الجزائر: نصف صفقة+ نصف انقلاب = الحل
سليمان شفيق
الاربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٩
سليمان شفيق
الجزائر أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة ويربو عدد سكانها على 40 مليون نسمة. وهي منتج رئيسي للنفط والغاز وعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومصدر رئيسي للغاز إلى أوروبا.
وتنظر دول الغرب للجزائر على أنها شريكة في مكافحة الإرهاب، وتلعب دورا عسكريا مهما في منطقة شمال أفريقيا والساحل الأفريقي وتبذل جهودا دبلوماسية في الأزمات في مالي وليبيا ، كما تدعم الجزائر جبهة البلساريو .
تري كيف سيكون الوضع في الجزائر بعد طلب قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بإعلان منصب الرئيس شاغرا ما يعني تفعيل المادة 102؟ هو إقرار بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عاجز عن أداء مهامه.
قائد الجيش الجزائري لم يتردد في التأكيد على أن مطالب الشعب مشروعة.
أسئلة كثيرة تطرح الآن بانتظار اجتماع البرلمان بغرفتيه وإعلان حالة العجز وتكليف رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بتولى منصب القائم بالأعمال لمدة 45 يوما.
كيف ستدار المرحلة الانتقالية؟ وأي دور سيلعبه المجلس الدستوري؟ كيف ستتفاعل أحزاب المعارضة وأيضا الحراك مع هذا الموقف الذي جاء بعد أكثر من شهر من بداية الاحتجاجات؟
اسئلة كثيرة تدور في الجزائر وفي المنطقة والعالم ، تري الجزائر الي اين ؟
ايضا رئيس الحكومة السابق وأمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى يدعو لاستقالة بوتفليقة.
في نفس التوقيت وضعت مجموعة من الأحزاب المعارضة والنقابات في الجزائر "خريطة طريق" تتضمن مرحلة انتقالية من ستة أشهر، بهدف الخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد على خلفية قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الاستمرار في حكم البلاد، من المعروف ان ولاية بوتفليقة تنتهي في 28 أبريل المقبل، واتفقت أحزاب معارضة ونقابات على مقترح ببدء فترة انتقالية من ذلك اليوم وتتضمن خريطة الطريق تشكيل "هيئة رئاسية" تدير شؤون البلاد وتتكون من "شخصيات وطنية مشهود لها بالمصداقية والكفاءة"، وتنص الوثيقة التي أطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية على أن أعضاء الهيئة لا يجوز لهم أن يترشحوا في الانتخابات الرئاسية المقبلة أو أن يدعموا أي مرشح، وحضر اللقاء علي بنفليس أبرز خصوم الرئيس والذي شغل منصب رئيس وزراء بوتفليقة بين العامين 2000 و2003 قبل أن ينقلب عليه وينضم للمعارضة، وحركة مجتمع السلم، أبرز حزب إسلامي في الجزائر، وتعرضت الأحزاب السياسية في الجزائر للتهميش خلال الاحتجاجات الأخيرة التي قادها طلاب غاضبون من الأوضاع السياسية في البلد العربي الواقع في شمال أفريقيا.
وتأتي هذه المقترحات غداة مظاهرات حاشدة جرت للأسبوع السادس على التوالي في ولايات البلاد جميعها تقريبا، للمطالبة بتنحي بوتفليقة ومساعديه و"النظام" الحاكم في الجزائر.
انتشرت الدعوات للاحتجاجات بعد أن تأكد ذلك في العاشر من فبراير إذ بدأت المسيرات الحاشدة في 22 فبراير ، وتصاعدت الأعداد خلال الجمعتين التاليتين. واتسعت رقعة الاحتجاجات بعد أن تخلى بوتفليقة عن خططه للترشح لكنه لم يتنح، مما أثار تكهنات بأنه سيبقى في السلطة لبقية العام
وعلى نطاق أوسع، استفادت الاحتجاجات من الإحباط الذي يسيطر على ملايين الجزائريين الذين يشعرون بأنهم مستبعدون سياسيا واقتصاديا، فضلا عن استيائهم من نخبة شاخت في مواقعها منذ سيطرتها على مقاليد الحكم في الجزائر عقب الاستقلال عن فرنسا عام 1962.
