بقلم: مايكل فارس
يعشق قرأه التاريخ وذات يومٍ قطع عهدًا على نفسه أن يقرأ تاريخ العالم منذ بدء الخليقة حتى العصر الحديث ولكنة لم يوفي بعهده تجاه نفسه.
مرت لحظات من العمر قرأ خلالها قطعًا متناثرة من تاريخ الحضارات القديمة؛ مثل الحضارة المصرية والرومانية واليونانية والفارسية وتاريخ العرب والمسلمين، واستوقفتة كيفية اضمحلال الحضارات والدول العظمى في التاريخ؛ وتسائل كيف لحضارة عظيمة أن تضمحل وتنتهي لتقوم أخري علي انقاضها...إنة الاضمحلال وليس الموت ( فالحضارات لاتموت)
وسأل نفسة هل معايير اضمحلال الحضارة أو الدولة يمكن أن تكون ذاتها معايير لاضمحلال الإنسان؟.
هل ازدهار واضمحلال الحضارات قد تكون ذاتها عوامل قيام وسقوط الإنسان؟
كان يسمع كثيرًا عن مقولة "الأيام دُوَل"؛ لم يُدركها أو لم يتفاعل معها بل كان يؤمن تمامًا بإعتقادة الشخصي وهو أن "الأشخاص دُوَل".
"الأشخاص وليست الأيام".. هكذا يعتقد كاتب تلك السطور؛ مرت لحظات من العمر واعتقادة يترسخ يومًا تلو الآخر؛ لقد اعتقد مبكرًا أن الانسان كالدولة تمامًا؛ عوامل قيام وازدهار ونضوج بل وإنهيار وإضمحلال إحدي الحضارات أو الدول العظمي نفسها تنطبق على "الإنسان".
وقرأ يومًا أجزاءً مما كتبة الفيلسوف ابن خلدون عن أهم عوامل اضمحلال الحضارات وهي "الرخاء والاستقرار" حيث أن ملوك الدولة وجيوشها في عهد شبابها يكونون أشد بأسًا وأكثر عزيمة، ولكن بعد الاستقرار تعم الخيرات لتظن "الدولة" إنها في حال استقرار دائم ويعم الترهل علي الممسكين بمقاليد الحكم وينعكس ذلك على الجنود.
في ذلك التوقيت تظهر قوي فتية لم تنعم بالاستقرار ولا الرخاء وتطمح له؛ فتسعي جاهدة للحصول عليه؛ وفي حال نشوب حرب بين (المستقر والطامح) فالمنتصر هو القوي الغير مترهل.
بدء يعقد المقارنات بين(الدولة والإنسان) من حيث معايير الازدهار والاضمحلال (للدولة) والقوة والسقوط (للإنسان)؛ وفق المعايير التي وضعها ابن خلدون عن الدولة في محاولة منه لتطبيقها علي الإنسان.
وقام بوضع معايير أخرى متضمنة بعض أفكار لـ" ألفرد إدلر" أحد أهم علماء النفس والتي تحدث خلالها عن "سيكولوجيا الإنسان في الحياة" خاصة في أحد كتبه والذي حمل عنوان "فهم الطبيعة الإنسانية؛ وقام بربط المعيارين الفلسفي لــ"ابن خلدون" والنفسي لــ"ألفرد إدلر" ودمجهما فيما قرأة من التاريخ.
ليكتشف نتيجة جديدة شكلت اعتقادًا شخصيًا جديدًا في حياته أطــلــق عليه "الإنــــســان الــدولــة".
قام بتقسيم "الإنسان الدولة" إلى شقين الأول؛ الحدود السياسية؛ وهي "شخصيته والتي تبدء من أفكاره"، وثانيها؛ الحدود الجغرافية وهي "جسده المادي".
يرى أن الدول أنواع؛ منها القوي والضعيف والمتوسط ودول عدم الانحياز، وهكذا الإنسان منهم القوي والضعيف والمتوسط بنفس معايير قيام وسقوط وازدهار واضمحلال الدولة،
دولة عظمي مثل الولايات المتحدة الأمريكية حدودها السياسية (حدودها الشخصية في الإنسان الدولة) لا تنتهي بحدودها الجغرافية (الجسد المادي في الإنسان الدولة) لا؛ بل إن أي تحرك عسكري في كوريا الشمالية أو العراق أو أفغانستان أو وإيران هنا بدءت حدودها السياسية تهتز، ولابد لها من موقف رادع؛ لانها لن تنتظر خطرًا ما يُشكل حدودها الجغرافية فهي تسعى جاهدة لتأمين حدودها السياسية ونفوذها في العالم الذي يمتد كمرادف لقوتها؛ عكسها الدول الضعيفة (الأشخاص الضعاف) التي ترى حدودها السياسية (قوتها الشخصية) هي الحدود الجغرافية (الجسد المادي للإنسان الدولة) مثل السودان ودول الخليج التي لا تهتز إلا عند مساس حدودها الجغرافية، وتنسحب قوتها السياسية وتنحصر علي أعتاب الحدود الجغرافية.
غدًا.. الإنسان الدولة_ الجزء الثاني