بقلم - سليمان شفيق
منذ ان ظهرت المسيحية في مصر ويعاني الاقباط من الاضطهاد تارة من الرومان واليونانيين وتارة اخري من المختلفين معهم في العقيدة بعد مجمع خلقدونيا ، وتارة اخري من بعض الولاة والمماليك، ومنذ تأسيس الدولة الحديثة يعاني الاقباط من التمييز ، ومنذ تحالف الاقباط مع ثورة 30 يونيو يدفع الاقباط الثمن مرتين ، مرة بشكل وطني واخري بشكل ديني ، ولا أحد يهتم بأن الدولة تتفكك والأمة تتحلل، والسنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك شهدت انتهاء العمر الافتراضى لعوامل الاندماج القومى، ونحن ما زلنا نتحدث خطاباً قديماً ، والاضطهاد يستمر رغم ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، من احراق الاخوان الكنائس وقتلهم للمواطنين الاقباط في اغسطس بعد فض الاعتصامات ، والعداء الاخواني السلفي لبناء الكنائس ، واختفاء القاصرات ، والاسلمة ، وتواطئ بعض صغار المسئولين ، وصولا الي انكار رئيس الوزراء لاغلاق اماكن الصلاة في منشية الزعفران بالمنيا ، رغم الفعل المستهجن والموثق في فيديوهات شاهدها الكافة ، ومحاولات بعض الاصوات الامنية في الاعلام تسويق خطاب سوقي للوم الضحايا من جهة او الايقاع بين الكنائس المسيحية من جهة اخري ،مؤشرات تنبئ بالخطر الذي لا تُحمد عقباه.
منذ أكثرخمسة و اربعين عاماً أتابع قضايا المواطنين المصريين الأقباط ، ولاحظت أن لا أحد ينظر إلى تلك القضية من منظور أزمة الدولة المدنية الحديثة، ولم يلحظ أحد أن أول تجليات الأزمة كان عام 1911 حيث بدات مع«المؤتمر القبطى» ومن 1911 وحتى «أحداث العمرانية» 2010 مضى قرن من الزمان، ومن احداث العمرانية وحتي " فضيحة" الزعفران 109عاما ، وتبوأ الحكم فى مصر أربعة ملوك (عباس حلمى، حسين كامل، فؤاد، فاروق) وستة رؤساء رؤساء (عبدالناصر، السادات، مبارك ، مرسي وعدلي منصور والسيسي). شهد هذا القرن (73) حكومة، (42) فى العصر الليبرالى منذ حكومة بطرس غالى باشا 1910 وحتى حكومة على ماهر باشا 1952 بتكليف من الملك فاروق، و(7) حكومات فى عهد ناصر، و(7) فى عهد السادات، و(9) حكومات فى عهد مبارك، وثمانية حكومات من ثورة 25 يناير وحتي الان ، كل ذلك والمشكلة "الطائفية" ـ اي مشاكل التمييز واضطهاد الاقباط ، قائمة بشكل أو بآخر. فى العصر المسمى الليبرالى، وفى فبراير 1934، فى حكومة عبدالفتاح يحيى باشا أصدر العزبى باشا وكيل وزارة الداخلية الشروط العشرة لبناء الكنائس التى سببت 76% من الأحداث الطائفية. ارتبط ذلك بإسقاط دستور 1923 وإعلان دستور صدقى 1930 وظهور جماعة الإخوان المسلمين وتحالفها مع صدقى.. بل وفى ظل زخم زعامة النحاس للأمة تم «تجريس» حزب الوفد فى الأربعينيات من القرن الماضى على أنه «حزب نصرانى». أسس لهذه الحملة أيضاً الإخوان المسلمون، وللأسف شارك فيها كتاب كبار مثل العقاد، والأخطر أنه فى ظل حكومة الوفد 1950 لأول مرة بعد ثورة 1919 تم حرق كنيستين إحداهما فى السويس والأخرى بالزقازيق وسقط قتيلان من الأقباط. ومن العصر الليبرالى إلى العصر الناصرى، لم تشهد المرحلة أى اعتداءات على أقباط أو على الكنائس، ولكن تم إضافة خانة الديانة للبطاقة الشخصية، الأمر الذى انسحب إلى العديد من الوثائق الأخرى، كما تم حرمان الأقباط من الوظائف العليا فى بعض أجهزة الدولة. .. ناهيك عن تحويل جامعة الأزهر من جامعة دينية إلى جامعة مدنية يقتصر القبول فيها على المواطنين المسلمين رغم أنها تمول من أموال المصريين مسلمين وأقباطاً. ثم جاء مشروع السادات بالتحالف مع الإخوان لضرب الناصريين والماركسيين.. وانتقلت ظاهرة الإخوان المسلمين والتديين من خارج النظام السياسى إلى داخله، وتسللت إلى قمته.. وعبر الانفتاح الاقتصادى ضرب السادات الأساس الاجتماعى للمشروع الناصرى، وبدأت البطالة تطل برأسها، وبدأ تهميش الصعيد، مما مهد الطريق اجتماعياً للإرهاب، فى عصر مبارك، خاصة العشر سنوات الأخيرة. لم تعد الدولة مدنية ولا حديثة، بل صارت دولة مملوكية (ظهر مشروع التوريث)، وعكس ما يتصور الجميع كانت هذه المرحلة هى العصر الذهبى للإخوان، حيث تم تمكينهم اقتصادياً (السيطرة على 55% من تجارة العملة، و22% من تجارة التجزئة ، و14% من شركات التصدير والاستيراد ، و88 نائب في مجلس الشعب . وعلى الصعيد السياسى وافق الإخوان على التوريث مقابل التمكين فى مجلس الشعب، إضافة إلى التمكين الدولى وتأسيس التحالف الإخوانى الأمريكى! ومن 2011 وحتي فضيحة الزعفران ،لم يتوقف العنف من التيارات الاخوانية والسلفية ضد الاقباط ومنها:
تفجير كنيسة القديسين في محافظة الأسكندرية، في اول يناير 2011، وتسبب الهجوم في مقتل 23 شخصا وجرح 79 آخرين استمر الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين في مصر بعد ثورة 25 يناير، وبدأت أولى الأحداث بعد الثورة في مارس 2011 بمدينة أطفيح، بالعاصمة القاهرة، وأدى الأمر إلى اندلاع اشتباكات، أصيب فيها اخرين . اندلعت أعمال عنف طائفي في عام 2011 بمنطقة إمبابة، التابعة لمحافظة القاهرة، على خلفية علاقة بين رجل مسيحي وامرأة مسلمة،أودت بحياة 13 شخصًا من أشهر الأزمات بعد ثورة يناير، ما عرف إعلاميا بـ"أحداث ماسبيرو"، والتي راح ضحيتها 25 من القتلى ووعشرات الجرحي ،وهجوم الاخوان علي الكنائس بعد فض اعتصامات رابعة والنهضة ، في يوليو 2013 ، وبلغ عدد الكنائس التى تم حرقها وتدميرها بالكامل «36» كنيسة ومنشأة مسيحية، فى حين تم حرق وتدمير «16» كنيسة ومنشأة بشكل متوسط، و«8» بشكل جزئى، كما تم نهب وسلب 4 كنائس ومنشآت مسيحية، وبلغ عدد الخسائر فى ممتلكات الأقباط الخاصة «421»، كما جرح وأصيب وقتل العشرات، ومنهم من تم التمثيل بجثته مثل إسكندر طوس بدلجا بالمنيا انفجار في الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بمنطقة العباسية في وسط القاهرة يسفر عن مقتل 29 شخصا وإصابة 49 آخرين في ديسمبر/ 2016 مقتل سبعة أقباط في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء إثر سلسلة اعتداءات استهدفتهم في هذه المنطقة التي ينشط فيها تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة الإسلامية. وأدت هذه العمليات إلى فرارالأسر المسيحية من المدينة خوفا على أرواحهم. وقع هجومان أثناء قداس احد"الشعانين"، وكان أولهما في كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا، وبعد ساعات، وقع الانفجار الثاني بمحيط الكاتدرائية المرقسية بمدينة الاسكندرية، عندما حاول شرطي التصدي لانتحاري ففجر الانتحاري نفسه، أودى التفجير الأول بحياة نحو ثلاثين شخصا وأصيب أكثر من سبعين آخرين بجروح معظم من رواد الكنيسة. مقتل 27 شخصا واصابة العشرات في هجوم ارهابي علي حافلة في طريقها لدير الانبا صموائيل بالمنيا . مقتل 5 في هجوم على كنيسة ماري جرجس بحلوان بالقاهرة. مقتل شخص وجرح شرطي عندما حاول انتحاري استهداف كنيسة بمنطقة مسطرد شمالي العاصمة المصرية مقتل 7 أشخاص ،وإصابة 13 في استهداف حافلة تقل أقباطا وهم في طريق دير الانبا صموائيل بالمنيا، و مقتل عماد المقدس وابنة ديفيد بعد اطلاق شرطي النار عليهم ووجهت له النيابة تهمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد.
كل تلك الاحداث ادت الي ان يقر الرئيس لجنة لمكافحة الاحداث الطائفية ، وبالطبع ايدنا تلك اللجنة ، ولكن اقترح ان تضم اللجنة ممثلين للاعلام ومنهم رئيس المجلس الاعلي للاعلام ونقيب الصحفيين ، حتي لا نشهد ظاهرة "الصحفي الفتوة" و"الاعلامي السوقي " ، حرصا علي مشاعر ملايين المواطنين المصريين ، وحتي لا يسئ امثال هؤلاء الي الرئيس والامن ، لان البعض يعتقد "انهم مسنودين من الداخلية " ، كما لايجب الهروب من عمق المشكلة والقاء اللوم علي الانبا مكاريوس لان المشكلة موجودة في كل ريف الصعيد ويمكنني نشر 54 مكان من الاقصر وحتي اطفيح بالجيزة تعاني من نفس المشاكل وخاصة 4 أماكن في مغاغة بل وللعلم مدينة العدوة هي المدينة الوحيدة في مصر التي لايوجد بها كنيسة ، و2 في بني مزار و3 في مطاي ، و4 في سمالوط ، و6 في المنيا وابو قرقاص ، و3 في ملوي ، و2 في ديرمواس ، ويتحدث في تلك الامور ليس الانبا مكاريوس فحسب بل والانبا اغاثون اسقف مغاغة ، وكهنة ايبارشية سمالوط ، ولا نريد مزيدا من الايضاح ، واخيرا ليس بالافتراءات والسوقية الاعلامية تحل المشاكل ، وليس بأنكار بعض المسئولين ،يمكن حل الازمة ، ولذلك لا يثق احد الا في شخص الرئيس ، ومؤسسة الرئاسة ، وما تبفي لازالوا يعيشون الي ما قبل الثورتين ، اللهم ان ابلغت اللهم فأشهد .