رسالة إلى إعلامية:
ماجد سوس
الاربعاء ٢٧ فبراير ٢٠١٩
ماجد سوس
زميلتي الإعلامية العزيزة اسمحي لي في البداية أن أبدأ كلامي بالإعتذار لصراحتي الملتزمة التي سأكتب لكِ بها وعنها فبجانب كوني كاتب واعلامي وبجانب دراستي للقانون وعملي بالمحاماة فأنا ابن للكنيسة وخادم فيها فحواري اقدمه بكل إخلاص وصدق بحيادية ناديت بها من اليوم الأول لهذا الحادث المؤلم الذي راح ضحيته احد علماء الكنيسة وأساطينها :
أنتِ أخطأتِ خطأً جسيماً حينما وأنتِ إعلامية كنتِ تؤيدين كل ما يقوله محامي المتهم على طول الخط دون أن تحاوريه بحيادية مطلقة لباحثة عن الحقيقة كهدف سامٍ للإعلامي المتخصص لكني بكل اسف وجدتك تتهكمين على المحكمة والقضاة حتى في نظراتهم في سابقة إعلامية قلما تجديها وهي مخالفة قانونية جسيمة وهو أمر يخضع لجرم قانوني وعلى الإعلامي الجيد وأنا أعلم أنك إعلامية جيدة أن ينأى بنفسه عن هذا وخاصة أنه تصرف يبعد الإعلامي عن الإحترافية -professionalism
واليوم وبعد ان تسرب فيديو إعترافات القاتل وجدتك تتوعدين الأمن الوطني انك ستفضحينهم لتسريب الاعتراف وبقدر من انه موقف يثير السخرية لكنه أيضاً موقف مرِيب فما الذي يزعجك من إيضاح الحقيقة للشعب وخاصة بعد إهانة وتجريح النيابة العامة والتي هي الملاذ لمن يشعر بظلم من رجال الشرطة
انا اعلم واقدر وأتفهم انحياز البعض لرأي دون الآخر لأسباب كثيرة وتأثيرات عديدةلن أخوض فيها أما و ان ينحاز الإعلامي ويستمر حتى بعد ظهور الحكم وهو يعلم أن الحكم عنوان الحقيقة إلى أن يتم الطعن فيه وإلغاءه فهو يعد امراً غير مقبولاً لا من الإعلامي ولامن رجل الدين
وبعيدا عن كل هذا وفي موضوع القضية سأطرح عليكِ عدة تساؤلات قانونيةوملاحظات بكل هدوء وبلا محاباة:
اولها: إذا كان المتهم قد عُذب فهو عذب داخل الدير لأن التحقيقات كانت في الدير وكانت الشبهة حول ستة رهبان في بداية التحقيقات فلماذا لم يعذب ولا واحد من الستة حيث لم يدعي أحدهم أنه عذب
ثانيا: كيف لم ير كل آباء الدير وكل العمال المتهم وهو خارج من غرفة التعذيب ولماذا لم يشهدوا بهذا والذين تم التحقيق معهم حوالي 400 شخص .
ثالثا: لو عذب في قسم الشرطة فلماذا إعترف أمام النيابة ومعروف من يعترف أمام الشرطة كرهاً ينكر أمام النيابة طوعاً وخاصة أن النيابة ليست لديها غرف تعذيب أو أشخاص يعذبون .
رابعاً: وللأمانة الإعلامية لماذا لم تشيري في حلقاتك إلى ما صرح به نيافة الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدس بصورة واضحة جليّة حينما قال بالحرف :
" أن قرار تجريد الراهب إشعياء المقاري، جاء بعد انتهاء تحقيقات النيابة في الدير، والتي استمرت لمدة 10 أيام، مشيرا إلى أنه خلال فترة تواجده في الدير لم يتعرض - الراهب اشعيا - لكلمة واحدة سيئة، أو أجبر على الاعتراف بكلمة واحدة، أو تعذيب إطلاقا".
وأضاف أسقف المعادي "أن الراهب المشلوح إشعياء المقاري، اشترى أرضا بملايين، مجاورة لدير الأنبا بيشوي، من أجل تأسيس دير جديد، والانفصال عن دير أبو مقار، وتراجع عن ذلك عندما اختلف مع شريكه، وحينها باع الأرض".
وأكد سكرتير المجمع المقدس، أن حادث مقتل رئيس دير أبو مقار، أحدث إفاقة للمسؤولين في الكنيسة، خاصة أنه يعتبر فرصة إيجابية لتعديل المسار، وإعادة الرهبنة لسيرتها الأولى، وتعديل القوانين التي تخدم الرهبنة.
