أنا الراعى
أوليفر
٤٥:
١١
ص +02:00 EET
الاثنين ٢٤ ديسمبر ٢٠١٨
Oliver كتبها
- كم أود أن أحكي لكم عنا أو عن نفسي.فأنا كما كل الرعاة في جميع الأحوال لست شيئاً محسوباً في المجتمع .لست وحدي هكذا بل أصدقائي الرعاة أيضاً.حتي أن هيرودس الملك حين دعا للإكتتاب كنا نحن الإستثناء فلم يطالبوننا بالإكتتاب مثل بقية الناس.كان ذهابنا للإكتتاب يعني إمتناع الكثيرين من الناس عن الذهاب لأننا بكل أسف رائحتنا كريهة.كل حياتنا بين الخراف.إستبعدوننا من الإكتتاب كأنما نحن غير موجودين.
نحن هنا في مدينة داود نتجمع في تلك الأودية و علي الجبال.نرعي الخراف.تستطيع أن تشم رائحتنا المزرية من علي بعد.لذلك نحن محتقرين.أفقر الناس نحن.لم نكن أصحاب القطيع بل كنا نعمل لحساب صاحب القطيع الذى لم أقابله أبداً.كنا نتعمد الصعود إلي قمم التلال لكي نري الهيكل لأننا لا نقترب كثيراً من الهيكل فقد كانوا يعاملوننا كالأبرص مع أن كل تجار الحملان يأتون إلينا و يشترون حملان الفصح منا.
كنا نلف الحملان المنتقاة في الخرق لتبدو لائقة و مغرية لطالبي الذبائح و نعتني بنظافتها أكثر مما نعتني بنظافتنا نحن حتي يرضي الناس أن يشترونها.كنا نخبئ الحملان في الصخور و المغاير و نضعها في المزاود كي لا تتسخ مثلنا.كانت حملان المزاود الأغلي قيمة و الأنقي بياضاً.
- كانت الحملان أكثر منا رونقاً و نحن مزدرين.لم يكن لنا أصدقاء فكنا نصادق بعضنا بعضاً فنحن الفئة المعدومة في بيت داود.في مدينة داود لن تجد للرعاة أصدقاء سوي الرعاة فلا أحد يقترب منا .كنا نتمني المطر كي نغتسل فنحن نادرا ما نستحم.لا بيوت لنا لنستقر.الأرض مستقرنا .ليس لنا أين نسند رؤوسنا.كنا ننام علي مداخل الحظائر .
كنا بأنفسنا باب الخراف.نفصل بأجسادنا بين الذئاب و بين الخراف و كم نهشتنا الذئاب و ببشت الأفاعي في أجسادنا سمومها.كنا نموت من أجل الخراف و لا يكفننا أو يدفننا أحد.كنا نحمل أقذار الخراف بغير تأفف لكن الناس تتأفف منا. .كنا و الحملان نعيش حياة واحدة مشتركة.نحن رعاة الحملان و الحملان أيضاً رعاتنا نأكل منها و نستدفئ بها و نعيش لها.
- كنا نتبادل حراسات الليل.كانت لنا أبراج حراسة نسميها برج القطيع ميخا 4 : 8 أسميناها هكذا لأن ميخا النبي أعطاها هذا الإسم و كنا نحبه جداً فهو من القلائل الذين ذكرونا في معاناتنا.لكننا لم نكن نعرف القراءة و لا الكتابة.
و لو كنا نعرف لقرأنا بقية الآية (وَأَنْتَ يَا بُرْجَ الْقَطِيعِ، أَكَمَةَ بِنْتِ صِهْيَوْنَ إِلَيْكِ يَأْتِي. وَيَجِيءُ الْحُكْمُ الأَوَّلُ مُلْكُ بِنْتِ أُورُشَلِيمَ) كنا سنعرف ملك بنت أورشليم الذى يأتي إلي برج القطيع.إذن هو مزمع أن يأتي بالقرب من برج القطيع حيث نعيش لكننا لم نقرأ و لم نعرف و لا علمونا.
