بقلم / هيام فاروق

منذ أيام دعيت لحضور حفل ( تلبيس دبل ) لإبنة شقيق زوجى .. هى فتاة جميلة تتمتع بجاذبية وهدوء وأدب جم وهى فنانة تشكيلية وخطيبها شاب وسيم من أسرة طيبة يعمل مهندسا . ولأنى لم أنجب بنات فإنى أعتبر بنات عائلة زوجى كأنهم بناتى تماما ، أحبهن حبا شديدا ، و أشاركهن تطلعاتهن و بعض أفكارهن وأتفاعل معهن وكأنهن بالفعل صديقاتى . فى هذا اليوم ذهبت وأنا سعيدة بأن أرى ابنتى الحبيبة هذه وهى تختار من شاء الله أن يرتبط بها بالرباط المقدس .

 

بدأت العروس فى تجهيز نفسها لاستقبال عريسها والمدعوين وكعادة كل فتاة فى هذا اليوم أن تكون محاطة ببعض أقرب الصديقات لمساعدتها فى غرفتها الخاصة ، وكنت معها وكعادتى دائما أهوى النظر إلى وجوه البعض فى أى مناسبة وأحب دائما رصد المشاعر الظاهرة والكامنة فى ملامح الناس . ولا أعلم لماذا كانت عينى دائما تتوقف عند فتاة معينة من صديقات العروس .. فتاة إخترقت قلبى دون أن يكون بيننا أى حوار سوى (عقبالك يا قمر ) فأجابتنى بينما ترتسم على وجهها ابتسامة ساحرة أخَّاذة ذات جمال هادئ حزين ( أنا متجوزة من 9 شهور ) فقلت لها ( يعنى إنتى كمان عروسة ) فأجابت بإيماءة من رأسها فى أسى . لا أعلم لماذا شعرت فى قلبى بغصة تجاه هذه الإبنة الحبيبة !!! و ظلت عيناى تتبعها دون إرادتى معظم الوقت .

 

بدأ الحفل و استقبلت العروس عريسها وأقاربه بفرحة غامرة و بدأنا الحفل برفع صلاة قصيرة و مباركة الأب الكاهن لهما .. وكان حفل عائلى بهيج .. وفى نهاية الحفل وقد انصرف معظم المدعوين ولم يبقَ سوى أقرب الأقارب المقربين وهذه الإبنة صديقة إبنتى الحبيبة ( إبنة شقيق زوجى ) . جلسنا برهة فى هدوء ننظر جميعنا للعروس وعريسها وأطلت النظر إليهما وقد ارتسمت على شفتاى إبتسامة تعبر عن فرحتى وخوفى .. فرحتى بفرح ابنتى الحبيبة .. وخوفى من المجهول .. هل سيتفقا و تظل السعادة هكذا بين الحبيبين ؟ أم ستهرب السعادة بوجود إختلافات وخلافات .. وإلى أى مدى ستتوقف أو تستمر ؟ دارت فى رأسى أفكار وصراعات وحولت عيناى على الفتاة التى إخترقت قلبى .. ولكنى تنبهت إلى إبنتى الحبيبة و هى تبتسم لى فقلت لها : (مبروك .. أتنبأ لكِ بحياة رومانسية جميلة على غرار حياة مهند ونور فى مسلسل نور التركى ) .. فوجئت حينئذ باشتراك الحاضرين والقريبين وتأييدهم بأن العروس بالفعل تشبه كثيرا شخصية ( نور ) والعريس أيضا يشبه إلى حد ما ( مهند ) وتعمدت فتح حوار الرومانسية هذا فيما قبل الزواج وما بعده .. وبالطبع لم يخلو الحوار من قفشات زوجى الحبيب وهو يؤكد أن الحوار مرفوض تماما فلا رومانسية قبل ولا بعد .. ومنهم من أيد ومنهم من عارض عندما أطلقت تعريفى للحب بشيء من المرح طبقا لعبارة أديبنا الكبير ( أنيس منصور ) : " الزواج هو مقبرة الحب " .. ولم أنسى وسط كل هذا أن أُصَدّر أذنى لأى كلمة تنطق بها هذه الفتاة الجميلة صديقة العروس .. ليس من باب الفضول .. ولكن من باب خوفى على كل فتاة أراها واعتبرها إبنتى بالفعل مما أثار داخلى كتابة هذا المقال .

