رامي مالك المصري!
مقالات مختارة | طارق الشناوي
الثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٩
طارق الشناوي
عندما بدأ يتردد اسم رامى مالك، تصاعد على الفور مجدداً اسم عمر الشريف، فهما بالنسبة للجمهور يقفان على نفس الأرض ويحتلان ذات المكانة، مصريان عانقا العالمية، لم يحصل الشريف من قبل على جائزة الأوسكار، وإن كان قد رشح لها، بينما رامى احتضن الأوسكار قبل 24 ساعة، فهو أول فنان عربى يتوّج بها، الفارق الزمنى بين الشريف ومالك نحو 50 عاما، تكفى جدا لكى تصبح هذه المقارنة لا أساس لها من الصحة.
عمر ولد وعاش فى مصر أكثر من 30 عاما قبل أن يبدأ خطوته العالمية، وله رصيد من أهم أفلام السينما المصرية ولمخرجيها الكبار، أمثال يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وعزالدين ذوالفقار وبركات وعاطف سالم وكمال الشيخ.. هؤلاء وغيرهم لهم نصيب معتبر فى تكوين ملامحه الفنية، ولهذا عاد فى الثمانينيات وبعد 20 عاما مجددا للسينما المصرية، بينما رامى لن تجد له أى بصمة مصرية فنية فى مشواره السينمائى، فهو لم يولد ولم يعش على أرض المحروسة، ولكنه مصرى بالانتماء، الذى نصفه بالجذور، ولا يخلو أى حديث لرامى منها، فهو يعتز بدمائه المصرية، رغم أنه يحمل فعليا الجنسية الأمريكية.
الدقة فى التوثيق والتوصيف تجعله يؤكد دائما هذا الانتماء، وهذا هو الفيصل الوحيد الذى يشعرنا بالاطمئنان ونحن ننعته بالمصرى، كان رامى من الذكاء أنه لم يدع أحدا يضعه داخل قضبان الشخصية العربية، التى تُقدم عالميا فى إطار الإرهابى والمتطرف أو المتخلف فكريا وحضاريا، الأمر الواضح والحاسم يعنى أن لدينا فناناً يُدرك واجبه تجاه وطنه الذى ينتمى جينيًّا إليه.. وبالمناسبة لا يعنى ذلك توجيه اتهام لأى ممثل عربى يقبل أن يقدم دور إرهابى فى الدراما العالمية، ولكن يجب أن نضع فى المعادلة أولاً البعد الفكرى للعمل الفنى، والقيمة التى يسعى لترسيخها الشريط السينمائى أو المسلسل التليفزيونى بعيدا عن توجهات شخصية محددة.
أظن أن رامى أراد أن يحطم فى الأساس قيد الملامح الشكلية التى كان من الممكن لها أن تحاصره، رؤية رامى لمكانته فى مرحلة البدايات وقبل أن يصبح من حقه الاختيار وبالتالى الرفض تدل على أنه كان يتطلع لمكانة أخرى.
اسم مصر ستجده يتردد كثيرا مع رامى فى كل الأحاديث التى واكبت ترشحه للأوسكار، وسيكررها أيضا بعد الأوسكار، لا يعنى ذلك أننا سنشاهد رامى ببساطة فى أفلام مصرية قادمة، رامى ليس محمد صلاح الذى شارك مع منتخبنا الوطنى فى كأس العالم وسيشارك فى أى مباراة دولية قادمة مع فريق بلده، الفن والسينما تحديدا لهما قانون آخر.. نظرياً، ممكن طبعا، ولكن فعليا الأمر له جوانبه الفنية والاقتصادية والفكرية التى تجعل تحقيقها أقرب للمستحيل.
رامى من الممكن أن يصبح هو هدف مهرجان بحجم القاهرة، لتضعه إدارة المهرجان عنواناً لنا فى العالم، مثلما كان عمر الشريف هو رئيس شرف المهرجان منذ التسعينيات.. من الممكن أن تتم الاستعانة باسم رامى فى تسويق المهرجان عالميا، بعد أن صار له كل هذا الحضور والوميض.
مؤكد أن الأمر ليس مجرد أُمنية، ولكنه يستتبع تواصلاً بين إدارة المهرجان ورامى. اسم مصرى يصل للعالمية ليس بالأمر الذى لا يتكرر سوى مرة كل نصف قرن.. فلماذا لا نسعى لكى يُصبح عنواناً لنا فى أهم مهرجان تقيمه مصر؟!.
نقلا عن المصرى اليوم