منذ عام 1999 أصبح بوتفليقة رمزا لجيل الاستقلال الذي يتشبث بالسلطة، وأشرف بوتفليقة على عودة الاستقرار بعد حرب أهلية في التسعينيات، لكن في عقده الثاني في السلطة كان قعيدا وغائبا تقريبا عن الحياة العامة.
وتعثرت خطط تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط في نظام متصلب يرى كثيرون أنه فاسد وتمزقه المحسوبية
استمر بوتفليقة في الحكم بعد ان فقدت الجماعات الإسلامية الرئيسية مصداقيتها بسبب الحرب في التسعينات، وإلى جانب ذلك جرت استمالة المعارضة الليبرالية ثم استبعادها عندما انتهت الحرب، ومع ترسيخ حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم أقدامه في السلطة، بدأت تسود البلاد حالة من اللامبالاة السياسية وتراجعت نسبة المشاركة في الانتخابات، وعندما اجتاحت المنطقة انتفاضات عام 2011، استخدمت الجزائر الإجراءات الأمنية المشددة وأموال النفط لتجنب الاحتجاجات.
لكن تري من يدير الجزائر ؟ الحقيقة لم يظهر بوتفليقة في مناسبات العامة إلا نادرا منذ تعرضه لجلطة في عام 2013، لكنه بحلول ذلك الوقت كان قد همش القادة العسكريين الذين أوصلوه إلى السلطة. وترك الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق رئاسة المخابرات العسكرية في 2015. وكان ينظر للرجل على نطاق واسع على أنه مركز القوة الحقيقي في الجزائر، وفي حين ظل الجيش أقوى مؤسسة في الجزائر، زاد نفوذ حاشية الرئيس، بمن فيهم شقيقه الأصغر سعيد. كما استفادت نخبة صاعدة من رجال الأعمال من زيادة إيرادات النفط.
لكن تري ما هي السيناريوهات المحتملة ؟ أعلن بوتفليقة أن مؤتمر وطنيا مستقلا وشاملا سيضع دستورا جديدا ويحدد موعدا للانتخابات على أن يختتم عمله بحلول نهاية العام. وتشكلت حكومة جديدة مؤقتة من الخبراء، لكن هذه الخطة أصبحت موضع شك بسبب ضعف موقف بوتفليقة. فالمتظاهرون يريدون منه التنحي عندما تنتهي فترة ولايته ومدتها خمس سنوات في أبريل ويقولون إن هدفهم مواصلة الضغط ومنع تسلل "نظام بوتفليقة "
وقال رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إن على الجيش أن يتحمل مسؤولية حل الأزمة لكنه يترقب الموقف حتى الآن. والجيش أكثر ترددا في التدخل مباشرة عن الماضي. وكان قرار الجيش إلغاء الانتخابات البرلمانية عام 1992 التي كان الإسلاميون على وشك الفوز فيها، قد أطلق شرارة الصراع الذي خلف ما يصل إلى 200 ألف قتيل.
وفي ظل تراجع التيار الإسلامي، قد يأتي زعيم جديد من التيار السياسي الرئيسي. ومن بين من برزوا كقادة للاحتجاجات رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور والناشط الحقوقي والمحامي مصطفى بوشاشي.
يحاول المحتجون الحفاظ على السلمية. ويساورهم القلق منذ البداية من أن تدفع فصائل داخل قوات الأمن المحتجين إلى العنف لتشويه سمعتهم أو من أن تنحى المظاهرات منحى عنيفا عندما لا تتم تلبية مطالب المحتجين.
ثمة تحد آخر يتمثل في العثور على قادة يتمتعون بخبرة كافية ودعم واسع النطاق في ظل افتقار من خدموا في عهد بوتفليقة للمصداقية في أعين المحتجين
ويخشى المحتجون أن تتطلع الفصائل التي تمسك بالسلطة وشبكات المحسوبية المرتبطة بها إلى البقاء حتى عندما تتخلى عن بوتفليقة. ويعتقد معظم المراقبين بأنه عندما يترك بوتفليقة وجماعته السلطة، سيبقى النظام.
وهكذا انتهت تقريبا سطوة القوي المدنية ، وابعد الارهاب والخوف من الدماء الشعب عن الاسلاميين ولم تبقي الا الجيوش لحماية الاوطان .