بقلم د. عايدة نصيف
نرى الآن اقتراح بزيادة تمثيل المرأة فى البرلمان بنسبة محجوزة لا تقل عن الربع ضمن التعديلات الدستورية المطروحة والتى يناقشها مجلس النواب؛ بل تثير هذه المادة حالة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض بين المهتمين وفى الشارع المصري.
وأرى فى الحقيقة أن إقرار هذا التعديل يؤكد عدم امتلاك المرأة لقدرات العمل السياسى او العمل العام؛ فالمرأة المصرية لديها من الخبرات المتراكمة ما يسمح لها بالمطالبة بالمواطنة على ارض الواقع وان الإشكالية ليست فى العدد من حيث الكم ولكن الإشكالية فى التمثيل الكيفي المشرف للمرأة ، هذا من جانب ومن جانب أخر إن تخصيص كوتة للمرأة لا تقل عن 25 بالمائة من مقاعد البرلمان يتعارض مع عدد من مواد الدستور خاصة المادة 53 ونصها " المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم بسبب الدين او الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة " بالإضافة إلى ذلك ان هذا التعديل سوف يفتح الباب للمطالبة بتمثيل وتعديل نسب تمثيل فئات أخرى.
ويطرح هذا التعديل التساؤل الاتي :لماذا خصصت نسبة للمرأة فى سياق الكوتة وتركت الفئات الأخرى المنصوص عليها دستوريا بالتمييز الإيجابي كالشباب والأقباط والمصريين بالخارج ؟ ،اليس هذا تمييز فى حد ذاته عزيزي القارئ؟ أليس هذا إخلال بمبدأ المساواة؟ وهنا لا أنادى بتخصيص كوتة لهذه الفئات التى ذكرتها وإلا يتحول الدستور إلى محاصصة، وتتحول القضية الى مطالب فئوية ، وهذا لا يناسب دستورا فى دولة بحجم مصر دولة حديثة ومحورية على الصعيد الإقليمي والدولي بل أطالب بتكريس مبدأ المواطنة لكل الفئات .
وأضيف إلى ذلك أيضا ان هذا التعديل الخاص بكوتة المراة يفتح المطالبة بالرجوع إلى نسبة العمال والفلاحين والتى كانت تمثل 50 بالمائة. ومصر قد أنجزت إنجازًا كبيرًا فى إلغاء هذه النسبة ، فى الوقت الذى حصلت فيه المرأة على 89 مقعدا من بين مقاعد البرلمان الحالى؛ أي بنسبة تقترب من 15 فى المائة وهى نسبة غير مسبوقة فى تاريخ المجلس التشريعي.
وفى دستور 2014، وضع نص تحدث عن كوتة للمرأة والشباب والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة والمصريين بالخارج بهدف إحداث نقلة نوعية فى الحياة السياسية بمصر وبهدف تكوين ثقافة نصل بها إلى مفهوم المواطنة الكاملة، ومن هنا يجب الا تتحول هذه الوسيلة الى هدف ونرجع إلى الوراء بتعديل ما يسمى بالكوتة لأى فئة من الفئات، لانه وفقا للاتفاقيات الدولية نجد ان نظام الكوتة هو إجراء مؤقت هدفه رفع نسبة المشاركة السياسية للمرأة فى المجالس النيابية والمحلية والتشريعية ويجب ان يسير ويطبق على كل الفئات بصورة مؤقتة وليس بصورة دائمة .
بالإضافة إلى ان تضمين كوتة للمرأة يكرس إلى التمييز والى ثقافة الرجوع إلى الوراء بل يعمل على تأصيل عدم تغيير ثقافة المجتمع إلى مفهوم المواطنة الكاملة؛ ولذا اجد ان الكوتة ليست حلا لدمج المرأة فى العمل السياسى وإنما الكفاءات والخبرات والمواهب والتى تزخر بها المرأة المصرية هى الحل، بالإضافة إلى العمل على تغيير الثقافة الرجعية ، المجتمع يريد تمثيل المرأة بصورة كيفية مشرفة وليس بصورة كمية غير فاعلة.