الأقباط متحدون - البابا فرنسيس: لا يريدنا الله أن نستسلم لعيش يومنا بل املك شجاعة المخاطرة والقيام بقرار
  • ٠٢:٣٦
  • السبت , ٩ مارس ٢٠١٩
English version

البابا فرنسيس: لا يريدنا الله أن نستسلم لعيش يومنا بل املك شجاعة المخاطرة والقيام بقرار

أماني موسى

طوائف مسيحية

٤٤: ٠١ م +02:00 EET

السبت ٩ مارس ٢٠١٩

 البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان
البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان

 كتبت – أماني موسى

قال البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بمناسبة اليوم العالمي للصلاة من أجل الدعوات، لقد احتفلنا مؤخّرًا باليوم العالمي الرابع والثلاثين للشبيبة في مدينة بنما، بعد أن عشنا في شهر أكتوبر الماضي خبرةَ المجمع الخاص بالشبيبة. وهما حدثان عظيمان، أتاحا للكنيسة أن تصغي إلى صوت الروح، وإلى حياة الشبيبة أيضًا، وأسئلتهم، وإلى التعب الذي يرهقهم، والآمال التي تسكنهم.
 
وأضاف البابا في رسالته، أودّ أن أفكّر، في هذا اليوم العالمي للصلاة من أجل الدعوات، مستشهدًا بما شاركت به الشبيبة في بنما، في كيف أن دعوة الربّ تجعلنا حاملي وعد، وفي الوقت نفسه، تطلب منّا أن نتجرّأ على المخاطرة معه ومن أجله. أودّ أن أتوقّف بإيجاز عند هذين الجانبين -الوعد والمخاطرة- فأتأمّل معكم في مشهد إنجيل دعوة التلاميذ الأوائل قرب بحيرة الجليل (مر 1، 16- 20).
 
يقوم أخوان ومعهم أخوان آخران –سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا- بعملهم اليومي كصيّادي سمك. لقد تعلّموا في هذا العمل الشاقّ، قوانين الطبيعة، وكان عليهم أحيانًا أن يتحدّوها عندما كانت الرياح ضدّهم وكانت الأمواج تهزّ القوارب.د، وكان الصيد الكثيف يكافئ، في أيام معيّنة، العمل الشاقّ، لكن في أحيان أخرى، لم يكن عمل ليلة كاملة كافيًا ليملأ الشباك وكانوا يعودون متعبين وبخيبة أمل إلى الشاطئ.
 
هذه هي الحالات العاديّة في الحياة، حيث يقيس كلّ واحد منّا ذاته بقدر الرغبات التي يحملها في قلبه، ويلتزم في أنشطة يأمل أن تكون مثمرة، ويمضي في بحر العديد من الاحتمالات بحثًا عن المسار الصحيح الذي يمكن أن يروي عطشه إلى السعادة، فيفرح بصيد جيّد أحيانًا، وفي أحيان أخرى، عليه التسلح بالشجاعة لقيادة سفينة تقذف بها الأمواج، أو مواجهة الإحباط إزاء الشباك الفارغة.
 
في هذه الحالة أيضًا هناك لقاء، كما هو الحال في تاريخ كلّ دعوة. يسوع يسير، ويرى هؤلاء الصيّادين ويقترب منهم... وهو ما حدث أيضًا مع الشخص الذي اخترناه كي نشاركه حياتنا عبر الزواج، أو عندما شعرنا بجاذبية الحياة المكرّسة: لقد عشنا مفاجأة اللقاء، وفي تلك اللحظة، رأينا الوعد بفرح قادر على إشباع حياتنا. وهكذا، في ذلك اليوم، بالقرب من بحيرة الجليل، ذهب يسوع للقاء هؤلاء الصيّادين، وكسر "عجز الحياة الاعتياديّة"، وأعطاهم وعدًا على الفور: "أَجعَلْكما صَيّادي بَشَر" (مر 1، 17).
 
وتابع البابا، إن رغبة الله، في الواقع، هي ألّا تصبح حياتنا سجينة الأمور العادية، وألّا يجرّها التكاسل في اليوميّات الاعتيادية ولا تبقى خاملة أمام تلك الخيارات التي يمكن أن تعطيّها معنى.
 
لا يريدنا الربّ أن نستسلم لعيش يومنا وأن نفكّر أنه، بالنهاية، ما من شيء يستحقّ أن نعمل من أجله بشغف، وأن نبحث عن طرق جديدة لمسيرتنا مخمدين القلق الداخلي. وإذا كان يجعلنا في بعض الأحيان نختبر "صيدًا خارقًا"، فذلك لأنه يريدنا أن نكتشف أن كلّ واحد منّا هو مدعوّ -بطريقة مختلفة- إلى شيء عظيم، وأن الحياة لا ينبغي أن تبقى متشابكة في مصايد الهراء وفي ما يخدرّ القلب. 
 
الدعوة هي باختصار، دعوة إلى عدم التوقّف على الشاطئ مع الشباك في أيدينا، بل إلى اتّباع يسوع على طول الطريق الذي حضّره لنا، من أجل سعادتنا ومن أجل خير الذين من حولنا.
 
إن معانقة هذا الوعد يتطلّب، بالطبع، شجاعة المخاطرة والقيام بخيار. 
 
تجد الحياة المسيحية، بالتالي، تعبيرها في تلك الخيارات التي، فيما تعطي توجيه دقيقًا لملاحتنا، تساهم أيضًا في نموّ ملكوت الله في المجتمع. أفكّر في خيار الزواج في المسيح وتكوين أسرة، كما وفي الدعوات الأخرى المرتبطة بعالم العمل والمهن، والالتزام في مجال الأعمال الخيرية والتضامن، وفي المسؤوليات الاجتماعية والسياسية، وما إلى ذلك. 
 
إنها دعوات تجعلنا "حاملي وعد" بالخير والمحبّة والعدالة، ليس فقط لأنفسنا، ولكن أيضًا للسياقات الاجتماعية والثقافية التي نعيش فيها، والتي تحتاج إلى مسيحيّين شجعان وشهود حقيقيّين لملكوت الله.
 
وأختتم، لنتحّد بالصلاة في هذا اليوم العالمي للدعوات، طالبين من الربّ أن يجعلنا نكتشف تدبير محبّته لحياتنا، وأن يعطينا الشجاعة للمخاطرة على الطريق الذي طالما ابتغاه لنا.