الأقباط متحدون - بكالوريوس فى حكم الشعوب
  • ١٩:٣٥
  • الجمعة , ١ فبراير ٢٠١٩
English version

بكالوريوس فى حكم الشعوب

عبد المنعم بدوي

مساحة رأي

٥٩: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ١ فبراير ٢٠١٩

الكاتب الدرامي علي سالم
الكاتب الدرامي علي سالم

عبد المنعم بدوى
مسرحية «بكالوريوس في حكم الشعوب» كتبها في مطلع السبعينات الكاتب الدرامي علي سالم، فهو بمثابة مؤرخ ... فتعليقاته ومسرحياته تعتبر مسودة أولية تؤرخ للأحداث المعاصرة ، أنصح الأصدقاء بقرائتها ، حيث عرضت تلك المسرحيه فى اواخر السبعينات بطولة الفنان نور الشريف .

مسرحية "بكالوريوس في حكم الشعوب" ، ضاحكة وحزينة ، غير إنها بالتأكيد مبهجة ، فهى صالحه للقراءة الآن تحديداً ، فبعد أكثر من 45 عاماً من كتابتها ، فهى لاتزال تعبر عن حال كثير من المجتمعات العربية حالياً ، وكأنها كانت تستشرف المستقبل، أو كأن أزماتنا وأمراضنا السياسية والاجتماعية ثابتة لا تتغير ولا تتحول ولا تؤثر فيها السنون التى تمضى بالعالم كله حاملة تطويراً ملموساً، فيما نبقى نحن فى ثلاجات التجميد «محلك سر»..!

تدور احداث المسرحيه في بلد شرق أوسطي فيه كلية حربية، بينما الجيش بلا قادة مؤهلين، فكل دفعة خريجين لا تعود أبدا من الدراسة في الغرب حيث يفضل الضباط الشبان العيش في جهنم العدو على جنة الوطن.

ومن أجمل مواقف المسرحية عندما يفاجأ رئيس الانقلاب بعدد كبير من البرقيات المؤيدة للثورة في صباح اليوم التالي، فيسأل زميله المسؤول عن الإعلام:- من أرسل هذه البرقيات؟

فيرد عليه وهو يفخم حروف الكلمة:- الشعب..
فيعود ليسأل في إصرار:- من منهم بالتحديد؟؟.. هل ذهب الشعب إلى مكتب التلغراف وأرسل هذه البرقيات؟ إنني أرى برقية من اتحاد عمال الغابات، هل في بلدنا غابات؟، هناك أيضا برقية من نقابة عمال الحديد والصلب، هل لدينا صناعة حديد وصلب؟

وهنا يشرح له زميله ما حدث، وهو يضحك في طفولة :-
أخطر سلاح في العصر الحديث هو الإعلام، لقد وجدت شخصا يجلس تحت شجرة، فطلبت منه أن يوقع على البرقية باعتبار هذه الشجرة نواة لمشروع الغابات ، الذي سنقيمه في الخطة الخمسية القادمة ، نعم ، سيكون لدينا صناعة غابات ، وهذه البرقية باعتبار ما سيكون ، أما عمال الحديد والصلب، فقد تعبت في البحث إلى أن وجدت حدادا عجوزا تحمس للفكرة ووقع البرقية ، كما ترى أنا لم أكذب ولم أتجمل ، الشعب هو الذي أرسل برقيات التأييد.

بسخريته يقدم علي سالم نماذج (لا تزال حية بعد 45 سنة من كتابة المسرحية) محلية وعالمية، من أخطاء من يحكم بلا خبرة ؛ وشر ما يضحكنا إهدارهم الموارد عندما يبيعهم تجار السلاح غواصات متطورة والبلاد لا تطل على بحار ، أو تكنولوجيا استغلال إنتاج الغابات في بلدهم الصحراوي ، ويستثمرون في أجهزة الأمن لا في البنية التحتية ، ويزجون بأصحاب المؤهلات وراء القضبان .

من وحي المسرحية:-
أحمد: أنا دخلت المدرسة العسكرية علشان لما أتخرج، حا ننتهز أول فرصة واعمل انقلاب وامسك الحكم.. والا انت فاكرني حا تخرج ملازم تاني ، وأول، ونقيب، ورائد، وعقيد وعميد.. وكل رتبة من دول عاوزة مذاكرة وفرق وبعثات، ولما أشم نفسي ومرتبي يبقى كويس، أطلع على المعاش؟

طارق: نقبك على شونة ، الأمم المتحدة خدت قرار إن أي حاكم عسكرى لازم يكون حاصل على بكالوريوس فى حكم الشعوب ... لأن حكم الشعوب، صنعة، مهنة ، فن.. زي الطب وزي القانون وزي المحاسبة.. بل أصعب . والأمتحان حيكون فى سويسرا

أحمد: طيب لو سقطت فى الأمتحان ... الأمم المتحده ماتقدرش تشيلنى ، دى بالكتير عامله زى خالتى ... بتقعد على الكنبه وتقول " بس ياواد ماتضربش أخوك ، انت يابنت سيبى شعر أختك ..

طارق: ينشروا ورقة الأجلبه بتاعتك ... ويعلنوا درجاتك على العالم كله ، يجرسوك ، يفضحوك ، يقولوا أخد صفر فى الديمقراطيه ، أثنين على عشره فى الأخلاق ، صفر فى التاريخ .

عن الكاتب المسرحي "علي سالم :-
"علي سالم" غني عن التعريف بمؤلفاته، التي أثرى بها "المسرح الكوميدي"، ومقالاته التي نشرتها العديد من الصحف المصرية والعربية، والتي كانت علامة بارزة في مجال "الأدب الساخر"، وبالإضافة إلى كتبه الكثيرة، والتي تنوعت موضوعاتها، وتناولت مختلف شؤون الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية مكتوبة بالأسلوب النقدي الساخر الذي تميزن به جميع كتابات ومؤلفات هذا الكاتب القدير.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع