مشاركة فى تعديلات دستور 2014
نبيل عبد الملك
الخميس ٢٨ فبراير ٢٠١٩
كتب: نبيل عبد الملك
على الرغم من عدم موافقتنا على مبدأ التعديل، وخصوصا بالشكل المعروض فى البيان الصادر عن مجلس النواب خلال الأسابيع الماضية ، نود ألقول بأنه لاشك أن هناك واقع مجتمعي غير طبيعي، وأيضا لدينا دستور فيه نقاط أخرى تحتاج إلى إعادة نظر. من هنا يبدو أن المسألة قد فرضت نفسها، ومن الأفضل التعامل معها بشكل معمق وموضوعي.
السؤال المُلحَ الآن: "كيف، وإلى أي نتيجة، سينتهي هذا الجدال .. إلى أي "نـقطـــة" أي "مرحلة جديدة" نرى فيها "رؤيــــة" مصرية واضحة لبداية دولة "ديمقراطية حديثة" بكل ما تعنى هذه العبارة. "دولــة القانون"، أي دولة كل من فيها - وأولهم الرئيس نفسه - يحترم القانون، والدستور الذي يصدر عنه كل القوانين!!!!"
نأمل، أن يكون لدينا – هذه المرة - تحكَيم للعقل وتفهم لخطورة الحكم السلطوي، بعد ما حدث لرئيسين سابقين، وربما لثلاثة رؤساء. ولذلك علينا جميعا أن لا نتساهل فى مايريد البعض من زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية وهو أمر لن يكون لصالح الرئيس السيسي فى العالم الخارجي ومنظمات المجتمع الدولي، والأهم من ذلك فى وضع البذور والأسس القوية لإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة والمجتمع المستقر.
ولذلك، سيلاحظ القارئ المهتم فيما يأتي من إقتراحات تالية تقليص بعض ما ورد فى التعديلات المقترحة من أعضاء البرلمان المصري المقرين.
لقد استعرض البيان البرلماني الذي صدر الأسايع الماضية أهم المبادئ التي يقوم عليها التعديل، ومنها:
1. دعم المرأة، ودعم تمثيل الشباب والمسيحيين، والأشخاص ذوى الإعاقة، والمصريين المقيمين في الخارج بنصوص ثابتة وراسخة لا تقبل التأويل.
والسؤال الواجب بخصوص فحوى هذا الإقتراح هو "كيف، وما هو معيار دعم تمثيل هذه الفئات فى تمثيلها البرلماني؟" وما هي الضمانات الدستورية، أى النص الدستوري المقترح لذلك؟
فيما يتعلق بهذه النقطة، تقترح المنظمة تحديد نسب عادلة لتمثيل كل هذه الفئات دون إستثناء، إعمالا للنصوص الدستورية الحاكمة المتعلقة بالمواطنة وعدم التمييز والمساواة أمام القانون. وذلك تجنبا لأي تناقض أو عيب دستوري ناتج عن عدم التعامل مع كل هذه الفئات بمعايير واحدة.
فيما يتعلق بالمصريين بالخارج: نقترح أن يكون هناك ممثل برلماني فى كل من أستراليا، آسيا والبلاد العربية، أوروبا، والأمريكتين (أي خمس أعضاء).
وجود تمثيل برلماني للمصريين فى الخارج أمر يدعم التواصل بين أجيال المصريين فى الخارج والوطن المصري. كما أنه يخدم المصالح الوطنية على عديد من الأصعدة السياسية والإقتصادية والثقافية.
تعديل لآخر جملة فى المادة 7 لتصبح:
(وينظم القانون طريقة إختيار شيخ الأزهر من بين أعضاء هيئة كبار العلماء). النص المقترح هنا مؤسس على وضع منصب فضيلة شيخ الأزهر، هل هو منصب أبدى لا يخضع صاحبه لأية مساءلة إدارية، هل هذا المنصب أعلى من منصب رئيس الوزراء، أو رئيس الجمهورية نفسه، الذي يمكن عزله فى حالات معينة وضرورية؟
2. لا حاجة لإنشاء غرفة ثانية للبرلمان، وذلك تجنبا لمزيد من النفقات الباهظة، ويُفضل بدلا من إنشاء "مجلس الشيوخ" زيادة قاعدة التمثيل، وبالتالي تعديل الجملة الأولى من نص المادة 102 لتكون: (يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن خمسمائة وخمسين عضوا، ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر).
3. تعديل الجملة الأولى من المادة 160، لتصبح: (إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، حل محله نائبـــه).
كما تُعدل الفقرة الثانية من هذه المادة، لتقرأ: (وعند خلو منصب رئيس الجمهورية للإستقالة او الوفاة، او العجز الدائم عن العمل، يعلن مجلس النواب خلو المنصب. ويكون أعلان خلو المنصب بأغلبية ثلثي الأعضاء على الأقل، إذا كان ذلك لأي سبب آخر. ويخطر مجلس النواب الهيئة الوطنية للإنتخابات، ويباشر نائب رئيس الجمهورية سلطات الرئيس، مؤقتا.
