كتب : مدحت بشاي
Medhatbe9@gmail.com
من يتابع أشاوس جماعة المعارضة المزعومة القاطن عناصرها المصرية النسب ( على الأقل وفق بيانات الهوية ) في بلاد الأتراك و أحفاد أبشع مستعمر استوطن بلادنا .. من يتابع هؤلاء وتحركاتهم الساذجة وهم يصورون أنشطتهم ورسائلهم وفعالياتهم ( التلاميذي ) ، و كيف أن البعض منهم يتحدثون عن أدوار الجدود من النخب المصرية المناضلة في الخارج إبان أزمنة الاحتلال كالزعيم مصطفى كامل ، وأنهم يواصلون سير نضال الأجداد ، ليعجب على الوقاحة وسذاجة من يدعمونهم بالمال والوظائف والحماية ؟!!
من هم هؤلاء ؟ .. صحفي فاشل شكل حزب أفشل وزور في أوراق رسمية وتم سجنه وانضم لجماعة المرشد ، و أخر معاون لحزب " مرسي " ، و ثالث أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يحدثنا عن ديمقراطية الإخوان وشرعية زعيمهم جالبًا العار لأروع مؤسسة علمية وتعليمية في مصر هو وعدد من أقرانه بعد أن رفعوا راية الإخوان أمام كليتهم وتحت مكتب رئيس الجامعة إبان زمن حكم تلك الفاشية الإخوانية المجرمة ، وغيرهم من النماذج من أساتذة فنون مسرحية وكتاب سيناريو وممثلون فاشلون .. الخ !!!
والقارئ لمظاهر وتاريخ ظهور القومية المصرية في الساحة العامة حديثا في أوائل القرن ال20 وكيف برزت عن طريق المثقفيين المصريين في أوروبا والذين تأثروا بالحضارة والنهضة الأوروبية الحديثة ، بعد أن تبنوا القيم الأوروبية بما يصلح للتطبيق والاستفادة بمعطياتها في المجتمع المصري ، و ينتمي معظمهم إلى التيار الليبرالي إبان سعيهم التحرر من الاحتلال البريطاني ، مما أدى إلى صعود القومية العرقية والأقليمية لمصر والتي اتخذت طابع علماني في ذلك الوقت، وأصبحت القومية المصرية النمط السائد للناشطين المصريين المناهضين للاستعمار الأجنبي للدفاع عن البلاد في فترة ما قبل الحرب.
في مقالة له , نشرها منذ أكثرمن 85 سنة في صحيفة " كوكب الشرق ", يشير عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين إلى الحوار الذي دار بينه وبين موظف فرنسي يعمل في المصلحة المسئولة عن إقامة الأجانب في فرنسا حول مسألة الهوية , وكان أديبنا الراحل مبعوثًا من الجامعة الأهلية ليكمل دراسته في السوربون فرنسا عام1914, فاستدعاه هذا الموظف ليراجع معه أوراقه, وسأله عن جنسيته , وأجاب طه حسين: أنا مصري ! ..غير أن الموظف الفرنسي يعيد عليه السؤال مرة أخري: أسألك عن جنسيتك لا عن البلد الذي ولدت فيه, أنت ولدت في مصر, لكن مصر لا جنسية لها , لأنها ليست دولة مستقلة , وإنما هي ولاية تابعة للسلطنة العثمانية, فأنت إذن لست مصريًا, بل أنت رعية من رعايا السلطان العثماني !
تذكرت تلك المقالة ونحن نتابع إفعال الصغار منا بعد أن صاروا من رعايا السلطان العثماني !!
حول الهوية المصرية وأبعادها أذكر القارئ العزيز بالأعمدة المصرية عند الكاتب التنويري الراحل " د. ميلاد حنا " كما عرضها في كتابه في سبعة مكونات أربع منها تاريخية وثلاث ينتمين إلى عالم الجغرافيا ، وهي كالآتي: العمود الفرعوني ثم اليوناني الروماني ويتداخل معه العمود الثالث وهو القبطي وأخيرًا عمود الإسلام، أما الأعمدة الجغرافيا فهي العروبة وثقافة البحر المتوسط والبعد الأفريقي وهو المستقبل كما يراه " ميلاد حنا " .
يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في العديد من المناسبات الوطنية والثقافية والعسكرية على مفهوم أن مصر في مواجهتها لقوى الإرهاب الظلامية هي تعيش وتواجه " حرب وجود " ، وبالفعل وبالقياس لكل الحروب التي خاضها الشعب المصري كان الأمر يتوقف عند وصفها بحروب لإعادة أرض أو إزالة لآثار عدوان ، ولم نكن في مواجهة عدو يستهدف " الهوية المصرية " بفجاجة وتخلف بهذا القدر المفزع ، فهويتنا علامة ثبات وجودنا التاريخي والإنساني والثقافي والحضاري على هذه الأرض العظيمة وعلى ضفاف النهر الخالد ..