حدود واحدة وثلاث دول

د. مينا ملاك عازر
مصر دولة مركزية ذات سيادة، يقع داخل حدودها الواحدة ثلاث دول، دولة رئيس الوزراء وهو منشغل بالمشاريع الهندسية طرق وكباري ومدن جديدة، والدولة العميقة وهي منشغلة بمراضاة والاتفاق والتواطؤ مع السلفيين الذين بدورهم يحكمون الدولة الثالثة تمهيداً لأن يحكموا الثلاثة مرة واحدة، وأعني بالدولة الثالثة دولة المنيا.

وإن كنت سيادتك تجلس على يسار المقصورة الرئيسية بهذا الوطن، فأنت واهم بأن غداً أفضل، وفاهم أن الجو برد، وأما إذا كنت تجلس على يمين مقصورة هذا الوطن فأنت تحلم بدولة مدنية تحترم المواطنة، وتسن قوانين لتسهيل بناء الكنائس، أما إذا أنت بالمقصورة فلا أظنك تقرأ هذا المقال، فربما أذناك ليست لكلماتي، وعيناك معلقة بحشود جديدة ستحتشد لمنع فتح أو بناء كنيسة في قرية أخرى بالمنيا.

اليوم فهمت، لماذا بنينا الكاتدرائية الجديدة في الصحراء؟ حيث لا يسكن أحد، والمغذى هنا أننا لا نريد أن نضايق أحد ولا يحتشد أحد، كفانا الرياح تاكسونا والرمال تضايقنا، ولنترك للقادمين ليسكنوا إن سكنها أحد مهمة القيام بما يقوم به سلفيو المنيا، حين تقدم العاصمة الإدارية هذه يوما ما وتصبح كقرية صغيرة من قرى المنيا يحكمها السلفيون ويؤمنهم الأمن وينفذ مطالبهم.

لعل سيادتك من هؤلاء الواهمين بأن مصر دولة ذات سيادة وتحارب الإرهاب في حدودها وأطرافها، تحتاج فرض الأمن والسيطرة لمنع تسلل الإرهابيين والمهربين، هذا كان صحيح قبلما تتغير الحدود وتقع المنيا على الحدود الوسطى بوسط البلاد حيث تحتاج الدولة لإعادة فرض سيطرتها أو مهادنة السلفيين أو تهدئتهم أو فرض حزام أمني لتتحزم البلد وترقص مع السلفيين على أنغام صليل السيوف، ولأني لست من أنصار ترويج الشائعات، فتثبت من أن المنيا استقلت بمحافظ ومدير أمن وكام عسكري وجيش من السلفيين عرمرم يعرف كيف يغلق الكنائس ويسانده بعض من الإخوى الإنجيليين وثلة من الإعلاميين المعادين للأنبا مكاريوس، وربما منفذين لكره الدولة لمن يرفض الجلسات العرفية ويعتقد أن ثمة قانون ينفذ على الباغين.

ومنذ اتهام السادات رحمه الله لقداسة البابا شنوده بأنه يريد تأسيس دولة في أسيوط إلى أن تأسست الدولة السلفية الأولى في المنيا في أحضان الدولة المركزية الحديثة لمصر بعد أن تهاوت دولة الإخوان في أسيوط نحن نعيش في زمن اللا قانون ومن يحشد أكثر ويصرخ أكثر ويتفاهم مع أجهزة الأمن، ينفذ ما يريد، لذا تستقل المنيا بذاتها بمحافظها ومدير أمنها لتنفذ للسلفيين ما يحلموا بتنفيذه في شتى ربوع مصر.

المختصر المفيد أدعو لتحرير المنيا من المحتل السلفي.