الإعدام لنا.. والحرية للإرهابيين!
مقالات مختارة | هاني لبيب
الجمعة ٢٢ فبراير ٢٠١٩
يتبنى العديد من التيارات السياسية والفكرية فى الغرب الترويج لفكرة إلغاء عقوبة الإعدام من دول العالم، باعتبار أنها- كما يروجون- عقوبة لا تتفق مع المواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وأنها لا إنسانية ولا تتفق مع مسيرة ترسيخ منظومة ثقافة حقوق الإنسان، ويمكن استبدال العديد من العقوبات القانونية الأخرى الرادعة بها، مثل الحبس مدى الحياة، خاصة أن الإعدام ليس هو الأسلوب الوحيد لمنع الجرائم التى تهدد أمن المجتمع وسلامته.
الرافضون إلغاء عقوبة الإعدام يستندون إلى فكرة أنها العقاب الوحيد الرادع لقضايا القتل العمد وجرائم الاغتصاب والمخدرات والتجسس والإرهاب، ويذهب البعض إلى أهمية بقائها باعتبارها عقوبة ضرورية لردع أى تجاوز والحفاظ على استقرار المجتمع.
السجال حول بقاء عقوبة الإعدام أو إلغائها يكشف عن تلك الازدواجية فى التفكير، التى أصبحت تعانى منها الغالبية العظمى من مدمنى وسائل التواصل الاجتماعى.
جميع الرافضين إلغاء تلك العقوبة هم أنفسهم الذين يطالبون بحرية الرأى والتعبير وحرية الفكر وحرية الاعتقاد، ودائماً ما يصدرون الأمر إعلامياً وكأنه توجُّه دولى يجب أن نخضع له اتساقاً مع السياسة الدولية.
بالتأكيد، نحتاج إلى رؤى جديدة فى منظومة حقوق الإنسان، أقول هذا وأنا أعلم أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام هى مطلب يتسق مع ترسيخ منظومة الحقوق بوجه عام، لأن الحقوق لا يمكن تقسيمها حسب «المزاج»، أو طبقاً للمصالح والتوجهات الشخصية.. فقضايا الحريات والحقوق هى قضايا متكاملة ومتسلسلة لا يمكن فصلها عن بعضها. والحديث عن الحقوق والحريات يبدأ من الحريات الفكرية والإبداعية، مروراً بالحريات السياسية والدينية، وصولاً إلى الحريات الشخصية والجماعية، بما يتسق مع السياق الاجتماعى للمجتمع، وليس على النقيض منه كما يصورها البعض.
ما سبق لا يعنى أن نتجاهل ما يقوم به الإرهابيون من قتل وتفجير وترويع غير آدمى للمواطنين المصريين، كما لا يمكن أن نتجاهل العائلات التى فقدت رجالها وأبناءها.. والإعدام هنا لمثل هذه النوعية من الجرائم ليس مجرد حق لتلك العائلات، بل حق أصيل للمجتمع المصرى كله الذى يعانى من الإرهاب على جميع المستويات، النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
أتعجب ممن يختزلون منظومة حقوق الإنسان فى الحقوق السياسية، ويتعاملون على النقيض فى حق الحياة.. يدافعون عن ممارسة العمل السياسى، ويرفضون الدفاع عن حق الشهداء من المدنيين ورجال الجيش والشرطة، وهو أمر لا يتسق ولا يعبر سوى عن ازدواجية فكرية من جانب، وعدم وجود فهم عميق لمنظومة الحقوق من جانب آخر.
نقطة ومن أول السطر..
للمتهم أو الإرهابى حقوق فى قواعد التعامل القانونى، سواء أثناء التحقيق أو أثناء تنفيذ الحكم القضائى، ولكن للضحايا والشهداء وعائلاتهم أيضاً حقوق لدى المجتمع من خلال مؤسساته القضائية.
نقلا عن المصري اليوم