فى مثل هذا اليوم6 ابريل 2000م..
سامح جميل
الحبيب بورقيبة (3 أغسطس 1903 - 6 أبريل 2000)، الأب المؤسس وأول رئيس للجمهورية التونسية (25 يوليو 1957 - 7 نوفمبر 1987)، عُزل عن الحكم بـإنقلاب من قبل زين العابدين بن علي وفُرضت عليه الإقامة الجبرية في مَنزله كما حُجبت أخباره عن الإعلام إلى حين وفاته في 2000. اشتهر بإصدار العديد من التصريحات والقوانين التي تعتبر"مثيرةً للجدل".
ولد في حي الطرابلسية بمدينة المنستير الساحلية، من عائلة من الطبقة المتوسطة (أبوه ضابط متقاعد في حرس الباي)، وكان أصغر ثمانية إخوة وأخوات، تلقـّى تعليمه الثـّانوي بالمعهد الصادقي فمعهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
تزوج للمرة الأولى من الفرنسية ماتيلد وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاماً، وكانت أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بحوالي 12 سنة، وهي التي أنجبت له إبنه الوحيد الحبيب بورقيبة الابن، وتطلقا بعد 22 عاماً من الزواج لكنه استمر على صلته بها كما قام بتوسيمها في أواخر حياتها قبل وفاتها سنة 1976.
تزوج للمرة الثانية من وسيلة بن عمار رسمياً في 12 أفريل العام 1962 وهي تونسية، في إحتفال كبير بقصر المرسى. وسيلة بن عمار الثائرة التونسية التي قادت عدداً من عمليات النِضال الوطني ضد الإستعمار، حتى أُلقي القبض عليها عام 1948 وسُجنت.
إنضم إلى الحزب الحر الدستوري سنة 1933 واستقال منه في نفس السنة ليؤسس في 2 مارس 1934 بقصر هلال الحزب الحر الدستوري الجديد رافقه محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة.
تم إعتقاله في 3 سبتمبر 1934 لنشاطه النضالي وأبعد إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936.
ثم سافر إلى فرنسا وبعد سُقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها أعتقل في 10 أفريل من العام 1938 إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و9 أفريل 1938، ونقل بورقيبة إلى مرسيليا وبقي فيها حتى 10 ديسمبر 1942 عندما نقل إلى سجن في ليون ثم إلى حصن "سان نيكولا" حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى نيس ثم إلى روما، ومن هناك أعيد إلى تونس حراً طليقاً في 7 أبريل 1943
قرر السفر إلى المنفى الإختياري إلى القاهرة في 23 مارس 1945، وزار من هناك الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى تونس في 8 سبتمبر 1949 وسافر من جديد إلى فرنسا سنة 1950 ليُقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة والهند واندونيسيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في 2 جانفي 1952 معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا ولما اندلعت الثورة المسلحة التونسية في 18 جانفي 1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملاؤه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في 1 جوان 1955 ليستقبله الشعب إستقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 3 جوان 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي. وهي الاتفاقية التي عارضها الزعيم صالح بن يوسف واصفا إياها أنها خطوة إلى الوراء مما أدى إلى نشأة ما يعرف بالصراع "البورقيبي اليوسفي" ويتهمه خصومه السياسيون بالتهاون والتخاذل.
في 20 مارس 1956، تم توقيع وثيقة الاستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الاستقلال.
حكمه:
25 يوليو 1957 : إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية بخلع الملك محمد الأمين باي وتم اختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية.
أغسطس 1961 : اغتيال صالح بن يوسف في ألمانيا بعد محاولة الأخير عديد المرات زعزعة النظام في تونس
ديسمبر 1962: كشف عن محاولة انقلابية تورطت فيها مجموعة من العسكريين والمدنيين قدموا للقضاء العسكري وحكم على اغلبهم بالإعدام.
15 أكتوبر 1963: جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي وتم جلاء المستعمرين عن الأراضي الزراعية،
كما تم إقرار عديد الإجراءات لتحديث البلاد كإقرار مجانية التعليم وإجباريته وتوحيد القضاء.
3 مارس 1965 : الرئيس الحبيب بورقيبة يدعو اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم التمسك بالعاطفة وإلى الاعتراف بقرار التقسيم لسنة 1947 مع إسرائيل في خطابه التاريخي في أريحا.
