شعب الدهاشنه ... والطاغيه عتريس
عبد المنعم بدوي
الجمعة ١١ يناير ٢٠١٩
عبد المنعم بدوى
عتريس هو أشهر الطغاه فى السينما العربيه ، أنه بطل فيلم " شيىء من الخوف " ، الطاغيه الذى عاث فسادا فى قريته الدهاشنه ، وكانت فرحة وشماتة المشاهدين كبيره عندما شاهدوا أبناء الدهاشنه يثورون عليه ويحرقونه بالنار ، وهم يهتفون بشعار " جواز عتريس من فؤاده باطل " .
الغريب فى الأمر أن اهالى الدهاشنه غفروا له القتل ، وسفك الدماء ، والفساد ، والسرقه ، ونهب الثروات ، ولم يغفروا له زواجه الباطل من فؤاده .
هذا الشيخ الذى عاش عمره تحت حكم طغيان عتريس ، لم يتمرد أو يرفض ، أو يلقى الخطب والمقالات السياسيه ضد عتريس ... الذى قتل ونهب وسفك الدماء ، عاش طول عمره ورأسه فى الطين ، ولم يفق الا على حكاية الجوازه الباطله ... كأن كل الطغيان السابق شرعى وحلال ، وكل مايمس قوت وحياة وصحة وكرامة المواطن ليست حراما ، والحرام فقط هو الزواج الباطل .
أن هذا الفهم الخاطىء الأستسلامى للحاكم المستبد ، جاءنا من الفهم الخاطىء للمؤسسه الدينيه السنيه ، التى حالت بين المسلم وبين معارضة الحاكم ، علما بأن خليفة رسول الله أبو بكر الصديق فى أول خطبه له بعد توليه الخلافه قال : " أيها المسلمون قد وليت عليكم ولست بخيركم ... أطيعونى متى أطعت الله ، وقاومونى متى عصيت الله ...
نرجع الى عتريس ... هذا الطاغيه الخايب ، هو رقيق القلب حتى الهشاشه فيسبل عينيه عندما ترضى عنه فؤاده ، وترتعش ساقاه عندما تزغر له .
مأساة عتريس الجبار الظالم ... هى المأساه التى يطويها كل طاغيه فى أعماقه ، والتى تتناقض تناقضا صارخا مع واقعه الخارجى ... هذا التناقض ظل يكبر أمامنا شيئا فشيئا حتى أكتملت المأساه بالنهايه الفاجعه التى تدور لها الرؤوس .
فلو أن عتريس لم يفكر فى الزواج من فؤاده ، وتزوج فتاه أخرى ... لكان مستمر حتى الأن فى الحكم ، لأن ربنا رزقه بقريه عجيبه أهلها متفرجون صامتون