شكل تعيين حكومة جديدة في الجزائر، الأحد، مفاجأة للشارع، وسط مخاوف من أن تكون الخطوة التفافا على مطالب الحراك الذي يطالب بتغيير حقيقي منذ 6 أسابيع.

 
وتأججت الاحتجاجات في الجزائر في فبراير الماضي، عقب إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ترشحه لولاية خامسة، لكن تراجعه في وقت لاحق، لم ينجح في التهدئة حيث واظب الغاضبون على الخروج إلى الاحتجاج بشكل أسبوعي.
 
وتعهد بوتفليقة بانتقال سياسي من خلال ندوة وطنية، وفي يوم الأحد، أعلن تعيين حكومة تصريف أعمال يرأسها نور الدين بدوي، واحتفظ فيها رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، بمنصب نائب وزير الدفاع.
 
وبحسب موقع "TSA" الجزائري، فإن بوتفليقة ما كان له أن يعين حكومة جديدة في هذه الظروف لو أنه كان ينوي فعلا بأن يتنحى ويوعز بالسلطة لهيئة رئاسية حتى تتولى الأمور، كما ينادي بذلك محتجون.
 
وجرى استبعاد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية رمطان لعمامرة من الحكومة الجديدة، فيما أسندت حقيبة الشؤون الخارجية إلى صابري بوقادوم.
 
ووصف المصدر الإبقاء على بدوي في رئاسة الوزراء بـ"الخبر السيئ"، وقال إن المفاجأة التي حملها يوم الأحد هو أن الرجل الثاني في الحكومة لم يعد هو نائب رئيس الوزراء، رمطان لعمامرة، وإنما قايد صالح.
 
ودعا قايد صالح، مؤخرا، إلى تطبيق المادة 102 من الدستور الجزائري التي تقضي بشغور منصب رئيس الجمهورية بالنظر إلى الوضع الصحي المتردي ببوتفليقة، لكن الدعوة لم تلق إجماعا في الشارع.
 
وقبل وقت قصير من تعيين هذه الحكومة، تحدث قايد صالح بلهجة شديدة عما قال إنها جهات تعمل على ضرب مصداقية الجيش، وفهم الكلام باعتباره إشارة إلى شخصيات مقربة من الرئيس.
 
ويضيف المصدر أن هذه اللهجة الشديدة من قايد صالح الذي أكد شرعية مطالب الشارع، كانت توحي بأنه لا رجعة في القطيعة التي حصلت بين الجيش والرئاسة، لكن مساء الاثنين، غير أمورا كثيرة.
 
واستطاع قايد صالح أن يحافظ على قبعتين، بحسب المصدر، فهو لا يزال رئيسا لأركان الجيش الجزائري، وفي الوقت نفسه، يشغل منصب نائب وزير الدفاع، وأصبح من الناحية الرمزية الرجل الثاني في الحكومة.
 
ووصف المصدر بقاء القايد صالح في الحكومة بغير المفهوم، بعد الخروج المثير في 30 مارس، لكن الأمر تم بناء على تفاهم محتمل بين رئاسة الأركان في الجيش الجزائري والرئاسة.
 
وأضاف أن الرئاسة ربحت أوراقا وخسرت أخرى في مباحثات تشكيل الحكومة، إذ أخفقت في الإبقاء على رمطان العمامرة لكنها نجحت في الوقت نفسه في الإبقاء على نور الدين بدوي، وهو أحد رجال النظام الأوفياء.
 
وإذا كانت الرئاسة الجزائرية قد تفاهمت فعلا مع رئاسة الأركان في الجيش، فإن سؤالا شائكا يطرح حول موقف الشارع الذي بدأ مساء الاثنين في السخرية من الوجوه المعينة، واعتبره محاولة للالتفاف على مطالبه.
 
ويقول المصدر إن الأمور ستتضح يوم الجمعة المقبل، في ظل توقعات بخروج مسيرات حاشدة للتأكيد على المطالب السياسية، وهو ما يعني أن التفاهم المحتمل بين الرئاسة والجيش قد يواجه اختبارا صعبا.
 
وفي المقابل، يأتي هذا الحديث عن توافق محتمل بين الرئاسة والجيش، وسط توقعات بأن يكون تشكيل حكومة تصريف الأعمال مجرد تعبيد للطريق أمام استقالة بوتفليقة.
 
وذكرت تقارير صحفية في الجزائر أن بوتفليقة يستعد لتقديم استقالته لأن بقاءه في المنصب صار مكلفا لاستقرار البلاد، لا سيما أن الشارع قد أجهض سيناريو العهدة الخامسة وصار يلح على إجراء تغيير حقيقي بعيدا عن استبدال أسماء بأخرى من داخل النظام.