إيريس حبيب المصري.. امرأة قبطية حياتها بـ2000 عام (بروفايل)
نعيم يوسف
٥٣:
٠٦
م +02:00 EET
الاربعاء ١٣ فبراير ٢٠١٩
روت 2000 سنة من تاريخ الكنيسة.. وقضت حياتها في مشروع التأريخ
كتب - نعيم يوسف
تحتاج كتابة التاريخ إلى العديد من الصفات والمواهب، أهمها كثرة الإطلاع، والبحث، وإتقان أكثر من لغة، أما إذا كنت تريد كتابة تاريخ يمتد لـ20 قرنًا من الزمان، شهد الكثير من الاضطرابات والأزمات، والاضطهادات، فإن الأمر يحتاج لأشخاص ذوي قدرات فائقة، قليلًا ما يجود الزمان بأمثالهم، ومنهم "إيريس حبيب المصري"، كاتبة "قصة الكنيسة القبطية".
تأسيس منذ البداية
بينما كانت مصر تعيش حقبة سياسية صعبة والعالم كله مقبلا على كارثة كبرى بعد سنوات قليلة، وهي الحرب العالمية الأولى، ولدت "إيريس حبيب المصري"، وسط هذا العالم المضطرب، ولكن داخل أسرة ثرية في يوم 10 مايو عام 1910، وكان والدها رجلًا مرموقًا في الكنيسة والمجتمع، حيث كان وكيلًا للمجلس الملي العام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الأمر الذي أتاح لها هي وأخوتها أمين، وسامي، وإيفا، ودورا، قسطًا جيدًا من التعليم والتربية التي أهلتها فيما بعد للقيام بالمشروع التأريخي الضخم الذي قامت به.
فرصة للعلم
الحالة الاجتماعية الجيدة التي كانت عليها أسرتها، منحتها الفرصة لتلقي تعليمها في كلية البنات الأمريكية، ما أتاح لها إتقان اللغة الإنجليزية، كما أتقنت اللغة القبطية منذ صباها، على يد الأستاذ الكبير يسى عبدالمسيح، الذي كان يعمل أمينًا للمتحف القبطي، وحصلت على ليسانس في الآداب، تخصص في التعليم من كلية جامعة لندن في 1938، وفي عام 1953 ذهبت في بعثة أخري لدراسة علوم القبطيات في جامعة "dropsie" علي يد أستاذ أمريكي يدعي " كيروس جوردون"، كما ألقت سلسلة من المحاضرات عن مصر وعن الكنيسة القبطية في الإذاعة والتلفزيون الأمريكية وفي فروع جمعية اتحاد السيدات الجامعيات.
إنطلاق المشروع الكبير
في أحد المرات، وبينما هي منهمكة في إلقاء المحاضرات عن تاريخ الكنيسة القبطية، قالت لها سيدة أمريكية: "إذا كنتم لا تكتبون عن كنيستكم بلغة نستطيع قراءتها، فلماذا تلوموننا على جهلنا بها؟!".. وكانت هذه هي نقطة الإنطلاق للمشروع التأريخي الكبير الذي قامت به إيريس حبيب المصري لتوثيق ما يقرب من 2000 عام من تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، متسلحة في هذا المشوار الطويل بقدراتها البحثية الكبيرة، وإتقانها للغة الأم للكنيسة وهي القبطية، ولغة البحث العلمي الأبرز وهي الإنجليزية، وفي 1955، ذهبت إلى لندن للحصول على مزيد من المواد والوثائق.
التاريخ.. والتأريخ
بداية من رحلة العائلة المقدسة، في الجزء الأول، وحتى الشخصيات المعاصرة في الجزء التاسع، تناولت إيريس حبيب المصري تاريخ واحدة من أقدم وأعرق الكنائس في العالم وهي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وصدر الجزء الأول عام 1961، وتناول الفترة من رحلة العائلة المقدسة لمصر، وحتى عام 435 ميلادية، بينما صدر الجزء الثاني عام 1968، وتناول الفترة الواقعة ما بين (435- 948م )، أما الجزء الثالث فقد صدر عام 1971، وتناول الفترة الواقعة ما بين ( 948- 1518 م)، فيما صدر الجزء الرابع عام 1975، وتناول الفترة ما بين ( 1526- 1870 م)، وصدر الجزء الخامس في 1984، وتناول (1870- 1927 م)، وصدر الجزء السادس على جزئين وصدر الجزء الثاني عام 1985، وتناولت فيه الفترة التالية من الأجزاء السابقة وحتى عام 1956، ثم صدر الجزء السابع عام 1988، وتناولت فيه عصر البابا كيرلس السادس، أما الجزء الثامن فقد صدر عام 1988، وتناول سير العديد من الشخصيات المصيئة في تاريخ الكنيسة، والجزء التاسع فقد تناول 16 شخصية معاصرة، وصدر عام 1990، قبل وفاتها بأربع سنوات فقط، ورغم وصولها إلى سن الثمانين من عمرها، ليكون مشروع تاريخ الكنيسة القبطية هو مشروع عمرها.
إنجازات أخرى
رغم اهتمامها الشديد بتاريخ الكنيسة القبطية، إلا أنها كانت دائمة إلقاء المحاضرات في التاريخ القبطي في الكلية الإكليركية في كل من القاهرة والإسكندرية وفي معهد الدراسات القبطية، كما كتبت عدة كتب أخرى وهي: السيدة العذراء، والمرأة في الكنيسة القبطية، وتأثير الفرعونية على الحياة القبطية الحديثة، والأنبا صموئيل، والقمص بيشوي كامل، وحبيب باشا المصري.
حياة.. بـ2000 عام
إيريس عاشت 84 عامًا طوال مسيرة حياتها، ولكنها استطاعت أن تلملم بين طياتها حوالي 2000 سنة من تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لتصبح واحدة من أهم المؤرخين الأقباط، وقد توفت في 2 يوليو عام 1994.
الكلمات المتعلقة