كتب – روماني صبري
"إديث بياف" رحلت منذ زمن ، لكنها لا تزال تعيش في قلوب محبي الأغنية الفرنسية .. أغانيها لا تموت .. أطلق عليها الفرنسيين "لموم" بمعنى الطفلة الصغيرة .. عندما وطأت أقدامها عالم الغناء أصبحت إيقونة عالمية في هذا المجال .
البداية
ولدت إديث جيوفانا غاسيون في أسرة فقيرة ، في 19 من ديسمبر 1915 في العاصمة الفرنسية باريس ، في مدينة بال فيل ، المدينة التي شهدت تدفق اكبر عدد من المهاجرين ، وكان والدها لويس ألفونس جازون، عارض بهلواني في الشوارع ، وأمها من جذور مغربية . بياف فرنسية من أصول ايطالية ، سميت إديث تيمنا بالممرضة البريطانية إديث كافيل ، والتي أعدمها الجيش الألماني بعد أن ساعدت بعض الضباط الفرنسيين على الهروب من المعتقلات أبان الحرب العالمية الأولى ، أما بياف فيعني طائر الدوري في نواحي باريس.
الغناء في الشوارع
تركها والديها وهي في سن صغيرة ، فربتها جدتها من أمها السيدة "عائشة سيد بن محمد ، وبسبب حياة الفقر ، قررت الغناء في شوارع عاصمة النور باريس ، من اجل الحصول على فرنك فرنسي ، كانت تتجول هنا وهنا لجني القليل من المال لتسد جوعها .
بياف ولونها الخاص
لم تهتم بياف بالشكل التقليدي للمطربة ، وارتداء المجوهرات والملابس العصرية الباهظة ، كانت تصعد على المسرح من اجل الغناء فقط ، بفستانها الأسود الطويل، وشعرها المفلفل وصليبها الكبير الذي كان يتدلى من عقدها الطويل الذي كان يزين رقبتها .
الزحام (La Foule)
ومن أشهر أغاني بياف ، أغنية الزحام ، (La Foule) ، والتي عبرت من خلالها عن الحب الضائع الذي يسرقه الزحام ، فتاة تريد أن تعيش حياة سعيدة ، فتجد فتى أحلامها ذات يوما ، ولان الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن يضيع حبيبها بسبب ازدحام الناس في المدينة . حازت الأغنية وقتها على إعجاب الملايين حول العالم ، ولان الفن الحقيقي لا يموت ، لا يزال العالم يستمع للأغنية ، حتى الشباب رغم انتشار الأغاني الشبابية في كل العالم .
La Vie En Rose
البسمة التي اختفت عن وجهه ، هذا وصف بدون تجميل ، للرجل الذي انتمي إليه ، عندما يضمني بين ذراعيه ، ويحدثني بنعومة ، حتى أرى الحياة بلون وردي ، وكانت هذه بعض الكلمات من أغنيتها الأخرى الشهيرة "الحياة بلون وردي" ، اعتبر النقاد الأغنية من أهم الأغنيات التي تحدثت عن الحب من خلال كلمات شعرية جميلة تخطف الآذان ، ويذكر أن أشهر فناني العالم قاموا بغناء هذا الأغنية ومنهم ، داليدا ، خوليو اغليسياس ، اندريه بوتشيلي ، واخرين .
ضعيفة تجاه الرجال
وصرحت بياف ذات يوما ، في إحدى اللقاءات :" عشت حياة فقيرة في منزل جدتي ، والفقر يجعل الإنسان في حاجة إلى العطف والحنان ، وهذا ما جعلني ضعيفة تجاه الرجال ، مضيفة :" اعتقد انه عندما يطلب رجل لقاء امرأة لا يمكنها إن ترفض طلبه .
وتناولت بياف في أغانيها حياة الفتيات الفقيرات اللواتي اضطررن لبيع أجسادهن مقابل الطعام ، ومن هذه الأغاني، ( في شارعي ) ،
الماسي
شهدت بياف بعد الشهرة الكثير من الماسي ، ومنها موت ابنها ، وتعرضها لحادث سير أسفر عن إصابتها بكسور في جميع جسدها ، ما جعلها تدمن المورفين ، الذي وصفه لها الأطباء لتسكين آلامها .
بياف والحب
بعد موت ابنها بفترة وقعت بياف في حب الملاكم الفرنسي الشهير " مارسيل سيردان" ، حيث كانت التقته في الولايات المتحدة ، وذات يوم قرر سيردان زيارتها ، لكن الطائرة التي كان على متنها تحطمت ، ما جعلها تدخل في حالة من الاكتئاب الشديد .
النهاية
أصيبت بياف بتشمع في الكبد وشلل جسدي ، أدى إلى وفاتها عام 1963 عن عمر يناهز آلـ 47 عاما .غنت بياف للحزن والحب والإيمان والله ، وقدمت عدد من الأعمال المسرحية والسينمائية ، ودائما ما عكست أغانيها الحزينة حياة الفقر التي عاشتها في طفولتها والماسي التي لم تتخلى عنها حتى بعد الشهرة والثراء .