وأوضح في حوار لبرنامج «في النور»، على فضائية «سي تي في»، أن "التحقيقات التي أجريت في الدير تابعتها الكنيسة من خلال لجنة رباعية ضمت إلى جواره القس إنجليوس، سكرتير البابا تواضروس الثاني، واثنين آخرين،
مشيرا إلى : "أنه من اليوم الأول تبين أن القاتل هو الراهب المجرد إشعياء المقاري، والنيابة تحققت من من ذلك خلال 10 أيام من التحقيقات المتواصلة داخل الدير".
وأكد أن "الكنيسة جردت أشعياء المقاري، ليس من أجل جريمة القتل، وإنما لكسره الحياة الرهبانية، رغم أنه منح فرصة للتوبة، بتدخل من الأنبا إبيفانيوس لكنه لم يستغلها".
خامساً: كنت أتوقع من زملائي المحامين التركيز على تخفيف الحكم نتيجة لتعب المتهم نفسياً مثلا أو بسبب أنه اعترف وارشد عن آداة الجريمة أو التركيز على مشاعر القضاة وتوجيهها نحو الرأفة ونحو تطبيق المادة ١٧ من قانون الإجراءات والتي تتيح للمحكمة النزول بالعقوبة ، كل هذا عزيزتي أفضل بكثير للمتهم من الهجوم على السيدالمستشار رئيس النيابة بلا سند او دليل جدي و المحامون ذي الخبرة يعلمون جيدا أن هذا هراء ولن يفيد المتهم إطلاقاً بالعكس يقتل أمل التعاطف
وأخيراً: منطقياً لو الأمن إتفق على تلفيق التهمة فهل تعلمي أن هناك عشرات المحققين بأعداد ضخمة وقد أرسلت الإسكندرية محققين للدير بسبب عدد الرهبان والعمال فهل إتفق كل الضباط معا على تلفيق التهمة لهما وكأن المتهمين اسرائيليان في حرب بين اسرائيل والأمن المصري فأتفق رجال الأمن جميعاً عليهما دون ان يشهد معهما إنسانا واحداً لا من الرهبان ولا من العمال بهذا التعذيب
حين مثل المتهم الجريمة هل مثلها في مكان مقطوع ام أمام العشرات و أمام بعض من اباء الدير هل مات ضمير كل هؤلاء معا إذا افترضنا جدلا انه صرخ وقال أمامهم كيف سأمثل جريمة لم ارتكبها او لو سمعوا مثلا المحقق يقول له اعمل نفسك قتلته فلماذا لم يصرخ المتهم ليسمع البرية كلها وان كان قد فعل كيف تركه الجميع
أيضاً هل اتفق كل رجال الأمن المحققين مع رئيس النيابة في تلفيق التهمة ولصالح من وماذا عن رجال النيابة الذين انتدبوا من عدة أماكن للتحقيق هل كلهم اتفقوا أيضاً مع رئيس النيابة والذي بدوره استطاع ان يقنع المحامين العامين ثم النائب العام لتلفيق التهمة
ثم بعد ذلك وفي المحاكمة حيث وقف المتهمان أمام ثلاثة قضاة وهنا القانون في حالة الإعدام يتطلب الإجماع فلو اعترض واحد من الثلاثة يجب إنزال العقوبة درجة فهل أتفق الثلاثة على حكمٍ ظالم ولم يستيقظ ضمير واحد فيهم!!
من أكتر الأمور التي أضحكتني أيضا أن الحكومة أو العرب هم من قتلوا الأنبا إبيفانيوس لأنهم يريدون الإستلاء على أرض الدير وهل تعجز الحكومة على الاستيلاء على أي قطعة أرض وماذا في يد رجل بسيط طيب عالم مقتدر مثل أنبا إبيفانيوس حتى يقتل من العرب وماذا سيفعلون مع الأسقف الجديد هل سيقتلوه أيضاً ..
صدمتي اليوم ليست في الجهلاء أو البسطاء إنما صدمتي في المحسوبين على المثقفين أو على الإعلاميين ..
اخيرا، سألت أحد المتعاطفين وقلت له هل كنت ستتعاطف مع القتلة إذا كان المجني عليه مثلا هو البابا شنودة أوالبابا كيرلس او والدك الجسدي فقال لي بصراحة لا أدري ماذا كنت سأفعل .. هنا فهمت ماذا يدور في رأس المتعاطفين.
للحديث بقية