الأقباط متحدون - ثروت الخرباوي: أريد أن أرى الله
  • ٠٩:٥٣
  • الثلاثاء , ١٩ مارس ٢٠١٩
English version

ثروت الخرباوي: أريد أن أرى الله

أماني موسى

تويتات فيسبوكية

٢٧: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٩

الكاتب والمفكر ثروت الخرباوي
الكاتب والمفكر ثروت الخرباوي

كتبت – أماني موسى
قال الكاتب والمفكر ثروت الخرباوي، لكل شيء بداية، ولكل شيء نهاية، الحضارات والأمم والجماعات تبدأ ثم تفنى، والكائنات تولد ثم تموت، وليس من شيء يسير تحت الشمس إلا وله دفقات قوة وعنفوان، وله خفقات ضعف ومرض، هذا هو تقدير الله العليم الحكيم، أما الأمم أو الجماعات فإنها ليست أوعية فارغة، إذ فيها بشر تستمد فتوتها وخيريتها منهم، فإن أحسنوا أحسنت، وإن شمخوا شمخت، أما إذا أساءوا فكرًا وقولًا وعملًا أساءت، وإذا تدنوا تدنت وعاشت بين الحفر، سيان كانت تلك الأمة أو الجماعة، مسلمة أو غير ذلك، هذه سنة الله في كونه قدرها تقديرًا.

وتابع الخرباوي في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك، أما بدايتي في هذا العالم فقد كانت من حيث المشاعر، وقد لا يعنيك أن تعرف عنى إلا ما يُعينَك على فهم تجربتي في الحياة، ورغم أن تجربتي هي تجربة رجل من أغمار الناس، دخل وهو بعد في مرحلة الطفولة المبكرة إلى عالم التدين الصوفي البسيط الذي لا تحكمه وتتحكم فيه إلا المشاعر، ثم انحرف به المسار ليدخل إلى قلب جماعة الإخوان.

ثم عاش فيها فترة يبحث عن الله وهو يظن أن تلك الجماعة هي «بيت الله» وطالت رحلته فيها للبحث عن الله وهو غافل العمر كله عن أن الله، جل فى علاه، ليس بضاعة تمتلكها جماعة أو أمة، هو نور السماوات والأرض، عرفناه ونحن فى عالم الذر عندما كنا ذرات في ظهر أبينا آدم، وعندما عرفته روحي ذاقت حلاوة القرب، وعندما أتيتُ إلى هذه الحياة الدنيا كنتُ «أحمل الله» سبحانه في فطرتي، وما زالت «ذكرى» حلاوة معرفتي به عالقة بفؤادي، ومن وقت أن بدأت أعي الحياة وأنا في بحث دائم عن الله، وفى شوق دائم للمعرفة.

مستطردًا، عندما أحضر أبى، رحمة الله عليه، الشيخ «محمد عثمان» لأحفظ على يديه ما تيسر من القرآن، كنت لا أزال «لحمًا طريًا» ولكن هذا اللحم الطري كان شغوفًا بالمعرفة، ولا أعرف لماذا أستعيد دائمًا ذكرى ذلك اليوم البعيد حينما كنت في بداية الرابعة من عمري؟ ففي هذا اليوم كان الشيخ «محمد» يقرأ أمامي سورة «المُلك» وعندما قرأ الآية الثانية منها «الذى خلق الموت والحياة» استوقفته وقلت له بلساني الذي لم يكن قد أتقن حرف الباء
بعد: عاوز "أعيف" أعرف يعنى إيه موت»؟
ـ ألم تسمع عن الموت من قبل؟

كان ذكر الموت يأتي عرضًا في أحاديث البعض ولكنني لم أكن أتوقف عنده، ولكن ذكره كان يخيفني ويجزع قلبي، يومها شرح لي الشيخ محمد طبيعة الحياة، ومن هو أبونا آدم، وأن الموت هو نهاية كل حي، ثم استطرد: الحمد لله، النسيان رحمة من الله، وما سمى الإنسان إنسانًا إلا لأنه ينسى، ثم قرأ لي من القرآن «ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما» أخذت أستحثه كي يروى لي المزيد من قصة آدم وحواء، فروى لي الكثير، ثم قال: وبعد أن نزل آدم إلى الأرض أصبحت ذريته مثله، تنسى، والنسيان رحمة من الله.

سألته: ومن الذي جعله ينسى؟
ـ الله.

ـ ولماذا عاقبه إذن على النسيان؟.
ـ ومن قال إن الله عاقبه؟.
ـ ألم يطرده من الجنة؟.

ـ لا لم يطرده، الله خلق آدم ليكون في الدنيا، والجنة هي مكافأته يوم القيامة، ولكنه جعله ينسى لحكمة عنده، فخرج من جنة الخلق، فجنة آدم لم تكن هي جنة الخلد، ولكنها كانت جنة أخرى خلقه الله فيها، والله يا بُنى لا يعاقب على النسيان، فلولا النسيان لمات الإنسان من الهموم، ظلت هذه الكلمات عالقة في ذهني العمر كله، وظلت من بعدها رغبة جامحة تحتوى قلبي الصغير تهمس في أذني: أريد أن أرى الله.