حديث آخر العام
د. مينا ملاك عازر
٢٣:
٠٨
م +03:00 EEST
الأحد ٣٠ ديسمبر ٢٠١٨
كتب : د. مينا ملاك عازر
أكتب هذه السطور مودعاً عاماً موجع ومفرح في آن واحد، مؤلم ومعزي في ذات الوقت، عذبنا بارتفاع الأسعار الجنوني، وانفصال الحكومة عن الشعب، وفرحنا بالوصول لكأس العالم لكنه عاد وعذبنا بخروج مهين ومذل، فرح الكثيرون بفخر العرب محمد صلاح وجوائزه الكثيرة، لكنه نكد على الكل بخسائر العرب في سوريا وصدامهم في اليمن، وعدم تشكيل حكومة في لبنان، وتفتت ليبيا، وتفسخ السودان وانهياره الاقتصادي.
أحتفل الجميع بمئوية مدارس الأحد ومرور خمسين سنة على بناء الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، وبناء الكاتدرائية الكبيرة كاتدرائية الميلاد بالعاصمة الإدارية ومرور خمسين سنة على ظهور السيدة العذراء بالزيتون، لكن نكد الجميع بمذبحة دير الأنبا صامويل الثانية، ومقتل الأنبا أبيفانيوس ورحيل الأنبا ارسانيوس والأنبا بيشوي وإصابة الأنبا يوأنس.
وتبقى هذه السنة تلعب لعتبها معي، لا أعرف إن كانت معنا أم علينا، إن كانت تقدم لنا الفوضى بأسمى صورها كما قدمتها لدول أوروبا من بريطانيا التي تعاني من سكرات الانفصال عن الاتحاد الأوربي، ولا تعرف كيف السبيل لهذا،، وفرنسا التي عانت من ضعف ماكرون أمام السترات الصفراء التي انتصرت للإنسانية وعاد عن قراراته الاقتصادية المجحفة، ولا إيطاليا اللي فشلت ميزانيتها، ولا حكومات اسبانيا التي لاحقتها فضائح فساد، ولا السويد ولاتفيا اللتان لم يشكل بهما حكومة بسبب أن الانتخابات بهما لم تحسم لحزب يشكل الحكومة، وهكذا وهكذا تلعب هذه السنة لعبتها في أن تجعلني متحيراً.
لا أعرف إن كان عام 2018 عام أبقيه بذاكرتي، فأنظر للمنطقة العربية فأرى ما فعله باليمن، لا أعرف ألومه أم ألوم منشار العظام الذي نكس علم دولته أمام تركيا بعد أن أشرف بحسب رأي الكونجرس الأمريكي على مقتل خاشقجي، فأعود وأنتشي وأنا أرى بشار ينتصر، فيعيد ثلثي سوريا لحضن نظامه برغم ديكتاتوريته فهو أرحم من داعش والنصرة وغيرهم أرحم من أردوغان الذي كبد بلاده خسائر اقتصادية كبيرة، ولولا اتفاقه مع ترامب على ترك الأخير سوريا له ذلك الاتفاق الذي لم يكلل بالنجاح بدخول الجيش السوري والروسي لمنبج فأنقذوا الأكراد من مذبحة على غرار ما عان منها الأرمن على يد أجداد أردوغان منذ أكثر من مئة عام، لا أعرف أنتشي لنجاحات إيران في سوريا لمساندة بشار أم لخسائرها في اليمن، وأتألم لبؤس اللبنانيين وعدم تشكيلهم حكومة للآن، هل أرتاح لمقاومتنا للإرهاب ونجاح كبير لعملية الشاملة سيناء 2018 أم أرثى لشهدائنا الذين لم يزالوا يسقطون من الجيش والشرطة والشعب والسياح، وأرى الكنائس يكافح أهلها لفتحها، أذكر أن الأزمة في خطاب ديني يحتاج للترميم والتجديد وًليس الحرب على مقاتلين يحملون سلاح بل مفكرين يحملون قلما وميكروفونات.
على كل حال، وبينما تتخفف سنة 2018 من أثقالها لترحل وقبلما أصرخ فيها لتأخذهم معها، أرى ولدي الحبيب الذي به سررت من بين تلك الأثقال إذ هو هدية الله التي قدمها لي في هذا العام، فأفرح وأقول لنفسي لعل من رحم الألم يولد فجر أمل جديد، ولا تأتي الغصة إلا والفرحة تلاحقها فالله عادل.
المختصر المفيد أشكرك يا رب لأننا لسنا مثل سوريا ولا ليبيا ولا أوروبا الفوضاوية، ولا أمريكا التي يعاني رئيسها من ويلات الملاحقة القانونية0 كل سنة وأنتم بخير.