القاهره مدينه الألف مأذنه
عبد المنعم بدوي
الجمعة ٤ يناير ٢٠١٩
عبد المنعم بدوى
أذا ذهبت الى شارع الغوريه ومشيت فيه ، ستشاهد كم كبير من المساجد التى شيدها سلاطين المماليك فى هذا الشارع ... فقد جرت العاده عند حكام مصر على تشييد بناء معمارى ضخم ينسب اليه ، وقد أقدم سلاطين المماليك على تشييد المساجد التى يتراوح حجمها وفخامتها تبعا لطبيعة السلطان وشخصيته .
ويذكر علماء التاريخ بأنه كلما كان الظلم الأجتماعى أشد فى أى عصر كلما كان بناء المساجد الضخمه والفخمه أشد ، وفقا للمعتقد بأنه أذا بنى الظالم الغاصب مسجدا فى الدنيا بنى الله له فى الجنه قصرا فخما ــ علما بأن بناء هذه المساجد من أموال الشعب وليس من أموال السلطان الخاصه .
تذكرنا هذه العاده عند المصريين بأيام الفراعنه ، عندما كان الفرعون يقوم بتشييد بناء معمارى ضخم يقهر به الفناء ويضمن الخلود سواء كان البناء هرما أو معبدا أو بهو أعمده أو مسلات .
قد يعجب البعض بأثار العصور القديمه ، ويعدونها من علامات المجد والتباهى ، وليست هى فى حقيقة أمرها ألا دليل على الظلم الشنيع والقهر وألأستغلال ... فقد تجاهلوا هؤلاء الحكام جوع ومعاناة الفقراء والغلابه والمرضى ، وقاموا بتشييد المساجد الفاخره ، فهذه الأثار الفاخره بنيت بأموال الغلابه ، وأقيمت بدموعهم ، وعجنت بدمائهم ، وكان يمكن أن يبنى بدلا منها أشياء تفيدهم وترحمهم من شقائهم .
قال محدثى أنظر الى عظمة الأجداد ... فقلت له بل بالأحرى قل : أنظر الى ظلم الأجداد ، لقد مدح الشاعر حافظ أبراهيم الأهرام وتحدث بلسانها وقال :
وقف الخلق ينظرون جميعا .... كيف أبنى قواعد المجد وحدى
وكان يجب أن يقول :
وقف الخلق ينظرون جميعا ... كيف أبنى قواعد الظلم وحدى