عبد المنعم بدوى
فى يوم 8 أبريل 1970 ، ضربت مدرسة بحر البقر بمحافظة الشرقيه بطائرات الفانتوم الأسرائيليه أف 5 ، نتج عن هذه الغاره قتل وجرح العشرات من التلاميذ الأبرياء فى عمر الزهور بصورة بشعه ... لكن ماهى حقيقه هذه الغاره التى لايعرفها الكثيرين ؟
يعد أعتبارا من يناير 1970 ، نقطه فارقه فى تاريخ الصراع مع العدو الأسرائيلى أثناء حرب الأستنزاف ، التى أعقبت نكسه يونيو 1967 ... ففى 22 يناير 1970 وفى زياره سريه لجمال عبد الناصر الى موسكو ، تم توقيع أتفاقيه بينه وبين القاده السوفييت ، تم بمقتضاها أقامة نظام جديد فى مصر للدفاع الجوى ، وهو الذى أصطلح على تسميته ببناء ( حائط الصواريخ ) .
كان النظام الجديد يتطلب بناء اعداد كبيره من الدشم والتحصينات لمواقع الصواريخ تمهيدا لأدخالها فى منطقة قناة السويس ، وحشدت الدوله كل ماتملك من أمكانيات لبناء تلك الدشم فجندت الألوف من العمال والمهندسين ( المدنيين ) لبنائها رغم الأزمه الطاحنه فى عدم توافر الأسمنت لآستخدامه فى بناء السد العالى تمهيدا لأنتهائه المقرر له هذا العام ، لكن عبد الناصر قرر أعطاء الأولويه لبناء هذا الحائط عن السد العالى وكان ينفق يوميا ملايين الجنيهات ( بأسعار ذلك الوقت ) على هذه العمليه .
أخذت الطائرات الأسرائيليه أبتداء من مارس 1970 فى قصف هذه الأنشاءات بشكل منتظم حتى بلغت عدد هذه الطلعات فى الأربع أشهر الأولى من عام 1970 عدد 526 طلعه فى الأسبوع الواحد ، فقدت مصر خلال هذه الشهور ( الأربعه ) 4 ألاف شهيد من المدنيين ممن أشتركوا فى عملية البناء .
الغارة الأسرائيليه على مدرسة بحر البقر
تقع مدرسة بحر البقر الأبتدائيه وسط عزبه فى منطقة للأصلاح الزراعى يسكنها حوالى 80 أسره وكانت قد أنشئت من قبل حوالى عامين فقط وعرفت بأسم ( الصالحيه ــ 3 ) ، وكانت تبعد عن قناة السويس 30 كيلومتر .
قرر قائد أحدى فرق المشاه الميكانيكى أتخاذ هذه العزبه مقر لقيادة الفرقه ، متخذا من سكانها دروع بشريه وأيضا من مساكنها المبنيه بالطين تمويها لتخفى مركز قيادة فرقته .
والحقيقه أن كثيرا من المواقع العسكريه المصريه أختلطت مع المواقع المدنيه فى تلك الأيام السوداء ، فكثيرا ما أحتمت المواقع العسكريه بالمواقع المدنيه ، وهذا الأسلوب تستخدمه حماس فى غزه حتى هذا اليوم .
فى صباح يوم 8 أبريل عام 1970 ، تم قصف المواقع العسكريه فى هذه القريه فوقعت بعض القنابل على مدرسة القريه ( بحر البقر ) ... جائت هذه الغاره برد فعل جماهيرى غريب ، فبدلا من أتهام جمال عبد الناصر ونظامه بالتقصير فى توفير الحمايه الكافيه للمدنيين فى العمق المصرى ، حدث العكس أن التف الشعب حول عبد الناصر الذى شن حملة غضب وأستنكار ضد أمريكا وأسرائيل ، بأن قاموا بتعليق صور الأطفال الشهداء وكراريسهم وأقلامهم وسندوتشاتهم فى أروقة الأمم المتحده فى نيويورك ، وكتب صلاح جاهين قصيده مؤثره هزت قلب مصر :
أيه رأيك فى البقع الحمراء ؟
ياضمير العالم ياعزيزى !
دى لطفله مصريه وسمره
كانت من أشطر تلاميذى ..
عاش الشعب المصرى من المدنيين .... هم الأبطال الحقيقىين ، وهم الذين يدافعون عن مصر وأرض مصر بدون مقابل ولا من على أحد ....