ميراث المرأة.. حكم الرب من الصفر إلى النصف ”قراءة في الأديان”
منوعات | بلدنا اليوم
الثلاثاء ١٥ يناير ٢٠١٩
نظرة يمنى نحو خلاف المواريث في الإسلام الذي اندلع بشعلة تونس، قد تدفعك إلى نظرة أخرى يسرى لذات القضية ولكن تلك المرة في المسيحية، لتجد نفسك تلتفت بدوران كامل نحو آلاف النظريات في كل الأديان والمعتقدات تحت مسمى، «الدين لله فلمن الميراث»!!.
الكثيرون وجدوا أنّ الإسلام ظلم المرأة في هذا الحق البسيط، لكن الحقيقة لو سرنا وفقًا لهذا القول، فالأديان الأخرى أيضّا ظلمت المرأة، منذ قيام البشرية وميراث المرأة له حدود لا يتجاوزها أحد في كل دين وزمن، بداية من الفراعنة حتى الحضارات القديمة وانتهاءًا بالأديان السماوية .
الميراث عند المسيحية.. مناصفة قبل الاحتكام في الإسلام
الكنيسة لم تضع للميراث نظامًا محددًا ولا قوانين مالية، إنما وضعت مبادئ روحية، في ظلها يمكن حل المشاكل المالية وغيرها.
انطلاقًا من قول المسيح عندما سأله أحد تلاميذه « يا معلم، قل لأخي أن يقاسمني الميراث. فأجابه: «مَنْ أقامني عليكما قاضيًا أو مقسمًا؟».. ثم قال «انظروا، تحفظوا من الطمع».
ولكن الغريب في الأمر أنً الحقيقة غير ذلك، فبالرغم من أنً المسيحية لم تضع قوانين لنصيب المرأة في الميراث، فاتجهت بدورها إلى الإسلام لتحدد نصيبها، فهم يسيرون وفقًا للحب والتراضي كما تحدثنا، ولكن منعًا للمشاكل فإنً المحكمة تكون الحل الأسهل والتي بدورها تحكم على أساس الشريعة الإسلامية «للذكر مثل حظ الأنثيين».
واتجه بعض المسيحيين إلى اتخاذ طريقًا مخالفًا حتى لايلجؤا إلى المحكمة بأن المسؤول عن الميراث يقسم أمواله بين أبنائه قبل وفاته، وهو الأمر الذي اتبعه الكثيرين.
الأنبا بولا: من يلجأ للمحكمة يكسب الدنيا ويخسر الآخرة
الأنبا بولا أسقف طنطا، قال في إحدى أحاديثه عن قضية «الميراث» وما يتعلق بها، إن الأمور المادية والمدنية لم يشر إليها الكتاب المقدس، وإنما وضع أمورًا رمزية وعينية، وعلى أساسها تتشكل الأمور والقوانين الوضعية، مؤكدًا أن العقيدة المسيحية قد رسخت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، دون أي تفرقة، وذكر أن الرب عندما خلق حواء، جعل رسالتها معينًا لأدم، أي للرجل، ولكن مكانتها متساوية مع الرجل، مشيرًا في السياق ذاته، إلى أن الشريعة الإسلامية قد جعلت حظ الرجل ضعف حظ الأنثى، وذلك يتنافى تمامًا مع ما نادت به عقيدتنا المسيحية.
وفي إشارة منه إلى ما كان يحدث في الكنيسة الأولى، رأى نيافة الأنبا بولا أن الأفضل هو توزيع الجزء الأكبر من الميراث على من هو أكثر احتياجًا، والجزء الأقل لمن هو أقل احتياجًا، وأوضح أنه يجب على كل أسرة أن تستعين بالكنيسة أو بأب كاهن وقور، عند توزيع الميراث، ومراعاة أن يتم ذلك خلال جلسة حب ومودة، وأضاف أن من لا يريد الخضوع لتعاليم الكنيسة والكتاب المقدس، فليلجأ للقضاء والمحاكم، التي ستحكم له بالشريعة الإسلامية، التي تختلف كل الاختلاف عن عقيدتنا المسيحية، وأن من يلجأ لشريعة أخرى غير المسيحية في الميراث، سيأخذ كثيرًا على الأرض، ولكن في السماء سيخسر.. على حد قوله.