4. تحديد مدة فترة تولي رئاسة الجمهورية؛ لتصبح 5 سنوات بدلًا من 4، وإمكانية تجديدها لفترة ثانية فقط، وهي زيادة أكثر إتساقا مع ضرورة تداول السلطة وحيوية الأداء، وخصوصا أنها تتوافق مع مدة عضوية مجلس النواب المحددة بخمس سنوات فى المادة (106) من الدستور. بالإضافة إلى أن إنشاء منصب لنائب رئيس الجمهورية يهئ بشكل أو بآخر لهذا التداول السلمي.
5. استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية لمعاونة الرئيس في مهامه، باضافة مادة دستورية جديدة.
6. لا يصح بأي حال من الأحوال الإنتقاص من إستقلال القضاء بكل درجاته، أو إجراء أى تعديل على إختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى الدستور الحالي 2014 لتقييد أي من السلطات القضائية. وهو أمر تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 226: "وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إنتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.
7. فكيف نأتي ونغير لا فى نصوص فقط، بل ووننتقص من ضمانات ونقيَد سـلطات قضائية أو نتدخل فى إستقلاليتها!!!
8. لا يصح الخلط بين السلطة التنفيذية والقضائية بأي شكل، وفى أي درجة، فهذا أمر فى غاية الخطورة، وغير معروف فى أي من نظم الحكم الديمقراطية فى العالم. رئيس الجمهورية لا يعنى أن يكون هو رئيس كل السلطات فى الدولة، وإلا فلا يمكن أن تكون تلك الدولة "دولة قانون" وهو ما ينص عليه الدستور الحالي فى مادته الأولى، كما ينص الدستور فى المادة (94) على أن "سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة. وتخضع الدولة للقانون وإستقلال القضاء وحصانته، وحيدته، ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات." ويجب الحذر وأخذ المادة 159 فى الإعتبار عند مجرد التفكير فى مس سلطة القضاء بواسطة رئيس الجمهورية.
9. عدم المساس بأى مواد من الدستور تتعلق بالحقوق والحريات، لتقييدها، وعدم إلغاء نص المادة (241) المتعلقة بأصدار قانون للعدالة الإنتقالية، فهذا يمثل التنكر اللاإنساني لحقوق من إنتهكت حقوقهم فى ثورة 25 يناير وما بعدها، وهي إنتهاكات لا تسقط قضاياها بمرور الزمن، وهو ما ينص عليه الدستور الحالي فى المادتين 92، 93، ويتعارض بشكل فاضح مع المواثيق الدولية.
هناك أمر ملفت للنظر فى المادة 152، فقد جاء ذكر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الفقرة الثانية (فى حالة معينة) من هذه المادة، ولم يُذكر اسم هذا المجلس فى الفقرة الأولى من ذات المادة، مع أن رئيس الجمهورية، كقائد أعلى قد ذكر تلك الفقرة. يبدو أن هناك حاجة لإعادة صياغة هذه المادة بفقرتيها، وخصوصا أنه ليس هناك أي نص دستوري يذكر عمل أو إختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مثلما حدث مع المجالس الأخرى التى جاء ذكرها بالدستور!
أما الإقتراح الآخر المتعلق بالأقباط، والأخير – فيما نرى ضرورة النص عليه فى الدستور، والمراد منه دعم ممارسة الأقباط فى فى العمل العام، بما فيه الجانب الخيري، وخاصة فيما يتعلق بشئونهم المجتمعية المدنية، فهو أن تضاف مادة فى الدستور تدعم حقوق الأقباط، حسبما جاء بيان البرلمان المشار إليه أعلاه، لتنص على إنشاء "مجلس أعلى للشئون القبطية" مثل المجالس الوطنية الأخرى (المرأة وحقوق الإنسان والمعاقين، الخ) (بدلا من المدعو المجلس الملي، الذى إنتهت صلاحيته). و يختص هذا المجلس بالتخطيط وألأشراف على المؤسسات المدنية القبطية الإجتماعية والثقافية والتعليمية وإدارة الأوقاف القبطية. ويكون هو حلقة الوصل بين مؤسسات الدولة المدنية ومؤسسات المجتمع المدني المثيلة. وبهذا تكون الدولة قد عبرت عمليا عما نصت عليه مواد الدستور الواردة فى "الفصل الثالث: المقومات الثقافية" (المواد 47 – 50) والمادة (90) المتعلقة بتشجيع الوقف الخيري. بالإضافة إلى القيام بدور فعال فى مواجهة أسباب الأحداث الطائفية ونشر ثقافة المواطنة، وبالتالي يُتاح لرجال الإكليروس (الدين المسيحي) الوقت اللازم للخدمة الروحية وعدم الإنغماس فى الشئون المادية والمالية على حساب الواجب الروحي. وهكذا نكون قد أضفنا دعامة لمدنية الدولة المصرية ممثلة فى إحياء دور الأقباط التاريخي فى العمل العام، وإنخراطهم المشروع فى العمل التنموي االمؤسسي المستقبلي مع المواطنين عامة
والله يوفقنا جميعا فى خدمة وطننا العزيز مصر