مارون عبّود والسندويشات الأدبيّة
زهير دعيم
٠٧:
٠٩
م +02:00 EET
الجمعة ١ فبراير ٢٠١٩
زهير دعيم
كثيرا ما يدور في الاوساط الادبية تساؤل محيّر ، يدور ولا يجد له احد جوابًا شافيًا . كلّ يدلي بدلوه ويمشي ، والموكب يسير ، ويعود التساؤل ليهيمن من جديد على موقع آخر ووسط آخر . والتساؤل هو :-
هل على الاديب ، شاعرًا أم كاتبًا أن " ينزل " الى مرتبة القارئ العاديّ ، فيستعمل بسيط الكلام ام بالعكس عليه ان يرتفع به ، مستعملًا الرموز والايحاءات وفصيح الكلام ، دافعًا إيّاه الى البحث والتنقيب .
او بالأحرى هل على الاديب ان يجدّ في البحث عن التعادلية بين المغزى من ناحية والاسلوب واللغة من ناحية أخرى ، ام يهمل الاسلوب واللغة وينصهر في بوتقة الرسالة والمضمون ؟! .
اننا في زمن بات كل شيء فيه جاهزًا ، وأضحينا لا نستسيغ الا السندويشات الادبية والفكاهات واللغة الممجوجة والمطعّمة باللغة العبرية ، واضحت ثروتنا اللغوية بائسة ، ذليلة ، وبات قاموسنا على رفّ المكتبة – هذا ان وُجد – بات طُعمًا للغبار والزمن .
سئل شيخ نقّاد العرب مارون عبود عن رأيه في التعادلية فأجاب متسائلًا : " أيّهما اجمل وأحلى العطر في قارورة أم في فم الزهرة ؟!!" .
أظن في فم زهرة . هذا ما عناه ابن عين كفاع وهذا ما اؤمن أنا به.
ولعلّ اجمل المضامين والرسائل تلك التي لبست سربالًا اندلسيًا قشيبًا ، او تزيّنت بسوار من بسكنتا او بخلخال او بهمسات جليلية ، فجاءت وكأنها عروس ساعة فرحها ، ترفل بمجد شعب أحبَّ الحرف ومات عشقًا فيه . وكانت القصيدة تشعل نيران حرب واحيانًا تطفئها ، وكانت الكلمة سوطًا يلذع ظهور الاعداء وما زالت ، وهمسة تبرّد قلوب الحيارى والعشاق .
نحن شعب احببنا الحرف والبلاغة والكلمة المرنان التي في " محلها " احببناها وقلنا لصاحبها : " لا فُضَّ فوك " .
الا تستحق هذه اللغة الجميلة ان نعود اليها نتفيأ ظلالها ونشرب من معينها ونتغنّى بها ؟!. الا تستحق ان نحوكَ على نوْلها الفريد أغاني الصِّبا وفوْح الشباب وأمجاد الجدود ؟!.
الا تستحق منا لفتة ؟!
انها تستحق اكثر من هذا ، تستحق ان نرتاد هضباتها ونمتطي قممها ، لنحظى بنورها الوهّاج ونخطّ احلى رسائل العشق واجمل القصائد واروع واصدق المقالات .
انها تستأهل ان ننام على همسها !!!