الأقباط متحدون - احتلال من نوع جديد
  • ٠٨:٥١
  • الجمعة , ٢٢ مارس ٢٠١٩
English version

احتلال من نوع جديد

د. رؤوف هندي

مساحة رأي

٥٥: ١٢ م +02:00 EET

الجمعة ٢٢ مارس ٢٠١٩

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
بقلم دكتور رؤوف هندي
بدأت ألاحظ الظاهرة لدى رفيقة عمرى هكذا بدأ صديقي كلامه معي ونحن نرتشف سويا فنجان قهوة في جروبي وفي نبرة صوته ألم وحيرة فقال وجدت أنمساحات التواصل بيننا وصلت إلى أدنى مستوياتها فحزنت بشدة بدأت أفكروأنظر للأمر من جوانبه المختلفة إلى أن شاهدتُ برنامجا فى «CNN» لكريستيان أمانبور. هى إعلامية مرموقة شهيرة حاورت أهـم الشخـصيات فى العالم وكان بـرنامجها هذه المرة عن مـوضوع الـتواصل الاجتماعى حيث استضافت البروفيسير مايكا ادليناس المتخصص في آثار وآبعاد التواصل الإجتماعي من خلال التقنيات الحديثة وكيف أثرتء تلك التقنيات على العلاقات الأسرية والمجتمعية بشكل خطيروتحولت إلى نوع من الإدمان يصعب الفكاك منه فمن خلال تليفونك أو ساعة يدك أصبحت تلك المنظومة تحدد لك المكان الذى تقف فيه. أسهل الطرق التى تسلكها للمكان الذى تقصده. ترصد لك مرات التردد على الأماكن المختلفة. تحدد موقع منزلك وعملك. تُطْلِعك على درجة الحرارة ومستوى الرطوبة. عدد الخطوات التى تمشيها. وغيرها من الخدمات التى لا تتخيلها. لكى تتواصل مع كل هذه الاستخدامات. على الإنسان أن يكون أحد عناصرها وألحقيقة أن التليفونات المحمولة الحديثة بما تتضمنه من برامج وإمكانيات أصبحت ظاهرة خطيرة للغاية فهو نوع من الإدمان. لدرجة أنه عندما يأتى إليك أولادك أو أحفادك فى الإجازات الأسبوعية ويتجمعون من حولك. يتواجدون بالجسد فقط ولكن عقولهم جميعاً فى مكان آخر. كل منهم مُنْكَبّ على هاتفه مستغرق فى مـتابعة شىء ما دون ادنى إكتـراث بمشاعر من حوله وهكذا باتَ الحال بين اعضاء الأسرة الواحـدة بما فـيهم الزوج والزوجة لذا تأثـرت العلاقات الإنسانية بكل قيمها العليا من محبة ومشاركة وآخاء ورومانسية بل باتت تلك المفاهيم عند البعض شبه معدومة تماما والامر لاعلاقة لـه بالسن أو المكانة الإجتماعية فمنذ عدة ايام تقابلت مع صديق لي أحد الكُتاب كبير السن والمقام انشغل بمتابعة هاتفه المحمول. يتابع الأخبار والمستجدات من خلال المواقع الإلكترونـية المختـلفة وفي خلال ساعة من لقائنا نظرإلى تليفونه أكثر من 22 مرة واندهشت جدا فـكيف لرجل عـاش طوال حـياته دون هذه الاستخدامات الحديثة للتـكنولوجيا فـجأة أصبح متوحـداً معها وهذه المغالاة فى التعامل مع الهواتف المحـمولة والإنترنت يجب أن تستحدث معها آداب استخدامها ليس فقط لأنها تزعج مَن حولك أو تتسبب فى عدم التركيز مع مَن تجالسهم أوعدم الاهتمام بـهم ولكن أيضاً حتى لا نـتركها تستولى علينا وتحتلنا. هو احتلال من نوع جديد لم يخطر ذات يوم على البال ولكنه احتلال في غاية الخطورة وسيؤثر تأثيرا بالغا على قيم المحبة والتواصل والتفاعل والتماسك بين أفراد الأسرة والأصدقاء والأحباب وحينها سيتحول البشر لمجرد كيانات باردة لا إحساس ولا تماسك حقيقي بينها فكيف تستوي الحياة هكذا ؟ ومع كل تلك السلبيات التي انعكست على علاقات افراد الأسرة ولكن علينا الأعتراف بالإيجابيات الكثيرة لوسائل الاتصالات الحديثة في حياتنا وأهمها الحصول على المعلومات بشكلٍ سريع وسهل وخاصّة المعلومات المتعلّقة بالأشخاص أوالمصطلحات الاكاديمية وخاصّة بعد انتشار اسـتخدام وسائل الاتـصال الاجتماعي التي تفـرض عليك تعبئة بعض المعلومات الشخصيّة الخاصّة بك عند إنشائها كالفيس بوك أو تويتر ولذلك انعدمت فرصة الآمان الكامل لمستخدميها وأصبح من غير الـممكن المحافظة على السرية والخصوصية لأي إنسان وخلاصة القول يجب ان يكون هناك توازن عـقلي وإنـساني في استخدام تلك التقنيات الحديثة وهذا يحتاج لجهد وتدريب وإرادة ورغبة وإلا سيتحقق ماتنبأ به العبقري إينشتاين حين قال ( أخاف من الـيوم الذي تـتـفوق فيه التكنولجيا على التفاعـل والترابط البشري الإنساني وحينها سيتحول العالم إلى جـيلٍ وأحيالٍ من الحمقى )
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد