في الذكرى الـ101 لميلاده.. قالوا عن عبدالناصر: متواطئ مع المحتل.. ومن أخلص رجال الوطن.. الديكتاتور.. وأخر الأنبياء

اتهمه "نجيب" بالتواطؤ مع المحتل.. وأكد السيسي أنه "من أخلص الرجال"

كتب - نعيم يوسف
منذ أكثر من مائة عام، وبالتحديد في يوم 15 يناير عام 1918، شهد حي "باكوس" بالإسكندرية، ميلاد طفل صغير أُطلق عليه لقب "جمال".. ولكن لم يعلم أحد وقتها أنه سيكون الشخص الأكثر إثاره للجدل في التاريخ الحديث.. إنه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

يعتبر الرئيس "عبدالناصر"، سواء اختلفت معه، أم اتفقت من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في العصر الحديث، حتى بعد وفاته، وعلى الرغم أن البعض يصفونه بالديكتاتور، وأنه بطش بمعارضيه، إلا أنه يحظى بشعبية جماهيرية غير مسبوقة، ليس فقط بين الجيل الذي عاصره، بل في الأجيال اللاحقة، فلم نسمع مثلا عن "التيار الساداتي"، أو الأحزاب الساداتية -نسبة للرئيس السادات- أو الأحزاب المباركية أو التيار المباركي -نسبة إلى الرئيس محمد حسني مبارك- كما حدث مع عبدالناصر في "التيار الناصري"، الذي خلفه ورائه، والذي مازال مؤمنا بأفكاره، مدافعا عنه بشراسة ضد كل من يحاول الاقتراب منه.

ديكتاتور
معارضوه، يرون أنه "ديكتاتور"، أحبط التقدم الديمقراطي، وتسبب في سجن آلاف من المعارضين، وقاد الإدارة القمعية المسؤولة عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، وقد قمع الصحافة وجعلها بوقا لسياساته.

آخر الأنبياء
أما مؤيدوه، فيمجدونه بطريقة غير عادية، ووصل وصل البعض من فرط حبهم في عبدالناصر إلى وصفه بأنه "آخر الأنبياء"، وبعد وفاته نشر الشاعر العراقي الكبير نزار قباني، قصيدة رثاء تحمل عنوان "قتلناك يا آخر الأنبياء".


يذهب الرئيس الراحل محمد نجيب في خصومته مع "عبدالناصر"، إلى اتهامه بالتواطؤ مع الإنجليز في اتفاقية الجلاء، وأنه وأعطاهم امتيازات عسكرية واقتصادية مقابل الحصول على دعم بريطاني وأمريكي في صراعه ضد نجيب.

متواطئ مع المحتل
"عبدالناصر"، الذي اتهمه "نجيب" بالتواطؤ مع المحتل الإنجليزي، غنت له كوكب الشرق أم كلثوم عدة أغاني، أبرزها "يا جمال يامثال للوطنية"، عام 1954، وهي من كلمات بيرم التونسي، وألحان رياض السنباطي، وتقول كلماتها: "يا جمال يا مثال الوطنية... أجمل أعيادنا المصرية.. بنجاتك يوم المنشية... ردوا ردوا عليا.. بنجاتك و نجاة أوطانك... فرحتنا و حسرة من خانك".


من أخلص رجال مصر
الشهادة في حق وطنية "عبدالناصر" من خلال أغنية قيلت في عصره، قد تكون مجروحة، إلا أنها عندما تأتي من رئيس دولة جاء بعده بعشرات السنين، فلا يشكك فيها أحد.

في الذكرى المئوية لميلاد عبدالناصر، ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة، قال فيها: "تحية تقدير وإجلال نتوجه بها لرجل من أخلص رجال مصر.. جمال عبدالناصر".


سلطان الخلط
ويعتبر الكاتب توفيق الحكيم، من النماذج الخاصة في العلاقة مع الرؤساء، وبالرغم من مكانته التي حظي بها في العهد الناصري، إلا أنه أصدر كتابا فيما بعد أسماه بـ"عودة الوعي"، هاجم خلاله التجربة الناصرية، ووصفها بأن الشعب فيها كان مغيبا، وفاقدا للوعي، وقال فيه: "سحرونا ببريق آمال كنا نتطلع إليها من زمن بعيد، وأسكرونا بخمرة مكاسب وأمجاد، فسكرنا حتى غاب عنا الوعي"، كما وصف "الحكيم" ناصر بأنه "سلطان الخلط" الذي يتقن فن الخطابة.

رجل بعيد النظر
خالد محيي الدين، الذي نفاه عبدالناصر إلى سويسرا لعدة سنوات، تحدث في مذكراته عن زميله السابق في مجلس قيادة الثورة، وتنظيم الضباط الأحرار قائلا: "من اللحظة الأولى أحسست أنه شخصية قيادية، كان رجلا بعيد النظر لا يخطو خطوة إلا بعد حساب دقيق... كان عبد الناصر قارئا ممتازا سواء قبل الثورة أو بعدها، وكان مستمعا جيدا ينصت باهتمام لما تقول دون مقاطعة".

تحليل .. بعد عشرات السنين
أما الدكتور مراد وهبة، أستاذ الفلسفة في جامعة عين شمس، فيقف بعد عشرات السنين من رحيل عبدالناصر موقف المحلل، موضحا أن الرئيس جمال عبدالناصر، خاض المعركة ضد الإخوان ولكنه لم يجهز عليهم بالكامل، لأنه لم يكن متشكك في الفكر الديني الخاص بالإخوان، ولكن في السلطة، ووعد المرشد العام للجماعة "الهضيبي"، بأن ينفذ مبادئ الإخوان في التعليم، وكان صادقا، وعين كمال الدين حسين، ولكنه اكتشف الخطأ في عام 1970.