 

إنفض الحفل وذهب كلٌ إلى حال سبيله .. وظل ذهنى مشغولا بابنتى وصديقتها . وأريد أن أشرككم معى ولكن لأول مرة أعلن أننى لن أتكلم بطريقة حيادية كمبدأى فى مقالاتى السابقة .. ولكنى سأتكلم بتحيز شديد للمرأة فى هذه المرة .. والسبب أننى أرى كل امرأة الآن تتحمل الكثير وتسعى بشتى الطرق أن تظل محتفظة بزوجها وشريك عمرها بكل فنون الحب والإهتمام و لا ألمح هذا من قبل الرجل بنفس القدر .

 

يقول البعض أن بقاء الزوج بجانب الزوجة بصورة دائمة ، قد يؤدى إلى فتور الحب بينهما ، وأرى أن فى هذا شئ من الصحة .. لأن فى غياب الزوج أو الحبيب عن الزوجة أو الحبيبة لفترات متقطعة تجعلهما يذوقان فى كل لقاء طعم شهر العسل ، وبهذا يستمر معهما الحب مدى الحياة . ولكنى أرى أيضا أنه كما أن لدوام القرب أخطاؤه فأيضا لدوام الغياب أخطاره .

 

يرى البعض أن أعظم مصدر للحنان والحب هو قلب المرأة إذا أحبت .. كما أنه أعظم مكمن للضغينة إذا كرهت .

يرى البعض أنه لا توجد جوهرة فى العالم أكثر قيمة من امرأة تصونك وتحبك من قلبها .

قال دوماس الصغير : إن قلب المرأة هو أسرع الأنسجة إلى العطب وأسرعها أيضا إلى الالتئام .

كل هذه أقوال عن المرأة .. ولذا أوجه كلامى إلى كل أب وأم أنه يجب أن نعلم أبناؤنا وبناتنا فن الحب .. نعم الحب فن .. وللأسف أرى أن عملية الاستعداد للحب والزواج لا تتفق مع مجتمعنا الشرقى الحاضر لأن التقاليد الشرقية توصم الفتاة فى سمعتها مما يجعل الفتاة تدخل عتبة الزواج غير مُعدة ولا مؤهلة لهذا الفن .

يا عزيزى الرجل .. أنت تملك فى محبوبتك ما لديها من مفاتن و رقة وجمال وعذوبة .. فلماذا لا تعاملها على أنها ملكة متوجة !!!! .. فبداخل كل امرأة ملكة وخادمة .. إذا غازلتها كملكة فستصبح لك خادمة .. فليس من طبيعة المرأة الخشونة والغلظة إلا عندما تقسو عليها وتستبد بها .. أرى المرأة مخلوق بين الملائكة والبشر ، واعلم عزيزى الرجل أن هروب المرأة منك ما هو إلا لكى تلحق بها وتشعر هى بذلك ، وهى تتوق دائما إلى الرجل الذى يتوق إليها دائما .. لماذا لا تشعرها بأنها أعذب النساء قولا بدلا من تبكيتها فى كل كلمة تنطقها ؟ لماذا لا تشعرها بأنها أعذب النساء دعابة وسحرا بدلا من إنتقادها الدائم ؟ وأخيرا لماذا تنسى أن المرأة تحمل رقة رأيكم ؟ وكبر ياءا .. فإذا أدركت قلبها أحبتك وأصبحت أنت سيدها ومالكها حتى النهاية .. وإذا أخفقت فى هذا ضاعت جهودك عبثا .

أرى أن موضوع الحب يجب أن يُحترم ويجب أن نتناقش فيه بصراحة سواء داخل الأسرة أو على مستوى المجتمع كله .. فما رأيكم