التفاصيل الكاملة لمقتل مسن في بولاق الدكرور قبل يوم من إجراء جراحة
حوادث | المصري اليوم
الأحد ٦ يناير ٢٠١٩
أراد «طلعت»، على المعاش، الراحة ليلة رأس السنة، منعته حالته المرضية من الذهاب إلى الكنيسة ذاك اليوم، في منطقة أبوقتادة ببولاق الدكرور في الجيزة، فقتله «صبى» لا يتجاوز الـ16 عامًا، بغرض سرقته.
وقبل ساعات من مقتله ودع «طلعت» جيرانه وعائلته قائلاً: «هعمل عملية جراحية غدًا»، يتذكر «أيمن»، نجل المجنى عليه، ذلك بأسى: «كإنه حاسس بقضائه، مات على يد الصبى، العاطل، ولم يمت في المستشفى».
الساعة الـ10.5 مساءً، أحست نادية محمد بأصوات بعثرة شديدة بشقة «طلعت»، الذي يقطن بالطابق الذي يعلو شقتها، لم تعتد «نادية» على تلك الأصوات: «عمرنا ما سمعنا صوت لعمو طلعت لإنه يحب الهدوء»، استغلت السيدة الأربعينية، كما تروى لـ«المصرى اليوم»، هذه الأصوات والصراخ المفاجئ لترويع نجليها «يوسف ومحمد»: «فيه حرامى فوق ناموا لحسن يخطفكم»، استجاب الطفلان وخلدا إلى نوم عميق، لم تصمت الأصوات، وفتحت الأم باب شقتها لاستطلاع الأمر، فوجدت سلم العقار به ظلام دامس: «كنت هموت من الخوف، أول مرة يكون السلم هكذا».
سرعان ما أغلقت الجارة نادية باب شقتها: «يارب يكون اللى سمعناه خير»، بعد قليل سمعت صوت «رشا»، ابنة طلعت، تنادى بصوت عالٍ على أبيها: «كانت خايفة تصعد إلى شقتهم في الظلام»، لم يجب على ندائها، فاضطرت لصعود درج السلم وهى تحمل طفلها الرضيع «6 أشهر»، على مهلٍ، فكرت الاتصال على هاتف والدها كى يفتح لها باب الشقة، فوجئت برنين الهاتف مع نزول الصبى «مصطفى.م»، على درج السلم: «أول ما شاهدنى خبطنى وابنى الرضيع، وهرول إلى الشارع مسرعًا»- حسبما روت ابنة المجني عليه.
رسم المتهم «مصطفى» مخطط جريمته، فكك مصابيح الإنارة على درج السلم، وصعد شقة «طلعت»، وعندما اقتحم الباب باغته الرجل الستينى: «إمشى من هنا يا لص»، كان المجنى عليه يعرف المتهم جيدًا، مثله كأبناء المنطقة «هذا الصبى حرامى سرق ذهباً وأموالاً من خالته ومواتير مياه من صاحب محل»، وفقًا لابنة المجني عليه، وكان المتهم دارسًا للعقار جيدًا قبل ارتكاب الجريمة، إذ استعان «أشرف»، نجل شقيق المجني عليه، بالصبى المتهم خلال توضيب شقته التي تعلو عم طلعت: «الواد يعرف تقريبًا كل شىء عنا».
باغت الصبى «عم طلعت» بنحو 3 طعنات بسكين مطبخ، في رقبته، وفتش أرجاء الشقة حتى عثر على 8 آلاف جنيه، وهاتف المجنى عليه، فسرقهما: «هذه الفلوس مفروض أبويا كان هيعمل بيها عملية جراحية في الغد»، يقول «أيمن»، نجل طلعت، لينفى ما قاله المتهم بأنه سرق مبلغ 300 جنيه وهاتفا.
بعد نزول المتهم من شقة «طلعت» أطلقت ابنة الأخير صرخة استغاثة بالجيران الذين صعدوا إلى الشقة، وكان المجنى عليه لا يزال حيًا، لكنه لم يستطع الإدلاء بهوية قاتله، وبحسب أحمد حسين، أحد الجيران، فإن الشرطة حضرت على الفور، ولم يستطع أحد نقل طلعت إلى المستشفى لإنقاذه، وعندما جاءت الإسعاف متأخرة كان الرجل لفظ أنفاسه، مرددًا «قلبى»، نحو 3 مرات.
اشتبهت الشرطة في نحو 20 شابًا من أبناء المنطقة، تبين براءتهم جميعًا، وبإجراء التحريات لنحو 48 ساعة بعد وقوع الجريمة، توصلت إلى هوية المتهم بعد سؤال الجيران: «فى حد هنا إيده طويلة؟»، ليحكى الجيران، وفقًا لـ«حسين»، عن الصبى المتهم الذي يسرق أقرباءه وأصحاب المحال، ووالده يضطر للاعتذار عما فعله الابن، ولا أحد كان يبلغ الشرطة بالسرقات، حرصًا على مستقبل «الصبى»: «هذه نهاية السكوت على الباطل، والولد قتل الرجل المُسن».
ضابط المباحث وصل إلى المتهم «مصطفى»، وجده مختبئاً وسط عزاء سيدات بالمنطقة، فسأله عن اسمه فقدم المتهم له اسمًا مغايرًا «اسمى محمد»، وحيئذ ألقى القبض على الصبى الذي اعترف بجريمته، وقام بتمثيلها أمام فريق التحقيقات من نيابة حوادث جنوب الجيزة، وقال إنه ارتكب الجريمة بغرض السرقة، وإن «أشرف»، ابن شقيق المجنى عليه، هو الذي حرضه قائلاً: «عمى معاه فلوس إسرقه ونقسمها، والنهاردة أكيد هيصلى في الكنيسة وتكون شقته خالية».
ضبطت الشرطة «أشرف»، واقتادته إلى ديوان القسم، لإجراء التحريات اللازمة، للتأكد من صحة أقوال الصبى المتهم.
وقالت «رشا»، ابنة المجني عليه، إن المتهم بقتل والدها فتش أرجاء الشقة كلها لدرجة أنه مسح دماء والدها المجنى عليه التي سالت على يديه في ملابس «العيد» التي أحضرتها لطفلها الرضيع، ووضعتها بشقتهم ليرتديها الطفل ويراه جده المجنى عليه بتلك الملابس.