ميراث المرأة عند اليهود .. ممنوعة منه بحكم الرب
يقوم نظام الميراث عند اليهود على حرمان الإناث من الميراث ، سواء كانت أما أو أختا أو ابنة أو غير ذلك إلا عند فقد الذكور ، فلا ترث البنت مثلاً إلا في حال انعدام الابن .
فقد جاء في الإصحاح السابع والعشرون من سفر العدد أن بنات صلفحاد بن حافز وقفن أمام موسى واليعازار الكاهن وأمام الرؤساء ، وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع ، قائلات : « مات في البرية ، ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح بل بخطيئته مات ، ولم يكن له بنون».
لماذا يحذف اسم ابينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن .... أعطنا ملكا بين إخوة أبينا ، فقدم موسى دعواهن أمام الرب ، فكلم الرب موسى قائلا: بحق تكلمت بنات صلفحاد ، فتعطيهن ملك نصيب بين أخوة أبيهن، وتنقل نصيب أبيهن اليهن ..... الخ .
وتكلم نبي اسرائيل قائلا : أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه الى ابنته،ولذلك فالزوجة أيضًا في شريعة اليهود لا ترث من زوجها شيئا مطلقا .
الميراث عند الأمم السامية أو الأمم الشرقية القديمة .. حرموا النساء
ونقصد بالأمم السامية أو كما يطلق عليها الشرقية القديمة، «الطورانيين والكلدانيين والسريانيين والفنيقيين والسوريين والأشوريين واليونانيين» وغيرهم ممن سكن الشرق بعد الطوفان الذي كانت أحداثه جارية قبل ميلاد المسيح عليه السلام، فقد كان الميراث عندهم يقوم على إحلال الابن الأكبر محل أبيه، فإن لم يكن موجوداً فأرشد الذكور، ثم الأخوة ثم الأعمام.... وهكذا إلى أن يدخل الأصهار وسائر العشيرة وتميز نظام الميراث عندهم فضلاً عما ذكرنا بحرمان النساء والأطفال من الميراث .
الميراث عند قدماء المصريين.. الكل يرث
أما المصريون القدماء، فقد بينت الآثار المصرية، أن نظام الميراث عندهم كان يجمع بين كل قرابة الميت من آباء وأمهات، وأبناء وبنات، وأخوة وأخوات، وأعمام، وأخوال وخالات، وزوجة، فكلهم يتقاسمون التركة بالتساوي لا فرق بين كبير وصغير ولا بين ذكر وأنثى .
ميراث المرأة لدى العرب في الجاهلية.. صفر
فالعرب في الجاهلية لم يكن لهم نظام إرث مستقل أو خاص بهم، إنما ساروا على نهج الأمم الشرقية .
فالميراث عندهم خاص بالذكور القادرين على حمل السلاح والذود دون النساء و الأطفال ، ذلك لأنهم أهل غارا ت وحروب ، بل أكثر من ذلك كانوا يرثون النساء كرها، بأن يأتي الوارث ،ويلقي ثوبه على أرملة أبيه ثم يقول : ورثتها كما ورثت مال أبي.فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر، أو زوجها من أراد، وتسلم مهرها ممن يتزوجها أو حجر عليها لا يزوجها ولا يتزوجها .فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم حين نزل قوله تعالى :(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )) ، وفي حالات قليلة كان منهم من يورث الإناث ويسويهن بالذكور في النصيب كما هو الحال عند قدماء المصريين والرومانيين.
ومن المتعارف عليه في بعض الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة للخروج من مأزق اختلاف الديانات حول ميراث البنت، كان لهم أسلوبًا مختلفًا في هذا الأمر، حيثوا احتكموا إلى المدنية وكان التساوى في الميراث هو الحل الأمثل، الأمر الذي يحاول البعض من مسلمين ومسيحيين ويهود الوصول إليه وتحقيقه.