كتبت – أماني موسى
يمتلئ التاريخ العربي بالكثير من الرجال الذين أثروه وأثروا في أحداثه ومجرياته، من بينهم شكري القوتلي واحد من أبرز دعاة الوحدة العربية في العصر الحديث، وأحد أبطال التحرر في العالم العربي، وقادة حركة المقاومة ضد الاستعمار، الرئيس السوري للجمهورية السورية الأولى بين  1943 – 1949 ثم 1955 – 1958.. نورد بالسطور المقبلة بعض المعلومات عنه وعن حياته ومسيرة إنجازاته.

خلص سوريا من الاستعمار العثماني
شكري القوتلي ظل رمزًا للمقاومة والصمود ضد المستعمر العثماني الغاشم، ولم يخشى السجن ومحاولات التهديد والترهيب، كما لم ترهبه ظلال المشنقة التي كان سيساق إليها ثلاث مرات، حتى نالت سوريا استقلالها، وأصبح القوتلي أول زعيم وطني تولى رئاسة الجمهورية السورية


نشأ في دمشق وتربى في مدرسة يسوعية
وُلد شكري القوتلي في 6 مايو 1891 وكان أول رئيسٍ لسوريا بعد الاستقلال، وتعرض للتعذيب والسجن ومحاولات الإعدام على يد المحتل العثماني، إلا أن هذا كله لم يثنه عن هدفه.

نشأ القوتلي في دمشق وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة يسوعية في العاصمة، ثم درس المرحلة الإعدادية في مدرسة مكتب أنبار في الحي اليهودي في دمشق القديمة.

درس بجامعة تركية وعاد للخدمة المدنية العثمانية المتواجدة في سوريا
حصل على البكالوريوس عام 1908 وانتقل إلى اسطنبول، حيث درس العلوم السياسية والإدارة العامة.

تخرج القوتلي من جامعة "Mekteb-i Mülkiye" التركية عام 1913 ثم عاد إلى بلده سوريا، وبدأ العمل في الخدمة المدنية العثمانية التي كانت موجودة آنذاك.


أسرته كانت تؤيد العثمانيين بينما هو عارضهم
الغريب في الأمر أن القوتلي نشأ في أسرة تؤيد الحكم العثماني لسوريا، وذلك لعلاقات جمعت بين العائلة والدولة العثمانية.

أيّد القوتلي حزب الاتحاد والتقدم ضد عبد الحميد الثاني في عام 1909 أثناء الانقلاب العثماني، لكنهم فشلوا، وقامت تركيا باستبدال كل العرب في كافة المناصب بأتراك.

Image result for ‫شكري القوتلي أول رئيس سوري‬‎

بدء الصدام مع الأتراك وسجنه وفصله من وظيفته
ومن هنا بدأ القوتلي صدامه مع السلطات التركية، وذلك أثناء قدوم حاكم سوريا في ذلك الوقت ويدعى جمال باشا إلى مكاتب محافظة دمشق، ورفض القوتلي إتباع البروتوكول بالانحناء للحاكم وتقبيل يده، فتم سجنه فورًا ولكنه خرج بعد عدة أيام بعد وساطة أسرته لدى الأتراك، إلا أنه تم فصله من وظيفته كعقاب له.

بعدها انضم القوتلي إلى منظمة سرية تأسست في باريس في عام 1911 تدعى منظمة الفتاة، تدعو إلى الاستقلال والوحدة بين الأراضي العربية في الدولة العثمانية.

وفي عام 1913 كان هناك فرع لهذه المنظمة في سوريا ولاقت انجذاب من عدد كبير من السوريين خاصة من النخبة.

لكن السلطات العثمانية سرعان ما علمت بهذه المنظمة والاجتماعات السرية، فقامت باعتقال القوتلي وتعذيبه، ولكنه لم يعترف بشيء وتم إطلاق سراحه، وبعد الإفراج عنه ذهب إلى منزله في صيدنايا موقفًا جميع الاتصالات مع أعضاء جماعة الفتاة والمعارضة.

حتى تم اعتقاله مرة أخرى بسبب رفضه مساعدة فصيح الأيوبي بتأمين طريق الهروب لوالده المريض، ومن شدة التعذيب الذي تعرض له حاول الانتحار داخل السجن من خلال قطع شرايين يديه، وتم إنقاذه من قبل زميله بالسجن.

بعدها توسط له شقيقه والذي كان نائبًا في البرلمان العثماني وتم خروجه من السجن بكفالة أخيه، إلا أن قصة انتحاره جعلن منه بطلًا قوميًا سوريًا في أعين السوريين.

الزعيم جمال عبد الناصر بين الرئيس السوري شكري القوتلي و السيد أنور السادات

تعيينه مساعد لمحافظ دمشق ودخول قوات سعودية وبريطانية لتحرير سوريا من قبضة الأتراك
ثم عُين شكري القوتلي في السادسة والعشرين من عمره مساعدًا لمحافظ دمشق علاء الدين دروبي في فترة دخول الجيش العربي بقيادة الأمير فيصل والجنرال البريطاني تي. أي. لورنس إلى دمشق لتحريرها من الحكم العثماني، وأصبح الأمير فيصل مسؤولًا عن الأراضي المحررة واستلم الحكم في تلك الفترة.

أول رئيس للبلاد
وقد استغل شكري القوتلي علاقاته مع المملكة العربية السعودية في تمويل الثورة السورية الكبرى التي حصلت بين عامي 1925-1927
أصدرت السلطات الفرنسية بعد ذلك العفو العام عن القوتلي في عام 1930 وعاد إلى سوريا وأصبح تدريجيًا القائد الرئيسي للكتلة الوطنية وانتُخب رئيسًا لسوريا في عام 1943، محققًا استقلال البلاد بعد 3 سنوات من استلامه للحكم.


وفاته عقب يومين من النكسة
بعد انقلاب البعث في 8 مارس 1963 صودرت أملاك القوتلي وغادر إلى بيروت حيث اعتزل العمل السياسي، واستمر في دعم جمال عبد الناصر، ليموت بعد أيام من هزيمة مصر في حرب 1967.

نُقل جثمانه إلى دمشق، وصليّ عليه في جنازة غير رسمية في الجامع الأموي، قبل أن يوارى الثرى في مقبرة باب صغير.

الرئيس شكري القوتلي وأفراد أسرته في بيروت 1966. من الشمال: هدى، محمود، شكري القوتلي، حسن، بهيرة الدالاتي، هالة، هنا