في الستينات : وقع اتباع سياسة التعاضد وهي سياسة تتمثل في تجميع الأراضي الفلاحية ولكنها فشلت فشلا ذريعا دفع بالرئيس بورقيبة إلى تبني سياسة ليبرالية منذ بداية السبعينات قادها الوزير الأول (رئيس الوزراء) الهادي نويرة.
27 ديسمبر 1974: تعديل الدستور واسناد رئاسة تونس مدى الحياة إلى الرئيس بورقيبة.
26 جانفي 1978: وقعت أحداث 26 جانفي 1978 إثر خلاف بين الحكومة ونقابة العمال، سقط فيها مئات القتلى.
13 نوفمبر 1979 : إنتقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وانتخب الشاذلي القليبي أمينا عاما لها.
3 يناير 1984 : حدثت انتفاضة الخبزالتي سقط خلالها الضحايا بالمئات. وشهدت صراعات دموية حادة بين المواطنين ورجال الأمن بسبب زيادة في سعر الخبز واستخدمت فيها القوة ضد المتظاهرين ولم تهدأ تلك الثورة إلا بعد تراجع الحكومة عن الزيادة بعد يوم واحد فقط من إقرارها، واستدعي زين العابدين بن علي من وارسو ليشغل منصب مدير عام الأمن الوطني.
1 أكتوبر 1985 : شن الطيران الإسرائيلي غارة جوية على مقر القيادة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية وهي الغارة التي أدانها مجلس الأمن في 14 أكتوبر من ذات العام.
7 نوفمبر 1987 قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بإزاحة بورقيبة من الحكم وأعلن نفسه رئيساً جديداً للجمهورية فيما عرف باسم تحول السابع من نوفمبر.
انقلاب زين العابدين بن علي:
قام زين العابدين بن علي في السابع من نوفمبر عام 1987 بإزاحة بورقيبة من الحكم كما تم حجب أخبار بورقيبة عن وسائل الإعلام. تم تسريب رسالة لبورقيبة بتاريخ الثاني من فبراير/شباط عام 1990 وجهها إلى ممثل النيابة العامة بـولايةالمنستير يشكو فيها ظروف إقامته وعزله في قصره بالمنستير وحرمانه من التنقل والخروج من دون موجب قانوني. ذكرت تقارير أن بورقيبة حاول الإنتحار مراراً في مقر إقامته بعد أن أخضعه بن علي للإقامة الجبرية.
القوانين الاجتماعية:الأحوال الشخصية
بعد ثلاثة أشهر فقط من إستلام بورقيبة للحكم، أصدر عن طريق البرلمان التونسي مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956، وفي هذه المجلة صدرت العديد من التشريعات لكن التطبيق الفعلي لها لم يبدأ إلا بعد ستة أشهر أي في أوائل سنة 1957. من التشريعات صدور قانون منع تعدُّد الزوجات ورفع سن زواج الذكور إلى عشرين سنة، والإناث إلى 17 سنة. كما شملت المجلة كذلك قوانين إجتماعية خاصة بالزواج والطلاق؛ مثل قانون يمنع الزوج من العودة إلى مطلقته التي طلقها ثلاثًا إلا بعد طلاقها من زوج غيره، وقانون يجعل من الطلاق إجراء قانوني لا يتم الإعتراف به إلا عن طريق القضاء. وأصدر أيضاً قانون يسمح للمواطن بالتبني وأقر بورقيبة قانوناً يسمح للمرأة بالإجهاض.
كان الحبيب بورقيبة يرى وجوب إلغاء الصيام عن العمال لأنه يُقلل الإنتاجية، وفي عام 1962 مَنع الصوم واقترح أن يقضي العامل الأيام التي أفطرها عندما يُحال إلى التقاعد أو في أوقات أخرى،
حاول ثني الحجيج التونسيين من زيارة الأماكن المقدّسة وأداء مناسك الحج في السعودية لما فيه من إهدار لمقادير مالية من العملات الصعبة ودعى إلى التبرك بمقامات الأولياء والصالحين كأبي زمعة البلوي وأبي لبابة الأنصاري بدلا عن الحج في خطاب ألقاه في صفاقس يوم 29 أفريل 1964.
وفي عام 1981 أصدر قانونا اسمه المنشور 108، والذي فيه يأمر بمنع ارتداء النساء لغطاء الرأس "الحجاب"ب دعوى أنه يمثل مظهرا من مظاهر الطائفية، وأنه ينافي روح العصر وسنة التطوير السليم ولقد ظهر بورقيبة على شاشة التلفزيون في احتفال شعبي وهو ينزع أغطية الرأس عن بعض النساء قسرا قائلا "انظري إلى الدنيا من غير حجاب".
أيضا منع صلاة الفجر للشباب، وبدأت المخابرات تلاحق من يصلي باستمرار.
في عهده تم إعدام العديد من معارضيه، حدث ذلك مع "اليوسفيين" في مطلع الاستقلال، وعندما تدخل عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية "قفصة" الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامِرُهُ من الغد بتنفيذ حُكم الإعدام على 16 منهم.
أظهر شراسة شديدة في مواجهة خصومة السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح، وأجْهَزَ على المؤسسة الزيتونية الإسلامية التي كانت سنداً لخصمه اللدود بن يوسف المدعوم من الشرق العربي والقوى القومية خصوصاً عبد الناصر، ويطارد من عُرِفُو باليوسفيين الذين وقفوا مع الكاتب العام للحزب صالح بن يوسف، فقتل واعتقل العديد منهم، ولم يُغْلِق هذا الملف إلا بعد اغتيال زعيمهم اللاجئ بألمانيا.
كما استغل محاولة الانقلاب التي استهدفته عام 1962 ليجمد الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، مستعينًا في ذلك بالإتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الحزب الدستوري إلى درجة قبول التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه وعلى قيادته. ومع تبني الاشتراكية في الستينيات غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم.
السياسة الخارجية:
تحالف مع الغرب وكان من أوائل السياسيين العرب الذين رحبوا بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ففي خطاب ألقاه في شهر مايو 1968م قال "إننا نعتبر أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية يشكل عنصر استقرار يحمي العالم من نوع من الأنظمة الاستبدادية. دون أن يدخل في نزاع مع الاتحاد السوفييتي، رفض رفضا قاطعا إقامة علاقات اقتصادية وعسكرية معه، معتبرا أن دخول خرطوشه واحدة من هذا المعسكر قادرة على أن تفتح الباب واسعا أمام الخبراء والأفكار "الهدامة" حسب تعبيره، بل أنه صرح أكثر من مرة في خطبه الرسمية بأن "المعسكر الاشتراكي لن يستمر طويلا في الحياة، وأن سقوطه أمر محتم." وبنى علاقات جيدة مع الأنظمة الملكية والخليجية.
شهدت علاقاته مع عبدالناصر توترات مستمرة، حيث اختلف معه في الخطاب والأيديولوجيا ومواقف من قضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين، ذات مرة قال "لو خيرت بين الجامعة العربية والحلف الأطلسي لاخترت هذا الأخير". كما كان حذرًا من حزب البعث، وحال دون امتداداته التنظيمية داخل تونس، ثم تجدد صراعه مع القذافي، ورأى فيه شابًا "مُتَهوِّرًا" في السياسة، وكان يخشى أن تُطَوَّق تونس بتحالف ليبي - جزائري، لهذا وثق علاقاته مع فرنسا والولايات المتحدة،
وعندما تسربت مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من ليبيا، وسيطرت على مدينة قفصة في يناير 1980، استنجد بباريس وواشنطن الذين قدما له مساعدات عسكرية ولوجستية، مكَّنَت النظام التونسي من إنهاء التمرد بأقل التكاليف.
طيلة حُكمه استعان بورقيبة بالوزراء الأول التالين: الباهي الأدغم، الهادي نويرة، محمد مزالي، رشيد صفر وأخيرا زين العابدين بن علي وأغلبهم من أصيلي جهة الساحل التونسي.
وفاته:
.توفي في 6 أفريل 2000 . منع بن علي وقتها نقل جنازته مباشرة على التلفزيون، كمارفض عرض شريط فيديو يروي حياته إلى جانب رفضه لحضور وسائل الإعلام الأجنبية وشخصيات عالمية كانت مقربة من بورقيبة مراسم الجنازة.دفن في مسقط راسه مدينة المنستير..!!