سلامًا أترك لكم
جاكلين جرجس
السبت ٩ مارس ٢٠١٩
چاكلين جرجس
تؤكد كل الأديان السماوية و الرسل و كل الأنبياء على أن السلام ثابت من ثوابت الأديان تلك الأديان التى شُرعت ليعيش الأنسان تحت مظلتها يتنعم بالأمن و الأمان و السلام و تتفق جميعها على أن كل إرهاب و عنف و ترويع هو من وحى الشيطان .
وعبر المحطات التاريخية و الأزمنة الغابرة كان الإرهاب يتخذ من الدين ساترا له فانتشرت الصراعات و الحروب و كانت ويلاتها مآسي إنسانية عاشها العالم مفتقدًا السلام والأمن والأمان من مشارق الشمس إلى مغاربها .
فمن المعلوم أن السلام هو" اتفاق، تعايش ، انسجام ، استقرار و هدوء" اقليميا بين شعب الدولة الواحدة و عالميًا بين الدول و بعضها ، فالسلام بما يعنيه من حالة إيجابية مرغوبة في ذاتها تتطلب التوصل إلي اتفاق لتحقيق الانسجام في العلاقات بين البشر و سيادة حالة من الهدوء في العلاقات بين الجماعات المختلفة .
وعليه ، يترسخ مفهوم " السلام المجتمعى " فالمجتمع يتكون من مجموعة من البشر، مختلفون بالضرورة عن بعضهم البعض، سواء في انتمائهم الديني، أو المذهبي، أو موقعهم الاجتماعي، أو الوظيفي، ولكن يجمعهم جميعا ما يمكن أن نطلق عليه “عقد اجتماعي”، أي التزام غير مكتوب بينهم، يتناول حقوق وواجبات كل طرف في المجتمع و الخروج علي هذا العقد يمثل انتهاكا لحقوق طرف من الأطراف ، و إخلالًا بالتزامات طرف آخر مما يستوجب التدخل الحاسم لتصحيح الموقف.
و أرى أن هناك مبادرة طيبة كمثال على ما سلف تمثلت في إطلاق أسقفية الخدمات بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالتعاون مع وزارة الأوقاف ومؤسسة «دياكونيا» مبادرة " سالموا جميع الناس " فى جو خُيم علية الحب والود والوفاق ، لتحديد مشكلات السلام الاجتماعي والتعايش المشترك في المجتمع المصري، ومحاولة إصلاحه ، وذلك لمدة عامين، لتقديم نموذج عملي للعمل على أرض الواقع من أجل دعم ونشر وتعميم ثقافة السلام في مؤسساتنا الدينية الاجتماعية والتربوية، ومن خلال الإعلام والمجتمع المدني على قاعدة الإيمان والالتزام بأن العيش معاً والاعتراف بالآخر المتنوع والمختلف هو اختيار وثقافة وحقوق وواجبات نعيشها معا.
فهل لنا أن نطالب بمشاركة جميع مؤسسات الدولة في تلك المبادرة الهامة :
- لتهتم وزارة التربية و التعليم بغرز قيم السلام الاجتماعى و المواطنة و قبول الآخر فى مناهجها لأطفالنا و الشباب على حد سواء .
- ليتم تدعيم المبادرة إعلامياً و عمل مشاركات جماهيرية واستطلاع رأى لقياس مدى نجاح وأهمية المبادرة و تطبيقاتها على مختلف الفئات الاجتماعية .
- مشاركة وزارة الثقافة بتنظيم لقاءات و ندوات لمناقشة مدى أهمية أن تعم حالة السلام و التعايش ، وقبول الآخر على الفرد والمجتمع .
- العمل على دعوة الشباب للانضمام لتلك المبادرة ، فهم صناع الأمل و المستقبل ؛ ليصبحوا مواطنين فاعلين، قادرين على تقديم حلول واقعية لمشكلات مجتمعاتهم، والمساهمة في عمليات بناء السلام.
- تفعيل المبادرة فى محافظات الصعيد والمناطق التى يتكدس فيها وجود المتطرفين و المتشددين ، و الأكثر تعرضًا للسجالات الطائفية فهى فى أشد الحاجة إلى التعريف بقيم المواطنة و تعزيز ثقافة التسامح و قبول الآخر .
- و أخيرًا ، علينا أن نرحب بتلك المبادرة و نمد لها كل أيادى العون و التأكيد على أهميتها بجانب تفعيل قوة القانون و تنفيذ مواد الدستور التى تكفل حرية الاعتقاد للجميع ، فالأديان لديها قوة كافية مؤثرة من أجل المستقبل على أساس الثراء الروحاني والأخلاقي، والأديان بثوابتها وقياداتها يمكن أن تسهم بشكل أكبر من خلال التفاهم والتعاون .