السويسريات يُطالبن بالمساواة عشية الإنتخابات البرلمانية القادمة
مع اقتراب موعد انتخابات 23 أكتوبر، أطلقت منظمات نسوية حملة كبيرة لتعزيز حضور النساء في البرلمان الفدرالي، وزيادة عددهن خلال الإنتخابات التشريعية القادمة.
إنه أوّل مشروع مشترك تطلقه مجموعة من المنظمات النسائية السويسرية يستهدف الانتخابات الفدرالية، ويدعو الناخبين إلى إعطاء أصواتهم إلى النساء المترشحات. وتقول الناشطات في هذه الحملة إنه يجب أن "تفرز الإنتخابات الفدرالية القادمة نسبة أكبر من النساء في البرلمان". ولإعطاء عنوان ورمز لهذه الحملة، وزّعت هذه المنظمات النسائية مطويات تحمل صورة لرجل مبتسم.
إضافة إلى ذلك، تدعو مبادرة "المرأة من أجل المستقبل" الأحزاب السياسية إلى إتخاذ خطوات جريئة وزيادة ترشيحاتها من بين العنصر النسائي، كما تحث وسائل الإعلام إلى الإضطلاع بدورها، وتوظيف المزيد من النساء، وعدم إشاعة الصور النمطية السلبية حول النساء ودورهن في المجال السياسي.
وتشير المنظمات التي تقف وراء هذه الحملة إلى أنه على الرغم من وجود أغلبية نسائية بين أعضاء الحكومة على المستوى الفدرالي، فإن الوضع مختلف تماما على مستوى المؤسسات السياسية في الكانتونات.
وفي عام 2010، مثّل النساء على المستوى البرلماني 30% من أعضاء مجلس النواب، في حين لم تتجاوز تلك النسبة 20% من أعضاء مجلس الشيوخ. وقد شارك حوالي نصف النائبات البرلمانيات في سويسرا حاليا في إصدار بيان وضّحن فيه لماذا من المهم منح النساء فرصة التعبير عن أنفسهن في المجال السياسي، وقد وزّع هذا البيان أيضا في إطار الحملة الحالية لتعزيز حضور النساء في البرلمان. وتأمل الناشطات أن تصل رسالتهن إلى أحزاب اليمين، ويمين الوسط، حيث لا تزال مشاركة النساء وحضورهن محدودا.
وفي الوقت الحاضر، لا يوجد من بين أعضاء حزب الشعب (يمين شعبوي)، أكبر الأحزاب السويسرية تمثيلا داخل البرلمان، سوى خمس نساء من بين 66 عضوا. في المقابل تصل تلك النسبة داخل الحزب الإشتراكي وحزب الخضر إلى التناصف بين المرأة والرجل.
وبالتزامن مع إطلاق الحملة، أوضحت إيتيانت فيرّاي، رئيسة اللجنة الفدرالية لقضايا المرأة، في حديث إلى swissinfo.ch أن "الحضور الضعيف للنساء في صفوف نواب حزب الشعب أمر لا يُصدّق. توجد هنا مشكلة".
معوقات ثلاث
لإعطاء هذه الحملة ثقلا حقيقيا، قدّمت دراسة بعنوان "واقع السياسة السويسرية" تتشكل من 80 صفحة، وقد أنجزتها ريغولا شتامبفلي بتكليف من منظمات نسائية.
انطلقت هذه الباحثة في مجال العلوم السياسية من استطلاع أجري سنة 2010 حول السياسات المناصرة لقضايا المرأة في برامج الأحزاب السياسية على المستويين الفدرالي والكانتوني، رغم أن الردود على الأسئلة التي تضمنها ذلك الإستطلاع لم تتجاوز 29 إجابة من بين 150 جهة أرسلت إليها.
وبيّنت الدراسة المذكورة أن عدد البرلمانيات لم يشهد زيادة إلا بالنسبة للأحزاب المعروفة تقليديا بمناصرتها لقضايا المرأة. كما توصلت إلى تحديد ثلاثة عوائق في العموم تمنع المرأة من الفوز في المحطات الإنتخابية: لا تعبأ المرأة للمشاركة في الشأن السياسي وفي التصويت، والفشل المؤسساتي للأحزاب في ترشيح النساء، وحقيقة نجاح عدد قليل من النساء في الاستحقاقات الانتخابية مقارنة بالمترشحين من الرجال. وأكّدت الدراسة على ان الرجال ينجحون في النهاية في تجاوز هذه العوائق، مهما كانت أعمارهم، أو الاحزاب التي ينتمون إليها، او أي كانت هيئتهم ووظائفهم.
ومن بين استنتاجات التي توصلت إليها دراسة شتامبفلي كذلك الأثار السلبية للفكرة السائدة بأن النساء يحتجن دوما إلى الدعم، وأن البحوث التي أجريت بشأن المساواة في الحياة السياسية انطلقت دوما من منظور سلبي. وأشارت على وجه الدقة إلى الدراسات التي أشرف على إنجازها الصندوق الوطني للبحث العلمي والتي حاولت الإجابة عن سؤال هل النساء يهتممن بالسياسية؟ ولماذا عدد النساء اللاتي يشاركن في الانتخابات أقل من الرجال؟
هذا النوع من الدراسات "لا قيمة له إطلاقا" بحسب ما صرحت به هذه الباحثة إلى swissinfo.ch، وأضافت متسائلة: "هل البحث في هذا الموضوع لأنها قضية تستحق ذلك، ام لأننا نريد أن نكّرس أفكار سائدة مسبقا؟". وواصلت قائلة: "البحوث من هذا النوع هي عبارة عن محاولة لإرضاء الذات".
أوّل مجموعة من البرلمانيات السويسريات اللاتي فزن في اقتراع سنة 1972
أوّل مجموعة من البرلمانيات السويسريات اللاتي فزن في اقتراع سنة 1972 (Keystone)
شبكة واسعة
توصلت دراسة "واقع السياسة السويسرية" إلى أن المظهر الخارجي سواء بالنسبة للرجال أو النساء، قد أصبح محددا إلى أبعد الحدود. وتقول صاحبة الدراسة: "الصور أصبحت أكثر أهمية من الحجج. والجاذبية الخارجية أكثر أهمية من كل شيء، لقد رأيْنا مشاهد وأطوار غريبة، لم نرها لا في فرنسا ولا في انجلترا".
ولقد ضربت على ذلك مثال الحيلة التي لجأت إليها إحدى عضوات الفرع النسائي من الحزب الراديكالي حيث عرضت نفسها للكاميرات عارية ويحيط بصدرها شريط أسود يحمل شعار يدعو إلى مزيد من النساء في المناصب العليا في القطاعيْن العام والخاص.
وخلال إطلاق هذه الحملة التي تسبق موعد الإنتخابات القادمة، دعت الهيئات النسائية المنظمة لها إلى أن تكون نسبة النساء مقارنة بالرجال في البرلمان القادم نسبة معقولة. وكان الجميع مدعوين للتصويت، لكن "الاحتفاظ بالصوت هو ايضا رسالة سياسية".
لقد سبق أن كان الإخلال بالتناسب بين مشاركة المرأة ومشاركة الرجل في الحياة السياسية في سويسرا موضع انتقاد في الماضي من طرف لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمحاربة التمييز ضد المرأة. وتأمل فيراي أن تنجح المنظمات النسائية من خلال هذه الحملة في تعبئة النساء لكي يشاركن بشكل أوسع في الحياة السياسية. وأضافت أن الدراسة توفّر صورة دقيقة عن الوضع كما هو حاليا. وأضافت فيراي: "سوف نقوم بتحليل نتائج هذه الدراسة، وسوف نرى إن كان بالإمكان فعل أي شيء. وهناك عمل كبير يجب أن نقوم به على مستوى المجتمع، وبإمكاننا أن نحدث التأثير المطلوب".
وتذكّر فيراي بأنه لم يمر عن السماح للمرأة في سويسرا بالمشاركة في الإنتخابات سوى 40 سنة وتقول: "هذا الأمر قد يراه البعض غريبا، ولكن تلك هي الحقيقة. في سويسرا التغيير يستغرق وقتا طويلا. وخطوة تليها خطوة. لكن الحصيلة تكون معتبرة".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :