سعيد الشحات يكتب ذات يوم.. غناء «نجاة» قصيدة لمحمود درويش تخفى قصة حبهما
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٩
سعيد الشحات يكتب ذات يوم.. 19 مارس 1971م..
سعيد الشحات..
هذه أول قصيدة كتبها شاعر المقاومة الفلسطينية «محمود درويش» منذ وصوله إلى القاهرة، أعطاها لـ«المصور»، وقد بدأ الأستاذ محمد عبدالوهاب، فى تلحين هذه القصيدة لكى تغنيها «نجاة لأول مرة فى الحفلة التى تقام لصالح المقاومة الفلسطينية». هكذا كتبت مجلة «المصور» الأسبوعية «دار الهلال- القاهرة» فى عددها الصادر يوم 19 مارس، «مثل هذا اليوم» 1971، مع نشرها «قصيدة» أغنية «حب فلسطينية» لمحمود درويش، وحسبما يؤكد الشاعر «أحمد الشهاوى» فى «سنوات محمود درويش فى مصر»: «لم نعرف أغنية لنجاة بهذا الاسم، ويبدو أن محمد عبدالوهاب لم يتم اللحن، أو يشرع فى التلحين، وكانت رغبة منه أو أمنية لا أكثر، ولم تتحقق».
وإذا كان الكلام المنشور حول هذه القصيدة يأتى من باب «التلحين» و«الغناء» و«التأليف»، إلا أنه كان يعبر عن قصة أخرى تدور فى الخفاء بين «الشاعر» و«الفنانة»، وتبدأ من حيث مجىء محمود درويش إلى القاهرة يوم 9 فبراير عام 1971، وحسب «الشهاوى» فإن «القاهرة كانت أول مدينة عربية تطأها قدماه، وعقد ظهر يوم الخميس 11 فبراير مؤتمرًا التقى فيه بالكتاب والأدباء والشعراء والفنانين والصحفيين والمراسلين العرب والأجانب فى مبنى الإذاعة والتليفزيون بالقاهرة، وقدمه محمد فائق وزير الإعلام المصرى وقتذاك».
جاء درويش، بعد عام كامل قضاه فى موسكو للدراسة وأحاط وصوله «موجة من الدهشة والإحساس بالمفاجأة» بوصف «رجاء النقاش» فى كتابه «محمود درويش شاعر الأرض المحتلة» «دار الهلال- القاهرة»، وحسب «الشهاوى» فإن محمد فائق وزير الإعلام قام بتعيينه مستشارًا ثقافيًا لإذاعة «صوت العرب» عقب وصوله ونشر القرار يوم 14 فبراير 1971، وفى يوم 18 إبريل نشرت الأهرام أنه يكتب الآن قصة سينمائية عن الأرض المحتلة، رشح لبطولتها سعاد حسنى، ولإخراجها «شادى عبدالسلام»، وسيؤلف أيضًا أغانى الفيلم، ويعلق «الشهاوى»: «طبعًا لا قصة كتبها محمود ولا أغنيات ألفها، كانت مجرد أمنية، أو حوار ذات مساء قاهرى مع رفقائه وأصدقائه».
فى هذا السياق يأتى الكلام عن «قصيدة حب فلسطينية» وغناء نجاة لها، وفى جانبه غير المعلن، أن قصة حب جمعت بين «درويش» و«نجاة»، ويرويها الكاتب الصحفى الفلسطينى عبدالبارى عطوان، فى مذكراته «وطن من كلمات» وكان إصدارها محورًا لحوار أجراه معه الشاعر والإعلامى اللبنانى زاهى وهبى فى برنامج «بيت القصيد- قناة الميادين»، وفيه روى القصة كما رواها له «درويش»، مؤكدًا أن «درويش» كان شاعرًا عالميًا، وكان بينهما وقت أن كان «درويش» يقيم فى باريس «ثمانينيات القرن الماضى»، ويقيم هو فى لندن اتصالًا يوميًا الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ويستمر أكثر من ساعة.
يؤكد «عطوان»، نعم كانت هناك علاقة حب جمعت بينهما، ويقول: «هى قصة طريفة رواها لى محمود، وأعتقد أنه رواها لأصدقاء آخرين وهى، أنه بعد أن حضر إلى القاهرة قادمًا من موسكو»، أقام فى فندق «شبرد» المطل على النيل، وفى كل يوم كان يأتيه سلة ورد على غرفته، عليها كارت يحمل توقيع: «مع تحياتى، نونا». يعلق «عطوان»: «كان درويش، شاب، دنجوان، محبوب من النساء»، ويضيف: «مع استمرار إرسال الورد، ذهب درويش إلى صديقه الكاتب الصحفى «أحمد بهاء الدين» وحكى له، متسائلا: «مين نونا؟»، فرد «بهاء»: «ممكن تكون ناعسة، ناريمان، نيللى، أنت وحظك، وأنا مقدرش أتوقع مين نونا دى».
بقى الحال على هذا النحو أيام أخرى، حتى تلقى «درويش» تليفونًا، وحسب «عطوان»: كان الصوت ناعمًا ورقيقًا وسألته صاحبته: «أكيد أنت عايز تعرف مين نونا؟، بكرة الساعة 12 هحضر أمام الأوتيل بسيارة».
وفى الموعد المحدد وجد محمود درويش سيارة تغطى ستائر سوداء نوافذها الخلفية، ولما انفتح باب السيارة فوجئ بالفنانة نجاة تنزل منها، وكانت هى «نونا»، يؤكد عطوان على مسؤوليته أن علاقة حب رومانسية جمعت بينهما، ويقول فى مقال له بعنوان «محمود درويش الذى عرفت» «دنيا الوطن- 11 أغسطس 2008».
«كان يكره القيود ولهذا لم يتزوج ثالثة «الأولى رنا قبانى ابنة شقيق الشاعر نزار قبانى، والثانية حياة ابنة عصام الحينى وكيل وزارة الثقافة المصرية، وعقد قرانه عليها فى بداية نوفمبر 1984»، كان يكره أن تشاركه امرأة فى حياته، وكان يفضل دائمًا أن يكون سريره مملكته، كان يحب الحديث عن النساء ومغامراته، وفى إحدى المرات سألته: كيف تطلق فلانة بعد ستة أشهر وبهذه السرعة؟، فأجاب: «وهل تعتقد أن ستة أشهر فترة قصيرة، طولت أكثر من اللازم»...............!!