قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (724)
بقلم : يوسف سيدهم
انطلقت جلسات الحوار المجتمعي حول التعديلات الدستورية في الأسبوع الثالث من هذا الشهر وتتواصل لتمتد عبر فترة ستين يوما بما يتيح الفرصة لسائر شرائح المجتمع وتخصصاته المشاركة فيها… استهلت الجلسات بسماع آراء ممثلي مؤسستي الأزهر والكنيسة ثم ممثلي الجامعات ورجال الصحافة والإعلام, وأعقب ذلك مشاركة رجال القضاء وممثلي المجالس القومية والنقابات, وبعدها رجال السياسة والأحزاب, لتختتم برجال الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية والمالية مع الشخصيات العامة وممثلي المجتمع المدني… وأتصور أن الحصيلة التي ستتجمع من جميع هذه الجلسات وما تفرزه من آراء سوف تطمئن الكافة أن التعديلات الدستورية خضعت لآلية ديمقراطية بلورت إدراكا شعبيا بكل بنودها ومهدت الساحة لاستفتاء تعبر نتيجته بشفافية عن احتشاد المصريين وراء نسخة معدلة من دستورهم تحكم السلطات والتشريع في بلدهم لسنين قادمة إلي أن تنشأ حاجة جديدة لتعديل تال.
والمتابع للآراء التي أدلي بها المشاركون في جلسات الحوار لن يخطئ ظاهرة صحية غلفتها وهي اختلاف الرؤي وعدم تطابقها- اللهم إلا فيما يتصل بدور القوات المسلحة التي اعتبرها الجميع الدرع الأمين الواقي لهذا الوطن- ومن المفيد أن نسلط الضوء علي تلك الاختلافات ونتتبع مساراتها نحو الصياغات النهائية التي ستخرج من البرلمان إلي الشعب للاستفتاء عليها… وإليكم نماذج من التعديلات التي نالت نصيبا من اختلاف الرؤي:
** تعديل مدة فترة رئاسة الجمهورية من 4 إلي 6 سنوات: حاز علي تأييد المستشار منصف نجيب سليمان المستشار القانوني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذي أفاد أنه كان قد طالب بذلك خلال مشاركته في أعمال لجنة الخمسين لصياغة الدستور… كما أيد التعديل الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلي للإعلام بل أنه تطرق إلي تعدد فترات الرئاسة التي يحددها الدستور بفترتين حيث طالب بأن تصاغ مادة انتقالية تعطي الحق في فترات متعددة قد تصل إلي خمس فترات متعاقبة طالما أن رئيس الجمهورية يؤدي دوره… بينما اختلف عنه الكاتب الصحفي كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة حيث أيد إطالة أمد فترة الرئاسة لكنه أكد علي أهمية الاحتفاظ بالنص علي فترتين فقط لمدة الرئاسة… واشترك كل من المستشار فريد تناغو رئيس مجلس الدولة الأسبق مع المستشار محمد عيد محجوب مساعد أول وزير العدل في أن تعديل مدة فترة الرئاسة من 4 إلي 6 سنوات يمثل مطلبا شعبيا إزاء استقرار الأمور المرتبطة بالظروف الدولية والسياسية بالمنطقة.
** التعديل الخاص بنائب أو أكثر لرئيس الجمهورية: بينما حظي هذا التعديل بموافقة معظم المشاركين في الحوارات, اعترض عليه الدكتور صبري السنوسي عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة معتبرا أنه لا يوجد داع لوجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية طالما يضع الدستور سلطات مهمة في حقيبة رئيس الوزراء.
** التعديل الخاص بإنشاء مجلس الشيوخ: أبدي نيافة الأنبا بولا ممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تأييده للتعديل معقبا أنه خلال مشاركته في لجنة صياغة دستور عام 2014 وإزاء ترجيح الرأي الخاص بالاكتفاء بمجلس النواب كغرفة واحدة للبرلمان شعر بالإحباط إزاء دفن كيان عظيم ينبض بالحياة وهو مجلس الشوري آنذاك… كما أيد التعديل المستشار منصف سليمان مؤكدا علي منح مجلس الشيوخ في حالة استحداثه صلاحيات تشريعية كاملة لمنع الخلاف بينه وبين مجلس النواب… واتفق معه في ذلك الأستاذ عبدالرحيم علي عضو مجلس النواب ورئيس البوابة نيوز الذي رفض أن تتم إعادة مجلس الشوري دون صلاحيات تشريعية… لكن في المقابل اعترض علي هذا التعديل الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة معتبرا أن مجلس الشيوخ – أو الشوري- لا يوجد دور له في الفترة المقبلة والدولة لا تحتمل خلق تضخم تشريعي بإيجاد غرفة برلمانية ثانية حيث يقوم مجلس النواب بدوره كاملا في التشريعات والحياة السياسية.
** التعديل بتخصيص كوتة محددة للمرأة: تباينت الآراء بخصوص هذا التعديل فبينما أيد تخصيص نسبة 25% من المقاعد البرلمانية للمرأة الأستاذ صلاح الدين فوزي أستاذ القانون الدستوري والدكتور صبري السنوسي والأستاذ مكرم محمد أحمد والأستاذ عبدالرازق توفيق رئيس تحرير الجمهورية والكاتب الصحفي خالد صلاح والأستاذ عبدالمحسن سلامة, اعترض عليه الأستاذ عبدالرحيم علي والأستاذ وجدي زين الدين رئيس تحرير الوفد باعتبار أن تحديد نسب مسبقة للمرأة -والأقباط والعمال والفلاحين والشباب وباقي الفئات التي جاءت في التعديل- يجب أن يكون محكوما بفترات محددة وليس دائما حتي لا تصبح تلك الفئات فئات مستثناة وبحيث تترك الحرية الكاملة للعملية الانتخابية… أما فوق ما يتضمنه التعديل فقد طالبت مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة بأن تتغير نظرة المجتمع للمرأة وأن تعطي نصف مقاعد البرلمان باعتبارها مشاركة بالنصف مثلها مثل الرجل في جميع أنشطة المجتمع.
*** إلي اللقاء في حلقة أخري حول الحوار المجتمعي للتعديلات الدستورية سعيا لبلورة وعي وإدراك وقناعة شعبية قبل الذهاب لصندوق الاستفتاء.