الأقباط متحدون - سنة أولى زواج
  • ١٣:٠٢
  • الجمعة , ١١ يناير ٢٠١٩
English version

سنة أولى زواج

مقالات مختارة | خليل فاضل

٥١: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ١١ يناير ٢٠١٩

خليل فاضل
خليل فاضل

إذا نظرنا إلى الزواج فى سنته الأولى، فى إطار فهمنا لنظرية «المنظومة» تلك التى تؤكد على ضرورة فهم الناس فى إطار بيئتها الاجتماعية، بمعنى أن الزوج يأتى من بيئة وثقافة لها أصولها الثابتة، كذلك الزوجة الآتية من طبقة معينة لها اتجاهاتها وفلسفتها الحياتية المحددة، ومن ثَمَّ فإن للدائرتين أن تتفاعلا، ولا نقول أن تتحدا أو تتطابقا، فذلك خطر، خطر ذوبان أحدهما فى الآخر، إما لضعف شخصيته أو لظروف قاهرة تتعلق بسلطة الآخر المادية والاجتماعية، يؤدى ذلك إلى نظرية أخرى تسمى «نظرية الانفعال المتبادل»، حيث تتضح الحاجيات المُكمِّلة لكل من الزوجين وضرورة التعبير عنها للطرف الآخر بوضوح، ودون خوف أو حرج.

إن هناك «المنظومة الذاتية» لكل فرد على حدة، الزوج بمفرده، والزوجة بمفردها، هنا تبدأ أهم المشاكل التى تنبع من تدخل الأهل خاصة (الحماة)، وتعد هذه المشكلة مُصيبة المصائب، بالطبع نحن لا نُعمم ولا نتصور أن كل حماة متدخلة، مُزعجة مُهدِّمة لبيت ابنها أو ابنتها، ولا هى كما تصورها بعض الأفلام، كارتونية مضحكة.

هنا قد يحدث الصدام والشجار والعراك، خاصةً فى السنة الأولى، حيث يختبر كل طرف الطرف الآخر، يسبر غوره، يمتحنه ويوجهه، يتوجه به وإليه، يحاول إرشاده والتطبع به، وربما يحاول طبعه بطباعه وخصاله، إما لينًا ونعومةً، وإما قسرًا وقهرًا، هنا تحدث الكارثة، حيث يبدأ الزوجان فى تبادل الاتهامات، وربما بالتجريح والتهويل، ثم تبدأ نقاط الضعف فى التضخم، وتبدأ العيوب النفسية- مثل الوهن النفسى، فقدان الثقة بالنفس، الإحساس بعدم الأمان والقلق الاجتماعى- فى الظهور، وربما فى الاستمرار مع التقاط عيوب أخرى، وكأنها كرة الثلج المتدحرجة، تلتقط فى تدحرجها من قمة الجبل كل ما يمُر أمامها وعبرها فتكبر وتقاوم الشمس فلا تنصهر وتمثل العقبة الكؤود فى طريق الحياة الزوجية.

إن أكبر مشاكل السنة الأولى تكمن فى أن أحد الزوجين، تكون لديه الحاسة الطبيعية للعطاء والحب والتآلف، بينما الطرف الآخر يفتقد مفاتيح التقاط كل ذلك، فيبدو منعزلاً منصرفًا، فيعتقد الطرف الأول أنه مرفوض وأن عطاءه غير مقبول فتتعقد الأمور أكثر وأكثر.

هناك نظرية تُسمَّى الجشطالت، أى أن الكل يعنى الكل، ولا يعنى الكل مجموع الأجزاء، فإن الزوج فى تعامله مع الزوجة لا يتعامل معها بجزء ثقافى وجزء طبقى، كما أنها لا تتعامل معه بجزء أنثوى وجزء اجتماعى مثلاً، لكنهما سويًا يتعاملان مع بعضهما البعض ككل، كل مع الكل.

إن الزواج يضم كلًا من الزوجين، بكل استقلالهما الكامل، بمعنى أن الزواج لا يلغى شخصية الزوج أو الزوجة، بل يطورّها لخلق مؤسسة جديدة تتمتع بالصحة النفسية والعافية التى تضمن الاستمرار. فإذا اضطرب أحدهما تأثر الآخر، وهكذا كان من الصحى والصحيح الانتباه إلى حالة كل من الزوجين على حدة والزواج ككل، لضمان تفادى كوارث السنة الأولى التى زادت جدًا.

علينا أن نبحث عن الجُزء المُشوَّه فينا، حولنا، يملك شبكة علاقات اجتماعية مع الناس، ذلك الذى كوَّن كياناً يمكن وصفه بكيان (مشِّى حالك ـ أو إخلق العُقد وعَكنن على الكُل حتى يُدرك الجميع قوتك). علينا أن نبدأ طرقًا جديدة للتفكير، فيها الزوجان أولًا، بكل حريتهما وشبابهما.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع