الأقباط متحدون - اختفاء عالم مصر الأول فى جيولوجيا البترول!
  • ١٣:٤٧
  • الاثنين , ٤ مارس ٢٠١٩
English version

اختفاء عالم مصر الأول فى جيولوجيا البترول!

مقالات مختارة | أنور عبد اللطيف

٢٩: ٠٢ م +02:00 EET

الاثنين ٤ مارس ٢٠١٩

 الكاتب الصحفي أنور عبداللطيف
الكاتب الصحفي أنور عبداللطيف

أنور عبد اللطيف 

ذهبت لتهنئة «أبو أبحاث البترول فى مصر» بعيد ميلاده الثمانين، يعمل بقسم الجيولوجيا بعلوم القاهرة لأكثر من 55 سنة، العام الماضى انقلب عيد ميلاد الدكتور حامد متولى إلى مهرجان للطلاب والأساتذة والسعاة والأمن والسكرتارية والموظفين، لكن هذا العام كان مكتبه مظلما ونظرت فى جدول المحاضرات فوجدته خاليا من اسمه، ولا يوجد له مكان فى قسم الدراسات العليا الذى يعمل به استاذا منذ عام 1979 وعلى مدى 40 سنة رأس خلالها شعبة جيولوجيا البترول فى المسطحات المائية، وكان أول أستاذ متخصص فى جيولوجيا البترول بالجامعات المصرية حسب مادون فى قرار اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة بالمجلس الأعلى للجامعات، أصابنى القلق أين هذا الرجل الذى كان يقطع جامعات مصر شرقا وغربا ويرتبط بمحاضرات مع كبرى الجامعات فى العالم مثل هيوستن وأوكلاهوما وتكساس وكاليفورنيا وتستعين بأبحاثه شركات البترول والغاز العالمية، وله نظرية مسجلة باسمه عن الخزانات البترولية، وهو أول من اكتشف إمكانية العثور على الغاز بدلتا النيل ومنطقة شمال شرق المتوسط عام 2000 وأرسل الخرائط والصور للحقول الواعدة إلى وزارة البترول ورئاسة الجمهورية وقتها، وبح صوته مطالبا بسرعة ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان لكى تستفيد مصر من مواردها ولكن أحدا لم يهتم بحقوق مصر وحقولها المنهوبة وأطماع العدو الصهيونى فى بترول المتوسط ومياه لبنان وسوريا تتم ببجاحة، ومنذ سنوات تحدث معى بسعادة أن مصر استردت وعيها حين أمر الرئيس عبد الفتاح السيسى بترسيم الحدود مع اليونان وقبرص عام 2014، وتحولت نبوءته عن إنتاج حقل ظهر وشرق إلى حقيقة وتمنى فقط أن تتولى شركات مصرية عمليات البحث والتنقيب، لكن لا مانع من الشركة الإيطالية، طالما بدأ الانتاج الذى يقدر بـ 350 مليون قدم مكعب يوميا تصل الى 2.7 مليار قدم فى نهاية 2019، وسيدخل خزانة مصر 60 مليون دولار كل شهر، بالاضافة إلى حصة مصر المجانية التى تحقق الاكتفاء الذاتى من الغاز قريبا، لكن حز فى نفسه ونفسى ما نشر أن رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل هو الذى اكتشف المنطقة فى أغرب عملية قتل أدبى لعالم جليل من علمائنا رغم الاشادة التى وصلته من جامعة أوكلاهوما عام 1973 عن أبحاثه فى منطقة شمال شرق المتوسط ، وخطاب التهنئة الذى وصله من جامعة كاليفورنيا على كشفه الجديد فى شمال وشرق المتوسط منذ عام 2002!

 
 
أعود إلى المكانة العلمية والعالمية للدكتور حامد متولى وحاجة طلابه إلى خبرته الطويلة وقدرة عالمنا فى شبابه الجديد على العطاء والتدريس بنفس الطاقة والحيوية والحضور الذهنى الذى يشهد به طلابه ومريدوه، أما إسهاماته فى السياسة التعليمية فهى لا تقل عن ريادته الجيولوجية، بدأت منذ عام 1962 حين كلفه الرئيس جمال عبد الناصر رغم حداثة سنه بمهمة المنسق العام لمؤتمر تطوير التعليم، علاوة على إعداد تحقيق استقصائى بلغة الصحافة ـ عن حال التعاليم فى مصر والتقى فى قصر عابدين مع جيل الرواد العظام من مديرى الجامعات أمثال الدكتور محمد مرسى أحمد مدير جامعة عين شمس الأسبق والدكتور نجيب حشاد مدير جامعة القاهرة الأسبق والدكتور حسن بغدادى مدير جامعة الاسكندرية، كما استمع الى صوت المراكز البحثية والقطاعات الشعبية والشارع المصرى والخبراء منهم الدكتور أحمد مصطفى والضابط الكيميائى صلاح هدايت الذى عين بعدها اول وزير للبحث العلمي، وكان من أهم بنود تقرير حامد متولى ضرورة ربط التعليم بخطط التنمية، وزيادة ميزانية البحث العلمى من 300 الف جنيه الى سبعة ملايين جنيه والتركيز على النهوض بالبحوث العلمية وتخريج أنواع جديدة من الفنيين بتشجيع من رجال الصناعة والزراعة، وهو ما يفعله رجال الأعمال الوطنيون الآن، لسد احتياجات المجتمع من العلوم التطبيقية التى أخذت بها دول الاتحاد السوفيتى والمانيا واليابان والهند وكوريا..وشاء قدره ان ينتقل من تطوير التعليم إلى الاشراف على فصائل خدمة جبهة القتال خلال حرب الاستنزاف وتنظيم وإعداد زيارات اسبوعية للطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة فيما سمى وقتها بكتائب خدمة الجبهة بعد فبراير عام 1968 حدث ذلك قبل أن يوفده الرئيس السادات لرئاسة وفد مصر خلال مؤتمر اليونسكو فى وارسو للحفاظ على الأحياء القديمة عام 1975؟
 
وكانت آخر وصايا عالمنا الجليل الجالس فى البيت بأمر الكلية، ما تعلمه من دراسة الجيولوجيا وعلم الأرض، أن التعليم يحتاج إلى تراكم فى الخبرات والاستقرار بعيدا عن السياسة، فهى كالكثبان الرملية لا تستقر فى مكان واحد وما تأتى به الرياح تذهبه العواصف!
 
وسؤالى إلى عالم الانسانيات والفلسفة الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة كم عالم لدينا فى خبرة الدكتور حامد متولي؟ وهل بعد كل هذه الخبرات يجلس مثل هذا العالم الجليل فى البيت، وهو الذى أقسم لى أن أمنيته أن يموت واقفا فى قاعة المحاضرات؟!.
نقلا عن الأهرام
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع