المحبة ما بتتشحتش
د. مينا ملاك عازر
١٤:
٠٣
م +03:00 EEST
الثلاثاء ٨ يناير ٢٠١٩
د. مينا ملاك عازر
لا داعي لفتاوى جواز المعايدة على غير المسلم في أعياده، فالمحبة ما بتتشحتش المعايدة نابعة من قلوب محبة، قلوب لا تعرف الكره، تعرف الخير يملأها، تعرف التسامح مع الآخر وأفكاره وآلامه، تقدرها تفهمها، أما الذي لا يفهم الآخر ولا يقدره ولا يريد احتوائه وتقبله واحتضانه، فلا جدوى من كتب ومؤلفات تؤكد جواز أو ضرورة تهنئة الغير مسلم بعيده.
الدولة من أعلى سلطة فيها تبني المسجد لجوار الكنيسة، في وقت لا يقبل البعض أن يخرج المسلم لجوار المسيحي للحياة، العبوات الناسفة تهدد المسيحي لكن العبوات المفكرة تهدد الجميع تهدد الآخر، الكراهية التي تملأ القلوب تعمي الإنسان عن آلام الآخر، وتفتح عينه على الأحلام الشخصية فقط، فتجعل حلمك هو إبادة المسيحي أو المختلف معك.
فعلا من يده بالماء ليس كمثل الذي يده بالنار، لذا لا أحد يعرف ما يعانيه المسيحيون في هذا البلد من شيوخ التكفير إلا المتعاطفين الجادين، إلا الذين لا توجههم الدولة، والذين لا يجدوا أنفسهم مكروهين على إلقاء خطب من داخل بيوت عبادة الآخرين، ذاكرين ما يدعى حقيقة تاريخية لكنها ليست هكذا إطلاقاً، أما الذين يحبون الآخر ويقدرون معتقداته ليس لأغراض شخصية، هم من يتصلون ويهنئون دون أي متابعة من جهات رسمية أو إعلامية راصدة لما يفعله.
صدقوني يا أحبائي القلوب المريضة فقط هي التي لا تشعر بالآخر، وهي التي تتاجر بآلامه، وتتاجر بمواقفها الشخصية حياله، ومواقفها التمثيلية التي تتخذها حيال الآخر، لذا لا أحب فتاوى الجواز والضرورة للتهنئة، لأني أحب الأمر النابع من القلب، لأن من فضلة القلب يتكلم اللسان، ويحكي وليس كل ما يحكيه اللسان نافع، فكثرة الكلام لا تخلو من معصية، والمعصية أسوء من أن توجه شخص أو دولة أو جماعة لأن تسلك سلوك ليس من داخلها، فتدعي الحب وهي لا تعرفه ولا تسمع عنه.
أخط سطوري هذه، وأسأل الله لي ولكم أن يزرع في قلوبنا المحبة الصادقة الباذلة النافعة البناءة، وليس الحقد والكراهية والرغبة للإساءة لآخر، أن يزرع في قلوبنا روح متضعة تعترف بالخطأ، فنعتذر، ولا ندعي لأنفسنا القداسة بمطالبة الآخر أن يتسامح في حقه ونحن متى أسيء لنا لا نعرف التسامح بل نظهر أقبح ما بداخلنا.
المختصر المفيد كفانا قبح.
الكلمات المتعلقة