الأقباط متحدون - مؤمن سلام يكتب.. من يصنع التطرف الديني.. الفقر أم الجهل؟
  • ٠٠:٠٧
  • السبت , ٢ مارس ٢٠١٩
English version

مؤمن سلام يكتب.. من يصنع التطرف الديني.. الفقر أم الجهل؟

مقالات مختارة | مؤمن سلاّم

٣٥: ١٢ م +02:00 EET

السبت ٢ مارس ٢٠١٩

مؤمن سلام
مؤمن سلام

مؤمن سلاّم
سؤال رغم أهميته، لأن الإجابة عليه هي أساس التعامل مع ظاهرة التطرف الديني والإرهاب باسم الله، إلا أن الإجابة عليه يغلب عليها السطحية والتسرع في كلمة واحدة وهى الفقر، مشفوعة بحكايات عن شراء جماعات الإسلام السياسي للمتظاهرين والمعتصمين بمبالغ تتراوح بين 50 جنيه و 400 جنيه، وشرائهم لبعض البلطجية لتنفيذ عمليات الاشتباك والحرق أثناء التظاهرات.

إلا أن النظرة الدقيقة لتاريخ هذه الجماعات منذ نشأتها وحتى الآن قد يعطينا إجابة مختلفة. فهل على سبيل المثال كان حسن البنا وحسن الهضيبي وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي وصالح سرية وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد إسماعيل المقدم وياسر برهامي وعبود الزمر وعبد الله عزام وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري وخيرت الشاطر وإسلام يكن والكثيرين غيرهم من قادة ومنظري تيار الإسلام السياسي كانوا من الفقراء العاطلين عن العمل؟ الإجابة لا.

كذلك إذا نظرنا إلى الحالة الاقتصادية للشعب المصري قبل 1952 والشعب المصري الآن، سنجد أن قبل 1952 وبالرغم من ثراء الدولة المصرية إلا أن وجود تفاوت كبير في توزيع الدخل جعل ما بين 76- 80% من سكان مصر يقع تحت خط الفقر في عام 1952. بينما نسبة من هم تحت خط الفقر حسب إحصاءات 2014 فبلغت 26.3% من إجمالي السكان. وفقا لهذه الإحصاءات ومن يقولون أن انتشار الفقر هو سبب انتشار التطرف والإرهاب كان يجب أن تكون جماعة الإخوان المسلمين قبل 1952 أقوى قوة في مصر، إلا أن الحقيقة تقول أن الإخوان كانوا ضعفاء مقارنة بقوة حزب الوفد والتنظيمات اليسارية ولولا دعم القصر لهم لربما ما سمعنا عنهم في عصرنا هذا، ولم تستطيع الجماعة أن تقترب من تولى السلطة في عام 1952 لولا تحالفها مع تنظيم الظباط الأحرار للانقلاب على النظام الملكي. وذلك على عكس ما حدث في 2011 حيث كانت أقوى تنظيم سياسي في مصر.

كذلك إذا قمنا بتوسيع دائرة النظر لتشمل دول الخليج العربي والتي لا يستطيع أحد أن يقول أنها تعاني من الفقر والبطالة سنجد تجذر واضح للفكر المتطرف والإرهابي وارتفاع نسبة تأييد شعوب الكويت والسعودية على سبيل المثال لتنظيم داعش ومن قبله القاعدة. كذلك العراق التي تنتشر فيها الأصولية الإسلامية بجناحيها السني والشيعي. سنجد أن الفقر أبعد ما يكون عن هذه الدول.

فإذا كانت الأغلبية الساحقة من قيادات ومنظري تيار الإسلام السياسي من الطبقة العليا والمتوسطة ولا يعانون من فقر أو بطالة، وإذا كانت مصر قبل 1952 اقل تطرفا من مصر الآن رغم أن الشعب المصري كان أكثر فقرا، وإذا كانت دول الخليج لا تعاني من أي فقر، فكيف نقول أن الفقر هو سبب التطرف والإرهاب؟

من ناحية أخرى علينا أن نقارن بين الوضع الثقافي للمتعلمين ومستوى الوعي عند غير المتعلمين من المصريين قبل 1952 والآن، علينا أن نقارن بين وعى عمال وطلاب مصر في عام 1946 ووعى عمال وطلاب مصر في 2014، علينا أن نقارن بين الحياة الثقافية والفنية والأدبية في مصر ما قبل 1952 وأوضاعنا الثقافية الآن. هذه المقارنات لابد أن نخرج منها بنتيجة واحدة وهى أن رغم الفقر والأمية التعليمية قبل 1952 إلا أن مستوى الوعي كان أعلى وكان المصريين والمصريات أكثر إدراكاً لواقع المشكلة المصرية وطرق حلها وموقع الدين منها.

لذلك فأصل مشكلة التطرف والإرهاب من وجهة نظري تكمن في انخفاض مستوى الثقافة والوعي وليس الفقر. فكم من فقير كافح ليصبح فنان أو أديب مشهور أو مثقف محترم.

انه الوعي الذي يجهل الإنسان يتجه نحو التطرف والإرهاب وهو الذي يجعله يتجه نحو العلم والعمل والفنون والآداب. ولكن إذا كنا نعتقد أن غياب الثقافة والوعي هم منبع التطرف والإرهاب، فنحن لا ننكر دور الفقر إذا اختلط بغياب الوعي في تجنيد من نسميهم وقود الإرهاب أو حطب جماعات الإسلام السياسي الذين يتم حرقهم ليستمر الإرهاب والتطرف، إلا أنه عامل مساعد وليس رئيسي.
نقلا عن الفيسبوك

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع