الأقباط متحدون - العَلمانية والدستور (3)
  • ١٠:٥٢
  • الجمعة , ١٥ مارس ٢٠١٩
English version

العَلمانية والدستور (3)

مقالات مختارة | مراد وهبة

٤٤: ٠٦ ص +02:00 EET

الجمعة ١٥ مارس ٢٠١٩

مراد وهبة
مراد وهبة

مراد وهبة
للمرة الثالثة يتزامن هذا المقال الذي أنشره اليوم في سلسلة المقالات القادمة تحت عنوان «العلمانية وضرورتها» مع قرار مجلس الشعب إجراء حوار حول تعديل دستور 2014 الذي جاء بديلاً عن دستور عام 2012 الذي وُضع في زمن حكم الإخوان المسلمين. ومع ذلك جاء دستور عام 2014 محكوماً برؤية سلفية تدور حول فكرة محورية، مفادها أن يكون الدستور مدنياً بمرجعية إسلامية، وهى فكرة تنطوى على تناقض غير مشروع.

فمصطلح «مدنى» مصطلح غامض؛ إذ هو في أصله يشير إلى مَنْ يقيم في المدينة. والمدينة ليست إلا تطويراً للقرية. فإذا كانت القرية متميزة بأنها مكونة من مجموعة عائلات نشاطها محصور في الزراعة، فإن المدينة متميزة بأنها محكومة بالقانون ونشاطها محصور في التجارة. وفى هذا السياق فإن مصطلح (مدنى) لن يكون له علاقة بما هو دينى أو بالأدق بما هو إسلامى. فإذا أقصينا مصطلح «مدنى» فلا يبقى لنا سوى دستور إسلامى بدون مرجعية مدنية. ولكن مع وجود حزب واحد قوى ومتغلغل في جميع مؤسسات الدولة وهو حزب الإخوان المسلمين، ومع كون هذا الحزب أصولياً، وبالتالى إرهابياً بسبب أنه يكفر ثم يقتل كل من يتجاسر على إعمال عقله في النص الدينى، فإن المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن «الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع»، تكون في التطبيق محكومة برؤية هذا الحزب الأصولى الإرهابى. ثم إن هذه المادة تدخل في تناقض مع المادة 46 التي تنص على أن الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية الشعائر الدينية. وتأسيساً على ذلك يمكن القول إن حق الحياة لم يعد حقاً من حقوق الانسان. ومن هنا يلزم أن يكون دستور عام 2019 مغايراً لدستور 2014 في مسألتين: ديباجة الدستور والمادة الثانية.

ديباجة الدستور يلزم أن تضع حق الحياة في الصدارة كأساس للدستور وتمهيداً لأى صياغة لأى بند من بنود الدستور، لأنه دون حق الحياة لا معنى لحق التعبير أو حق الحرية. وإذا وُضع حق الحياة في الصدارة، فيلزم أن تنص الديباجة على إمكان حرمان الأصولى الإرهابى من حق المواطنة، لأنه بصفته هذه يكون مهدداً لمواطنة الآخرين الذين ليسوا على شاكلته.

وإذا جاءت الديباجة على هذا النحو، فيلزم إحداث تغيير للمادة الثانية، بل إحداث تغيير في المادة الأولى، بحيث تأتى الثانية متسقة مع الأولى ومع ما يليها من مواد على النحو الآتى:

مادة (1): مصر دولة ذات سيادة، نظامها جمهورى ديمقراطى، مؤسس في سياق الحضارة الإنسانية التي أسهمت مصر في بنائها والمساهمة في تطويرها.

مادة (2): مصر دولة علمانية محكومة في تشريعاتها بعقل منفتح يرفض التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس.

مادة (3): نظامها السياسى يقوم على أساس التعددية الحزبية في إطار العلمانية.

مادة (4): الأسرة أساس المجتمع وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها.

مادة (5): الوظائف العامة حق بلا تمييز إلا على أساس التميز.

هذه المواد الخمس أساسية للدستور، وبعد ذلك تضيف اللجنة المكلفة بوضع الدستور ما تشاء بحيث تأتى متسقة مع النسق العلمانى.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع