الأقباط متحدون - ثقافة التطوع
  • ١٣:٠٧
  • الاربعاء , ٩ يناير ٢٠١٩
English version

ثقافة التطوع

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٠٩: ١٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٩ يناير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

سحر الجعارة
أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرته ليكون عام 2019 هو عام توفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً، وبعد أن توج الرئيس المواطن المصرى بطلاً لأمتنا، قال، عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»: «أوجه الدعوة لمؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتوحيد الجهود بينهما والتنسيق المُشترك لاستنهاض عزيمة أمتنا العريقة شباباً وشيوخاً.. رجالاً ونساءً.. وبرعايتى المباشرة لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً خلال العام 2019».

وقد توقفت عند الدور الشعبى فى المبادرة «شباباً وشيوخاً»، لأكتشف أن «ثقافة التطوع» قد غابت عن مجتمعنا، فبعد أن كان الشباب قديماً يتعلمون التمريض ويتطوعون لخدمة الأيتام والمسنين، أصبح الشباب يشارك عبر «الكيبورد».. وهو ساخط ورافض أن يقدم شيئاً لمجتمعه، فقط ينتظر المزيد من حكومته «إسكان ووظائف.. إلخ»!.

وأتذكر أننى بعدما أنهيت دراستى أديت «الخدمة العامة» فى «مركز للتنمية الفكرية»، ولم أكن مؤهلة للتعامل مع أطفال منغوليين أو يعانون عجزاً فى التخاطب أو التواصل وكنت أبكى أحياناً من «قلة الحيلة».. ولهذا وجدت أننا قبل أن نطلق «مبادرة التطوع» علينا أن نفكر كيف نؤهل المتطوع لأداء مهمته.. ووجدت الطريق سهلاً وميسراً فشباب الجامعات يمكن أن يتلقوا كورسات فى التمريض أو التعامل مع «الحالات الحرجة»، خصوصاً ونحن نرى الشهداء يتساقطون بيننا.. وأن تتعلم الفتاة من المدرسة «فن الغزل»، فيسهل أن يكون لديها «شالات صوف» أو «طواقى» تتطوع بها لدور المسنين.. وقس على ذلك.

ثم نظرت إلى المبانى الحضارية التى أنشأتها الدولة لتنقل إليها سكان العشوائيات، حين كنت فى طريقى لإدارة المرور بالقطامية، فوجدت نفسى فى قلب صحراء قاتلة ليس فيها إلا مجموعة ميكروباصات وتكاتك.. وتقريباً لا يوجد بها «سوبر ماركت».. هنا توقفت كثيراً لأسأل حكومة الرئيس، وتحديداً الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، ألم تفكر الحكومة فى أن أرزاق هؤلاء من سكان العشوائيات سابقاً كانت مرتبطة بأماكن معيشتهم، (حتى من يحيا فى قلب القمامة كان يربى الخنازير ويتاجر فى القمامة)؟ هل فكر أحدنا فى أن أى رجل أعمال أو جمعية خيرية يمكنها أن تنشئ بجوار المساكن الجديدة مشروعات تستوعب الأيدى العمالة (ورش خياطة، مصانع صغيرة صديقة للبيئة، مجمعات استهلاكية.. إلخ).. لنخلق «مجمعات عمرانية» لا يضطر أهلها للانتقال يومياً إلى قلب العاصمة؟

نحن أحياناً نهدر مبادرات السيد الرئيس، «الحياة الكريمة» ليست فى المسكن الآدمى فحسب، إنها الحق فى التعليم والصحة والمأكل والمسكن، وهذه هى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها فى حقوق الإنسان. قبل عدة أعوام قادت مجموعة من السيدات على «فيس بوك»، فى نفس الفترة الزمنية، مبادرة بسيطة: (كل سيدة تقوم بطهى كمية من «شوربة العدس» وتضعها فى برطمانات وتتولى من معها سيارة توزيع البرطمانات «ساخنة» على المشردين ممن يبيتون ليلتهم فى سقيع يناير).. ثم تطورت المبادرة وبدأت الحملة تنمو بنشر أسعار الملابس المستعملة والبطاطين الرخيصة لتخفيف معاناة المشردين.. هؤلاء تتعامل معهم الدولة بالأجهزة الأمنية وتقبض عليهم بتهمة «التشرد» وأنا أسأل: «من شردهم فى الشوارع؟».. إن ذنبهم فى أعناقنا جميعاً.. لكن عذابهم لا يهز ضمائرنا!!.

ليس شرطاً أن تكون عضواً فى «مؤسسة خيرية» ولا قيادة فى إحدى مؤسسات «المجتمع المدنى».. لتكون إنساناً!.

أنا أتحدث عن الحياة الكريمة للمهمشين، وهؤلاء سقطوا تحت خط «الفئات الأكثر احتياجاً».. تستطيع أن تطيب خاطر هؤلاء بملابسك القديمة.. فقط: شارك وتعلم «ثقافة التطوع».
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع