفون بالرفض والشجب !؟ 
 
3- الرسالة الثالثة إلى مؤرخي مصر وعلمائها:
هل سيصبح التاريخ فى أيدى البلطجية ؟ هل هذه الأصابع التي حملت الرصاص والسيوف والسنج تستطيع أن تحمل القلم لتدون الحقيقة الغائبة وتسطرأهم تاريخ مصرفى العصرالحديث !؟ هل سيصبح مؤرخى مصر الجدد هم البلطجية ويكون مداد أقلامهم المصريين وتكون سنون أقلامهم من أجساد الشعب المصرى بعد المحاولات المستميتة لإخفاء الحقيقة منذ 25 يناير وحتى 9 أكتوبر. إن الدماء التى سالت كافية والأقلام معدة لكن أين الأيادي التي تسطر؟ هل نعقد اتفاقًا مع البلطجية التى نزعت قلوبهم ومسخت عقولهم ليسطروا لنا التاريخ ويكشفوا لنا لماذا كانوا قايين ومن عبث بعقولهم وقلوبهم ليقتلوا أخاهم هابيل. على أن يكفوا عن القتل مقابل العفو عنهم بعد الإعتراف الكامل ؟!
وفي النهاية لاأملك سوى أن أقول أن الأسلحة التى استخدموها لو كان لها قلب لما أصابت وقتلت هؤلاء الشهداء.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع