بولا وانطونيوس في البرية
القمص. أثناسيوس فهمي جورج
٠٧:
٠٩
ص +02:00 EET
الاربعاء ٦ فبراير ٢٠١٩
القمص اثناسيوس فهمي جورج
قدموا اول صورة أصيلة للتسليم الابائي النسكي ، وعنهما انتقلت السيرة بالاقتداء والتلمذة والخبرات والأقوال والأعمال والتاريخ والأنماط وأساليب الحياة الرهبانية وانظمتها .
سكنا البرية السحيقة في صمت هائل وسكون عظيم ..وأسسوا عائلة سماوية علي الارض ، بسيرتهما الغيورة ، تلك التي ذاع صيتها وبواسطتها تم حفظ العالم ، محروسا من حروب ابليس وجنوده .
صاروا مواطنين حقيقيين للسماء يدافعون عن الخلقية ويتشفعون لاجلها ، وكانوا أيضا كالاشجار التي تنقي الأجواء من العوادم والتلوث . عاش القديس بولا اول السواح ولم يكن العالم مستحقا له ، وكذلك سلك انطونيوس الرجل الالهي والطبيب الذي وهبه الله لمصر ، تاركين العالم ومباهجهه وكل بهرجته ، مقدمين النموذج لعبيد الله الساهرين المنتظرين المسيح سيدهم ، و كاولاد مخلصين ينتظرون إباهم .
محاربين الأهواء والشهوات المفسدة . متصالحين مع الطبيعة راجعين لعيشه الفردوس العتيد ، جاعلين طعامهم وشرابهم وثيابهم موضع تهذيب نسكي .
متحررين من المجد الباطل والفضولية ، محذرين من القيم الزائفة .. حتي انهم تأنسوا مع الوحوش والحيوانات، مستعيدين سمات آدم ماقبل السقوط ... لذلك شهدت براري مصر سير عجيبة لنساك سجلوا حياة واقعية متجردة من الوهم والهم ، كأحباء واصدقاء لله بالبرهان وليس بالادعاء ..في توبة وتنقية وصلوات ومطانوات وسجود ، ومعرفة تذوق وخبرة ، في أصوام مقبولة واقتناء للفضيلة. فكانت البرية جبهة قتالهم مع الشيطان وموضع نصرتهم وغلبتهم مع مسيح جبل التجربة الغالب فيهم ومعهم ولحسابهم . فعادوا بالإنسان الي حالته الفردوسية الي مكانة آدم الأول المستردة في المسيح آدم الثاني الجديد ... لقد حول اباء البرية صحراء مصر الي فراديس وجعلوها بيتهم مع كل الخليقة .
وصارت الوحوش الضارية حارسة لهم . بسلطان دائس علي الحيات والعقارب ، ( وأن شربوا سما مميتا لا يضرهم ) . . لم يزعجهم اي هوي ولا مجد او كرامة او مديح وتظاهر بشري او تفاخر بالبر - ( استعراض واستجداء الاستحسان البشري ) - ، متقدمين لله بتدريبات روحية علي نحو معتدل ومتوازن وباستقرار ووعي روحي . متطلعين الي السيد الرب وحده ليصيروا ماهو عليه ؛ بتفتيش الكتب المقدسة انفاس الله ؛ وبحوار الصلاة والتسبيح كل حين ؛ وبالمواظبة علي التقدم الي الإسرار الذكية السمائية .
منفصلين عن العالم في سكينة وهذيذ لذيذ كفقراء بالروح ، لكن غير مبغضين للناس ، جاعلين من البرية ساحة لرؤية الله ومعرفته " معرفة العشرة والتذوق والخبرة والحياة " ، مكان للاتحاد واللالتصاق بالقدوس لا مكان لغريبي الأطوار او الانعزاليين ، موضع ومكان لكنوز الله المخفية في أوان بشرية .
انهم اولئك الذين تقدموا بثبات في محاكاة مخلصنا محب البشر الصالح ، ملزمين بالفرح ومبتهجين لرجاء عظيم هذا مقداره ، فطوبي لهم ولكل الذين تكملوا في الإيمان ، مع رئيس الإيمان ومكمله الرب يسوع المسيح .
الكلمات المتعلقة