ترامب وأردوغان ومستقبل الأكراد في سوريا
سليمان شفيق
الثلاثاء ١٥ يناير ٢٠١٩
سليمان شفيق
منذ قرار الرئيس الامريكي ترامب انسحاب القوات الامريكية من سوريا في ديسمبر الماضي ، ولا تخفي أنقرة رغبتها في إطلاق عملية ضد هذه المجموعة الكردية، لكن واشنطن تحاول طمأنة حلفائها الاكراد .
ووصل الامر ان صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهدد تركيا بكارثة اقتصادية، إذا شنت هجوما ضد الأكراد بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
وكتب مساء الأحد الماضي ، في تغريدات على حسابه في موقع تويتر "سندمر تركيا اقتصاديا إذا هاجمت الأكراد"، داعيا إلى إقامة "منطقة آمنة بعرض" 30 كلم.
علي اثر ذلك أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب ناقشا، خلال مكالمة هاتفية ، بحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان إقامة "منطقة أمنية يتم تطهيرها من الإرهاب في شمال سوريا، حسب بيان للرئاسة التركية. ويمكن أن تمتد 30 كلم في عمق هذا البلد.
وخلال محادثتهما، أكد أردوغان لنظيره الأمريكي أن تركيا جاهزة لتأكيد "كل نوع من الدعم" للولايات المتحدة في إطار انسحابها من سوريا .
وتأتي هذه المحادثة فيما تمر العلاقة بين أنقرة وواشنطن بفصل جديد من التوتر المرتبط بمصير وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة "إرهابية"، لكنها مدعومة من الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية"
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، على نحو 30% من مساحة سوريا، في منطقة تمتد بين شمال وشمال شرق البلاد.
وبعد سنوات من النضال ، تصاعد منذ عام 2012 نفوذ أكراد سوريا مع انسحاب القوات الحكومية من مناطقهم تدريجياً ، وفي 2013، أعلنوا إقامة إدارة ذاتية على مناطق سيطرتهم. وتوسع نفوذهم تدريجياً، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، مع طردهم تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق واسعة أبرزها مدينة الرقة وحقول النفط والغاز الغزيرة الإنتاج في محافظة دير الزور شرقاً.
وكان النظام السوري يهاجم الأكراد لتحالفهم مع واشنطن،و في نفس الوقت كانت تركيا، تعتبرالوحدات الكردية مجموعة إرهابية"»
ويرجح الخبير في الجغرافيا السورية والأستاذ في جامعة «ليون 2» فابريس بالانش، لوكالة «فرانس برس»، بأن «يصار إلى تقاسم مناطق قوات سوريا الديمقراطية بين الأتراك والجيش السوري»
ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن، أن الأمر يحتاج إلى وقت، «لأنه من غير المرجح في الوقت الحالي أن يتحرك النظام من دون اتفاق، إن كان مع قوات سوريا الديمقراطية أو تركيا.
وكانت الحكومة السورية التي تسيطر على أكثر من 60% من مساحة البلاد، تتحدث دائما عن عزمها استعادة أراضيها كافة، وسبق للرئيس بشار الأسد أن وضع الأكراد أمام خيارين: المفاوضات أو الحسم العسكري .
وبناءً على دعوة الأكراد، انتشرت قوات النظام في 28 ديسمبر الماضي في محيط مدينة منبج لحماية المنطقة من التهديدات التركية. وأعلنت دمشق حينذاك ،انسحاب نحو 400 مقاتل كردي من المنطقة.
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات، الاثنين الماضي، أن التفاهمات الأخيرة بين أنقرة وموسكو إثر القرار الأميركي تتضمن «أن تعود (مدينة) منبج تحت إشراف الدولة السورية كاملة وكذلك
أما في ما يخص مناطق الأكراد الأخرى الواقعة شرق نهر الفرات، وفق الصحيفة، فسيتم بحث مستقبلها
ويرى بالانش أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن «يعبر الجيش السوري نهر الفرات ويعود إلى الرقة،
والهدف الأبرز لدمشق، وفق قوله، استعادة حقول النفط والغاز في محافظة دير الزور، مرجحاً أن يحصل ذلك إثر تفاهم مع الأكراد. ويرى أن ما سيسهل مهمة دمشق هو تحالف فصائل عربية ضمن قوات سوريا الديمقراطية وعشائر من المنطقة معها على اعتبار أنها الأكثر قوة"»
وكانت القوات التركية قد سيطرت في مارس 2018 على منطقة عفرين في شمال سوريا بعد هجوم واسع مع فصائل سورية موالية لها. وسعت لإقامة منطقة عازلة على طول حدودها.
ولتحقيق المنطقة العازلة ، يؤكد بالانش عن اعتقاده أن تركيا «ستدخل بعمق 20 إلى 40 كيلومتراً في الأراضي السورية وتحديداً المنطقة الكردية"»
وتطمح تركيا وفق فيمن لإقامة «منطقة عازلة»، لكنها ستحتاج إلى «موافقة روسية للتقدم» وستجد أمامها صعوبات عدة.
ويوضح بالانش: «تريد روسيا الحفاظ على علاقات جيدة مع تركيا إلا أنه من الصعب التوفيق بين سيطرة الأخيرة على جزء جديد من سوريا وتحقيق هدف موسكو في استعادة حليفتها (دمشق) كامل السيادة» على أراضيها.
ويرى أن «الفرصة الوحيدة» لإنقاذ بعض مكتسباتهم هو «اتفاق مع النظام برعاية روسية»، محذراً في الوقت ذاته من أنه «ليست هناك أسباب كثيرة للتفاؤل بالنظر إلى سجل النظام في المفاوضات والتزامات روسيا في مناطق أخرى"»
وباشر الأكراد قبل أشهر محادثات رسمية مع دمشق، حددوا هدفها بوضع خريطة طريق تقود إلى "حكم ذاتي»، لم تسفر عن نتائج بعد، مع رفض النظام القاطع مبدأ الإدارة الذاتية.
ويقول بالانش: «لا يجدر بالأكراد أن يتوقعوا الكثير من النظام السوري»، مشيراً إلى «سيناريو يصعب تحقيقه، ويتمثل في بقاء منطقتين تحت سيطرتهم هما كوباني والجزيرة (الحسكة) لكن بحماية الجيش السوري.
ولازال الصراع قائما بين تركيا وامريكا من جهة ، والتفاوض الكردي مع النظام السوري من جهة اخري ، وفي كل الاحوال تظل روسيا القاسم المشترك بين جميع الاطراف .
من المعروف ان الاكراد يعيشون في كل من العراق وسوريا ولبنان وتركيا وروسيا وايران ، وكل هذة الدول ترفض اعطاء الاكراد حق تقرير المصير او الحكم الذاتي .