الأقباط متحدون - سميرة موسى.. امرأة مصرية بعقل ذري اغتالها الموساد (بروفايل)
  • ١٨:٣٧
  • الجمعة , ١٥ فبراير ٢٠١٩
English version

"سميرة موسى".. امرأة مصرية بعقل ذري اغتالها الموساد (بروفايل)

نعيم يوسف

بروفايل

٥٨: ٠٨ م +02:00 EET

الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٩

سميرة موسى
سميرة موسى

 كانت تريد تصنيع قنبلة ذرية في مصر.. واغتيلت قبل عودتها من أمريكا

كتب - نعيم يوسف

استعداد للعودة
في 15 أغسطس، عام 1952، بينما كانت مصر تعيش أجواءًا سياسية مضطربة بعد أقل من شهر واحد على حركة الضباط الأحرار في 23 يوليو من نفس العام، كانت عالمة الذرة المصرية سميرة موسى، التي تعيش في الولايات المتحدة -آنذاك- تستعد للعودة إلى مصر، لنقل خبراتها إلى بلدها التي تحبها، ولكنها قبل عودتها تلقت دعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا، بصفتها عالمة مرموقة رغم صغر سنها حيث كانت تبلغ من العمر 35 ربيعًا.
 
زيارة غامضة
جاء لها سائقا هنديًا بسيارة ليصطحبها إلى المعامل النووية كما زعمت الدعوة التي تلقتها، وأثناء مرور السيارة في طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة، لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في واد عميق.. وكانت المفاجأة، أن السائق الهندي نجا بعد أن ألقى بنفسه من السيارة.. ثم اختفى تمامًا.
رحلة علم وتفوق
ولدت سميرة موسى، في قرية  سنبو الكبرى مركز زفتى بمحافظة الغربية، يوم 3 مارس عام 1917، في عائلة مرموقة، بها 6 شقيقات، وشقيقين من الذكور، ونظرا للمكانة التي كانت عليها العائلة، حصلت "موسى" على تعليم جيد، وكانت منذ نعومة أظافرها محبة لقراءة الصحف، وكان والدها يدعمها، لدرجة أنه انتقل معها للقاهرة لتستكمل تعليمها، واشترى فندقا استثمر فيه أمواله، وقد التحقته نجلته بمدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة، ثم التحقت بكلية العلوم بجامعة القاهرة، وكان استاذها الدكتور والعالم المصري المعروف علي مصطفى مشرفة.
 
حصلت الطالبة المتفوقة الأولى على دفعتها، على بكالوريوس العلوم، وبدعم كبير من أستاذها "مشرفة" تم تعيينها معيدة بالكلية رغم اعتراض الأساتذة الإنجليز عليها، ثم حصلت على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات.
 
شخصية وطنية محبة للحياة
كانت "موسى" تأمل أن يكون لمصر وللوطن العربي مكان وسط في التقدم العلمي الكبير، وكانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام، لأن أي دولة تتبني فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة، وكانت تتمنى أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين، كما انضمت إلى ثورة الطلاب في نوفمبر عام 1932، والتي قامت احتجاجًا على تصريحات اللورد البريطاني "صمويل"، وكانت مولعة بالقراءة، و أجادت استخدام النوتة والموسيقي وفن العزف على العود، بالإضافة إلى تنمية موهبتها الأخري في فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع. وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم ملابسها ووحياكتها بنفسها.
دراسات وأبحاث
سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة، واستجابت إلى دعوة للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1952، حيث أتيحت لها الفرصة لإجراء أبحاث في معامل جامعة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية.
 
خلال دراستها في بريطانيا توصلت إلى معادلة هامة تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع، ولكن لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها، كما أن المعادلة لم تلق قبولاً في العالم الغربي آنذاك.
 
أثناء تواجدها في الولايات المتحدة الأمريكية تلقت عروضاً للبقاء هناك لكنها رفضت، وقبل أن تعود للقاهرة بأيام قليلة تلقت دعوة لزيارة معامل في كاليفورنيا، ووقع لها حادث أدى لمقتلها إلا أن السائق نجا واختفى.
 
اغتيال
كشفت التحقيقات أن السائق ما هو إلا شخصية مزيفة، وأن المعامل لم ترسل لها أي دعوة، وبالتالي فإن العالمة المصرية تعرضت لعملية اغتيال، وأشارت بعض الدلائل إلى أن الموساد الإسرائيلي هو الذي نفذ هذه العملية لمنع وصول علمها إلى مصر، التي قالت عنها قبل وفاتها: "لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن اصنع اشياء كثيرة"، وهو الأمر الذي فسره محمد الزيات مستشار مصر الثقافي في واشنطن وقتها أن كلمة (اشياء كثيرة) كانت تعني بها أن في قدرتها اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق التوصيل الحراري للغازات ومن ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكلفة.
تكريم بعد عشرات السنين
رغم وفاتها عام 1952، عن عمر حوالي 35 سنة، وتعتبر أول عالمة ذرة مصرية، إلا أنه تم تكريمها بعد عشرات السنوات، حيث منحها الرئيس الراحل محمد أنورالسادات وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1981، وأطلق اسمها على إحدى مدارس وزارة التربية والتعليم بقريتها، كما تقرر إنشاء قصر ثقافة يحمل اسمها في قريتها عام 1998.

 

الكلمات المتعلقة