الأقباط متحدون - الثلاثاء الحزين و الخبر الذى أبكى ملايين المصريين
  • ١٥:٠٥
  • الأحد , ١٧ مارس ٢٠١٩
English version

الثلاثاء الحزين و الخبر الذى أبكى ملايين المصريين

إيهاب رشدي

أقباط مصر

٥٥: ١١ ص +03:00 EEST

الأحد ١٧ مارس ٢٠١٩

البابا شنودة الثالث
البابا شنودة الثالث
كتب – ايهاب رشدى 
فى مساء السبت 17 مارس عام 2012 ، استقبلت مصر خبرا حزينا نزل كالصاعقة على الملايين من محبى الأسد المرقسى حينما أعلن المجمع المقدس أنه يودع لأحضان القديسين معلم الأجيال قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية . 
 
وما أن أعلن خبر نياحة البابا حتى بدأ الاقباط فى التوافد على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ، واحتشد مئات الآلاف من الاقباط فى محيط الكاتدرائية لإلقاء نظرة الوداع على جثمان قداسة البابا ، ووصلت طوابير المحتشدين بشارع رمسيس لما يزيد عن 2 كم، وتسببت حالة الزحام فى إصابة العشرات بحالات الإغماء، أغلبهم من النساء والأطفال، فى مشهد لم يحدث من قبل .
 
كما شهدت ساحة الكاتدرائية أكبر تجمع قبطى تشهده مصر حتى إنه تعذر تحرك أى فرد، وظل الجميع وقوفا فى أماكنهم لا يجدون طريقا للخروج أو التحرك، حتى إن بعضهم صعدوا على الأشجار والأسوار، وأمام تزايد الاعداد تدخلت مجموعة من أفراد الجيش للتنظيم ، فيما ردد الحضور هتافات من بينها، « بالطول بالعرض.. البابا زى الورد»، و" يا بابانا يا محبوب أنت جوه القلوب».
 
ومع مشهد هذا الزحام الرهيب ، وحدوث بعض حالات وفاة نتيجة لتدافع الاشخاص مما أصبح يشكل خطورة على سلامة الجماهير التى خرجت لالقاء نظرة الوداع على قداسة البابا ، قرر المجمع المقدس إغلاق جميع مداخل الكاتدرائية بالعباسية حتى موعد صلاة الجناز فى الحادية عشر من صباح الثلاثاء 20 مارس . 
 
وقد اعلنت حالة الحداد العام فى مصر يوم الثلاثاء كما منحت الدولة  موظفي الحكومة من الأقباط أجازة ثلاثة أيام .
 
جنازة القرن 
أما صلاة الجناز فقد وصفتها  وكالة انباء الشرق الاوسط  بأنها جنازة القرن حيث شارك فيها عشرات الآلاف  من المصريين بكل طوائفهم وفئاتهم ، رغم عدم تمكن معظمهم من الدخول واصطفافهم فى محيط الكاتدرائية .
 
 وترأس صلاة الجناز الانبا باخوميوس القائم مقام البطريرك فى ذلك الوقت بمشاركة و حضور أكثر من ١١٠  من أساقفة الكنيسة، أعضاء المجمع المقدس من داخل وخارج مصر، إلى جانب حوالى ٥٠٠ قس ، والعشرات من المرتلين ، بالاضافة إلى كبار رجال الدولة وقياداتها وممثلى الاحزاب والهيئات و وفود كنائس إثيوبيا وسوريا ولبنان والفاتيكان واليونان ووفود من العديد من دول العالم . 
 
الوصية التى أبكت الملايين 
وقد بكى الملايين امام شاشات التليفزيون عند تلاوة وصية البطريرك إلى شعبه والتى دعاهم فيها أن يحفظوا الأمانة.. و يحبوا بعضهم بعضا محبة حقيقية.. وأن يفعلوا الخير.. و لا يدعو العالم يضلهم .. وان لا يتوانوا فى خدمة الله..  إلى غيرها من الوصايا . 
 
وقال الانبا باخوميوس فى كلمته القوية خلال صلاة الجناز أننا نودع على رجاء القيامة قداسة ابينا الحبيب معلمنا . و ثالث عشر الرسل البابا شنودة الثالث ، تربينا على يديه منذ أكثر من نصف قرن ، فهو يقود الكنيسة منذ النصف الاول من القرن الماضى ، ترك أثراً عظيما فى حياة الكنيسة بل وفى العالم كله .  و حفظ الكنيسة فى تجديدها فلم تنحرف بقوة الصلاة . 
 
ووصفه الانبا باخوميوس بأنه رجل البرية .رجل الصلاة .رجل التعليم . رجل الرعاية وقال أننا لا ننسى على مدى الدهر ما صنعه البابا شنودة فى الكنيسة كلها . 
 
وأضاف الانبا باخوميوس بكلمات شقت طريقها بصعوبة من هيبة الموقف ، والدموع تخنقها  « ان الكلمات يا أحبائى تعجز أن تعبر عن هذا المحبوب " . 
وعقب انتهاء صلاة الجناز حمل الأساقفة والكهنة جثمان البابا شنودة خارج الكاتدرائية وسط دموع وصراخ محبيه ، إلى سيارة خاصة ومنها إلى مطار ألماظة ليتم دفنه فى دير الأنبا بيشوى بوادى النظرون  تنفيذا لوصيته .
 
وشهد شارع رمسيس بالعباسية حالة من الفوضى إثر خروج جثمان البابا شنودة من الكاتدرائية، حيث ارتفعت أصوات الصراخ وعبارات الوداع، بينما اقتحم الآلاف الحواجز الحديدية للحاق بسيارة البابا، ولم تتمكن قوات الأمن من السيطرة على الموقف، وخرجت السيارة  التى تحمل جثمان البابا بسرعة شديدة خوفا من اعتراض الآلاف ، وكانت السيارة محاطة بسيارات مدرعة وأمن مركزى من الخلف
.
 
10 ألاف مجند لتأمين موكب الجنازة 
وفى مطار ألماظة تجمع الآلاف لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان البابا شنودة قبل نقله فى طائرة عسكرية إلى وادى النطرون، حيث قامت قوات الأمن المركزى بعمل طوق أمنى على القاعدة، بداية من شارع الطيران بمدينة نصر وحتى كوبرى المطار. وبلغ عدد جنود الأمن المركزى الذين اصطفوا لتأمين موكب نقل البابا نحو ١٠ آلاف مجند، فيما طافت تجمعات شبابية تحمل مجسمات عليها صورة البابا شوارع مصر الجديدة، ووصلت إلى مدخل قاعدة ألماظة الجوية.واعتلى عدد من الشباب المسلمين والمسيحيين الأشجار الموجودة أمام القاعدة فى مشهد لم تشهده مصر من قبل، كما ضمت الحشود عدداً من النساء المنتقبات اللاتى حرصن على توديع البابا ومشاركة الأقباط أحزانهم.
 
الآلاف على أسوار دير الانبا بيشوى 
وقبيل وصول البابا شنودة  إلى وادى النطرون دقت الأجراس الحزينة بدير الأنبا بيشوى استعداداً لاستقبال جثمانه  ، وخيمت حالة من الحزن الشديد على الدير، ودخل عدد من الرهبان فى نوبة بكاء حزناً على فراقه.
 
وقد احتشد الآلاف على أسوار الدير والدير المقارب له «دير السريان» وفوق الأشجار رافعين صور قداسة البابا وحاملين الكاميرات فى محاولة لالتقاط صور المشهد الجنائزى ، وسط دقات الأجراس الحزينة .
 
و انتهت هناك مراسم دفن البابا وسط صعوبات كبيرة بسبب احتشاد الآلاف داخل وخارج الدير وتعاونت الشرطة العسكرية مع الرهبان وفرق الكشافة من اجل السيطرة على الجماهير التى اعاقت دخول الجثمان ووضعه فى المزار الذى تم اعداده لذلك  .