خريطة الصراع حول منبج2-2
د. مينا ملاك عازر
٣٣:
٠١
م +03:00 EEST
الأحد ٦ يناير ٢٠١٩
كتب : د. مينا ملاك عازر
توقفنا في المقال السابق بعد أن شرحنا حالة تواجد القوات السورية والروسية والتركيا والكردية والأمريكية، واليوم -بإذن الله- نعرض لحالات الهدوء التي يصاحبها حالات من التأهب الحذر، ولا يزال الهدوء الحذر يفرض نفسه على منبج، مع استمرار رفع الجاهزية من قبل كل من الفصائل الكردية من جهة، والقوات التركية وفصائل المعارضة المتحالفة معها من جانب آخر، والذين يفصل بينهما قوات النظام التي انتشرت على خطوط التماس بينهما في ريفي منبج الشمالي والغربي، فيما لا تزال القوات الأمريكية متواجدة في المدينة ومحيطها، وتسيِّر دورياتها بشكل اعتيادي في المنطقة.
وأثار قرار الرئيس الأمريكي ترامب سحب قواته من سوريا بعدما أنجزت مهمتها بحسب قوله بإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش خشية الأكراد من أن يشكل ذلك ضوء أخضر لتركيا كي تبدأ هجوم على المدينة، وعلى مدار السنوات الماضية تنازع العديد من الفصائل السيطرة على المدينة، فبعد أن انتزعتها قوات الفصائل المعارضة من القوات الحكومية انتزعها تنظيم داعش، ثم وفي صيف عام 2016 تمكنت قوات سوريا الديموقراطية الكردية المدعومة من القوات الأمريكية من تحرير المدينة وبسطت سيطرتها عليها، فيما تتأهب المدينة الساخنة حالياً لتغيير جديد في موازين القوى قد تحدده معركة يجري الاستعداد لها.
مرة أخرى أعيد الكلام بوضوح، أن الأمر معقد وعلى الدولة المصرية أن يكون لها دور خاصة بعد التدخل السوداني الملحوظ والظاهر بزيارة الرئيس البشير لدمشق ومن قبلها لتركيا، والإشارات التركية بإمكانية الاعتراف بالأسد رئيساً إذا وصل للحكم في فترة رئاسية جديدة بانتخابات ديموقراطية وكأن تركيا تعلن قطعاً أنها ستقطع كل العلاقات بالسعودية التي تعرف تركيا جيداً أنها لن تسامح الأتراك على ما فعلوه ويفعلونه بها من ابتزاز لحماية ولي العهد من جريمة قتل خاشقجي التي ورطتهم بها المخابرات التركيا بعد أن أرخت الحبل ثم أحكمت القبضة وفضحتهم.
لذا وبوضوح فالصراع على منبج صراع محتدم يلقي بظلاله على المنطقة بل أن الصراع في المنطقة بأكمله يلقي أيضا بظلاله على منبج فالصدام التركي السعودي يجعل السعودية تقبل بزيارة البشير حليفها في حرب اليمن لدمشق، في نفس الوقت يجعل تركيا تستفز السعودية وهي مطمئنة أن حلفائها باتوا ضعاف وأن موقف المملكة نفسه ضعيف، وخاصة وأنها تواجه الخطر الإيراني وحدها دون دعم أمريكي وهو الدعم الأهم.
هذا يعني بوضوح أن أي انتصار تركي على الأرض السورية لن يكون إلا على حساب النظام السوري شكلاً والروسي مضموناً والإيراني قطعاً لكن في الأساس لن يصب إلا في خسارة السعودية وضعها الإقليمي، فتركيا حققت ما لم تستطع السعودية تحقيقه من تواجد ملموس على الأرض السوريا في خانة خسائر النظام السوري العدو اللدود للسعودية بل أن الإمارات والبحرين حلفاء السعودية يعيدون العلاقات الدبلوماسية مع الأسد ما ينذر بشقاق في التحالف السعودي الخليجي، لذا ومرة أخرى لن تكون أخيرة يجب على الدبلوماسية المصرية أن تتحرك بما يحفظ لمصر علاقات جيدة مع النظام السوري الذي لم يعادينا يوماً وفي نفس الوقت أن تحفظ للشعب السوري حقوقه، كما أننا من الواجب أن نمنع تركيا أن تحقق أي مكاسب على حساب الأكراد والروس حلفائنا الواضحين.
المختصر المفيد المنطقة لم تزل على صفيح ساخن.