انتبه الناس فى الشارع المزدحم بالإسماعيلية على شاب يحمل فتاة ويجرى بها كالمجنون واتخذ طريقه إلى أقرب مستشفى لينقذها
ــ ماذا حدث ومن هما وما حكايتهما بالضبط؟!
كانوا يعرفونه جيدا هو «أحمد» وهى «آية»
ــ من أحمد ومن آية؟!
هى واحدة من قصص الحب العجيبة التى تنبت كل يوم على أرض الواقع، ولكنها تنتهى بنهايات لو رأيناها على شاشات الدراما لاتهمنا المؤلف والسيناريو والمخرج بأنهم يبالغون فى البعد عن الواقع.
أفكار كثيرة كانت تزدحم فى رأس الشاب أحمد كلما مرت أمامه «آية» تلك الفتاة التى لم تجاوز السابعة عشرة، فبالرغم من أنه فى السابعة والعشرين من العمر وأنها منذ سنوات قليلة كانت تحسب فى عداد الأطفال، إلا أنها سلبت عقله وروحه، وفوقهما قدم قلبه قربانا لتقبل به حبيبا لها!.
كلما رآها تخطو فى شارع المدارس بمدينة الإسماعيلية بملابس المدرسة الثانوية، كان قلبه يقفز وراء خطواتها وتطير روحه فرحا ولا يصده عنها إلا تحسس العجز عن شبح اليأس من امتلاكها.
لكنه على يقين بأنها تبادله الحب فللعاشقين لغة لا تسمع ولا تقرأ إلا فى نظرات خاطفة يقف أمامها الزمن وتعجز عنها قواميس كل لغات العالم.
> وماذا يعنى أنك تحبها.. أنت شاب محبوب وشهم ومكافح ولم تستسلم للعطالة وبحثت عن عمل واليوم أنت وإن كنت مجرد عامل فى شركة أمن فغدا ربما تكون موظفا كبيرا، بل ما المانع أن تصير صاحب شركة كبرى ولم لا؟!.. فحولك عشرات الأمثلة بدأوا حياتهم بأقل مما تبدأ به.
وعلى صوت الأمل المنبعث من أعماقه، اتخذ خطواته نحو منزل أسرة «آية» فهو كفتى أصيل لا يريد أن يخالف الأصول ولا يمنع الحب أن نعترف بالتقاليد التى تعارف عليها الناس.
ورغم أن رد الأسرة كان صادما لأن آية لا تزال صغيرة وتريد أن تكمل تعليمها، فهم إذن لم يرفضوه بل وعدوه بها بعد حين، مازال معلقا بأهداب الأمل فبغير الأمل لن تجد قلوب العاشقين ما تقتات به فى ظلمات اليأس.
ومنذ ذلك اليوم اعتبر أحمد أن قبول أسرة آية ارتباطها بعد الدراسة، هو بمثابة وعد مؤجل ليومه الموعود وراح يصبر نفسه على مضى الأيام ولكن القلب الذى ينبض بحبها هو أيضا نفس القلب الذى بدأ يتوجس من موقفها، فلم يعد ذلك الحديث الدائر صمتا بين نظراتهما عندما يتلاقيان فى الطريق، حتى نبرة صوتها بدأت وكأنها تعلن عن فتور من شأنه أن يشعل النار فى روحه، فراح يتشبث بكلمة منها ولكن لم تجد كل الكلمات الفاترة عن تمسكها به وأنها لن تجد من يحبها مثله وأنها وأنها ......
إنها على علاقة بصديق لك وعدته بقبوله لو تقدم لها!
سمع هذه العبارة من أحد الشهود على حبه البائس، فاندلع مخزون الشك نارا تتأجج.
لم يمهل نفسه ولم يمهلها فرصة واحدة وهو يطلب منها المجيء إلى شقة والدته ليحدثها فى أمر مهم وكانت قد اعتادت زيارة والدته للاطمئنان عليها، ولكنها لم تجد والدته فى المنزل ووجدته ينتظرها شاحب الوجه عيناه قد تحولتا لجمرتين ولم يستغرق من الوقت كثيرا حتى فاجأها بما سمع، فأنكرت كل ما قيل ولكن رنين هاتفها المحمول المفاجئ أصابها بالارتباك مع إصرارها بألا تجيب وأن الرقم المتصل لصديقة لها لا ترغب فى حديثها، فلم يصدقها والتقط الهاتف ليتأكد بنفسه أن المتصل هو صديقه الذى سمع بخيانتها معه.
وعلى قدر الحب سيكون الانتقام وبمقدار الألم سيأتى عقابك يا آية، فالتقط أحمد عصا غليظة وراح يضربها بكل قوته ثم إذا به يسرع إلى براد الشاى المغلى ليسكبه عليها وهى تستغيث صارخة من شدة لسع الحرارة.
ــ ذوقى حتى تشعرى بمقدار ما بى من لهيب!
ولم تهدأ فورة الجنون حتى خمدت أنفاسها ليفيق على هول ما جنته يداه فأسرع بحملها كالمجنون وهبط إلى الشارع وقد تولد لديه رجاء بأن تكون مازالت على قيد الحياة ولكنهم فى مستشفى الإسماعيلية العام أكدوا وفاتها.
كل شيء تداعى وبدت الهاوية مفاجئة ولم يعد هناك معنى لشيء غير الخسران ولا طعم غير المرارة ولا مستقبل إلا الضياع، الناس والمستقبل والأمل والحب وأحلام العمر القادم، تحوم حوله كأشباح مرعبة تقف صامتة وراء صوت آية العالق بذاكرته وهى تتوسل إليه أن يتركها مؤكدة حبها له ولكنه قدم عمره قربانا للندم الذى لن يبقى فى الحياة سواه.
تم اخطار اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام بالواقعة.. وأمام ضباط مباحث قسم ثان الإسماعيلية واللواء محمود ابو عمرة مدير مباحث الوزارة أعترف أحمد بكل التفاصيل ولم يهتم كثيرا بحبسه وسجنه فما فعله بنفسه وبحبيبته دونه أى ألم مهما كبر وليس أمامه سوى أن يسلم نفسه لمصير محتوم ستسفر عنه الأيام القادمة فى رحلة عذاب اخرى لا يدرى كيف ولا متى ستنتهي!. وتم اخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن بالواقعة.