بقلم : سامح سليمان
مقتطفات من كتاب صناعة المسخ                   
الخوف ومدى الاحتياج والقدرة على تلبية وتسديد الاحتياجات خاصةً الاقتصادية منها والجنسية هو الخالق لمختلف القيم والمعتقدات والتصورات، والصائغ والحاكم للعديد من العلاقات والممارسات والأفعال وردود الأفعال، فالحصول على الرفض أو التأييد والامتثال ليس صعباً بالتخويف والترهيب، فالرغبة في تحقيق الهدف والغاية واجتناب العقاب، هي القاعدة التي تبنى عليها توجهات البشر.
 
إن المجتمعات العشائرية المقولبة لا تسعى إلا لتزييف وعي الفرد وبرمجته على ما يتناسب مع مخططاتها وتوجهاتها منذ طفولته، باستخدام كافة مؤسساتها؛ خاصةً أهم مؤسسة في حياة الفرد وأكثرها تأثيرًا في حياته على المدى الطويل، وهي مؤسسة الأسرة القائمة في أكثر الأحوال على التضليل والتملك، واستعباد الأقوى للأضعف تحت العديد من المسميات فارغة المضمون وعديمة القيمة والمعنى.
 
 
إن الجنس البشرى الحالي قد تمكن من الحفاظ على بقائه ولم يفنى كباقي الأجناس والأنواع البشرية المتنوعة التي ظهرت على مر العصور _ منذ تطور الكائن الأول السابق لما سمى بالبشر والذي تطورنا عنه حتى وصلنا إلى هيئتنا الحالية_ ولم تقدر على الصمود في رحلة الصراع الدائم منذ نشأة الحياة منذ ملايين السنيين، بفضل الجين الهام الذي توافر لديه وهو جين الأنانية وغريزة حب البقاء الشخصي والذاتي على حساب باقي الأنواع البشرية والغير بشريه وأشكال الحياة الأخرى.
 
اللامبالاة أو حتى العزلة الكاملة سلوك إيجابي وليس سلبياً، السلبية قد تتمثل وتتجسد بضراوة في اتخاذ ردود أفعال مفترضه ومعقولة ومنطقيه بحسب التصنيف المتفق عليه مجتمعياً، الحياة يجب فى الكثير من الأحيان أن تعامل بخفه، وبالتحرر من الأثقال التي تستنزف حيواتنا كالبعوض.
 
المحرمات الثقافية تعمل على خنق الاستقلالية وتقييد القدرة على التفكير والتجديد المؤدية واللازمة لوجود مجتمع متحضر علمي عقلاني مستنير وأفراد ناضجين فكرياً ونفسياً، ولديهم قدر كافً من الاستقلالية والكفاية الذاتية والقدرة على المراجعة والفحص والتحليل والتقييم ثم الاختيار بوعي وحرية، فالحرية المسئولة بمختلف أشكالها ومستوياتها هي الخالق لقالب الوعي _ القاعدة الفكرية والنفسية للإنسان _ وقالب الوعي هو الموجه للفرد لأدراك هويته وقدراته ولأدراك العالم من حوله، فإذا كان قالب الوعي قد تم تشويهه وتشكيله بصورة خاطئة، وملئه بالمعتقدات والأفكار والتصورات السقيمة عن الذات والأخر والحياة، فالتقييمات والسلوكيات وردود الأفعال تأتى هي الأخرى مشوهه وضارة.
 
يتكالب المجتمع على المرأة ويسعى بإصرار إلى أن لا تشعر بكفايتها لذاتها، وأن تشعر دائماً باحتياج للشعور بغيرة الرجل عليها وربط رجولة الرجل بغيرته على المرأة، والتدخل في كل كبيرة وصغيرة من شئونهاـ حتى وإن لم تكن زوجته في بعض الأحيان ـ وأشعار المرأة بالنقص والخجل الشديد من جسدها، و أن جسدها ليس ملكاً لها بل هو ملك لولى أمرها، بغض النظر عن مؤهلاتها العلمية ومكانتها الأدبية وقدراتها العقلية ونضوجها النفسي الفكري، فهي في كل الأحوال مجرد شيء تابع مملوك فاقد للسلطة والأهلية والقدرة على الفعل واتخاذ القرار المستقل الناتج عن اختيار حر وقناعه ذاتيه بصحته وصوابه، وأيضاً سلب الفتاة وحرمانها من حقها في أن تختار من تراه مناسباً ليكون شريكاً لحياتها في الإطار الذي يرونه صالحاً لهما، أو أن تتزوج بإرادتها المنفردة، و تختار ما تتعلمه لترتقي بمكانتها الوظيفية والاجتماعية وتدعم قوتها الاقتصادية.
يجب على المرأة أن تثور وتكافح من اجل أن تحصل على حقها في المساواة الكاملة مع الرجل، فالحقوق لا تمنح على طبق من ذهب بل تنتزع وبقوة. يجب عليها أن تنزع عن نفسها قيود السلبية والإحساس بالنقص، يجب أن تنقي عقلها من المفاهيم الخاطئة عن نفسها وعن دورها في الحياة، والتي زرعت بداخلها منذ الصغر عن طريق الأسرة والتعليم والإعلام. 
 
عزيزتي المرأة أنت كائن حر خلاق مساو للرجل في كل شيء
لذا تحرري من سلبيتك وكافحي من اجل أن تحصلي على حقوقك
وتثبتي وجودك فالكفاح من اجل تفعيل الوجود هو الكفاح المقدس
 
نحن مرضى بتقديس كل ما هو قديم بدعوى الأصالة والحفاظ على تراثنا المعصوم، جاعلين من إنسان الماضي سيدًا متسلطًا وحكمًا على إنسان الحاضر والمستقبل.
يعتقد الكثير من البشر أن موتهم سيحدث تأثير كبير وفارق عظيم، في الحقيقة إن موت أي إنسان لا يزيد تأثيره عن تأثير إلقاء حصاة في بركه راكدة، بعض التموجات البسيطة ثم يعود كل شيء إلى سابق عهده، نحن مجرد ومضه في رادار الحياة.
 
البلهاء لا وطن لهم، المشاعر المرهفة والتوقعات الحسنة هي أسرع الطرق للحياة في جحيم مستمر.