- لم تكن حياتنا تعنينا في شيء بل كانت حياتنا في حياة الخراف.كم كنا نصارع الذئاب في الليل.نشعل نوراً و ناراً كي نبعدها عن الحملان.ما كان يغمض لنا جفن حتي نسترد الشاردة و الظالعة أي العرجاء أو المكسورة التي يقتلونها في أماكن أكثر رفاهية لمرضها و المقصاة التي يستبعدها الأغنياء من موائدهم و خرافهم لأنها جرباء أو برصاء أما نحن فكنا علي قمم صهيون نعتني بكل الخراف .لا يمكننا أن نفرط في صغير منها أو كبير مهما صار حالها.نحن رعاة الخراف و نعرف كيف نداويها .
- لقد قلت لكم من نكون لكن الأهم أن أقول لكم الآن من يكون ؟هذا الذى ظهر لنا ملاكه.أبرق في الليل فصار نهار.كنا نحسب أن الملائكة تظهر في الهيكل أو لكبار القوم و الأنبياء.لم نسمع عن ملاكاً ظهرا لراعي منذ عهد راعينا الأكبر داود النبي.أما ذاك فكان راعياً و ملكاً و أما نحن فمن نحن؟ ظهر الملاك بنور عظيم و نحن في خوف عظيم.فقال لنا الملاك لا تخافوا.
كان الهيكل يبدو ضئيلاً من خلف الملاك و سمعناه يبشرنا أنه في نفس هذا اليوم في مدينة داود مدينة الراعي و الملك.ولد لنا مخلص هو المسيح الرب.لن تستطيعوا أن تعرفوا معني أنه ولد لنا مخلص إلا لو علمتم كيف كنا نعيش.لقد ولد لنا مخلص.
نحن الرعاة أكثر الناس حاجة إلي مخلص.لم يقل الملاك أين في مدينة داود هذا المخلص لكنه أعطانا علامة نعرف نحن الرعاة معناها.أن المولود ملفوفاً في أقمطة و موضوعاً في مزود.نحن نعمل هذا مع الحملان المميزة وحدها.لابد أن المخلص حملاً مميزاً.
-إختفي الملاك المبشر و ظهرت ملائكة التسبيح.سمعنا ترنيمة لم تسمعها الأرض من قبل.ربوات ربوات ملائكة يسبحون المجد لله في الأعالي و علي الأرض السلام و في الناس المسرة.صار الفجر نهاراً.حتي أن الخراف إستيقظت.قلنا لبعضنا البعض هلم لنذهب الآن إلي بيت لحم.لم نؤجل الذهاب للحظة.سقنا الخراف و هي منتبهة علي غير عادتها قرب الفجر.
لا أعرف من الذى نطق بأن نذهب إلي بيت لحم.فالملاك لم ينطقها.و ملائكة التسبيح لم تكلمنا بل كانت تطوف و تسبح بتسبحتها للمخلص.روح الرب أخبرنا ؟هل روح الرب يتعامل مع الحقراء أمثالنا؟ ما أعجبك يا رب.ذهبنا إلي بيت لحم.
- وصلنا إلي بيت لحم.كنا نعرف بعض البيوت هناك ممن يشترون منا الحملان المنتقاة.رأينا نوراً و قادنا نوره إلي النور.لم يختلط علينا البيت و لا ضللنا الطريق.كنا نعرف الطريق و الطريق يعرفنا.وصلنا حيث الحمل.أجمل حمل رأيناه.أنقي حمل عرفناه.كنا و نحن داخلون إليه نسجد تسبقنا رائحتنا الكريهة و نحن مطأطأين الرؤوس خجلاً.
أوقفنا كل الخراف خارجاً لنر الحمل في الداخل إذ لا مكان لخرافنا هنا.دخلنا إلي من دخل عالمنا و رأينا الذى أخبرتنا عنه الملائكة.نحن الغير محسوبين صرنا مبشرين بميلاده.كانت قلوبنا تتقافز فرحاً في صدورنا.كنا مختطفين من الأرض كلها.كأننا إرتفعنا لنشارك الملائكة تسبيحها.للحقيقة نحن لا نعرف التسبيح لكن الملائكة علمتنا.وجه الطفل في المزود فيه كل الدنيا.
رأينا فيه أنفسنا و عيناه كانتا كالسحاب في نقاءها و جمالها.كل منا وجد في الطفل نفسه فأحببناه من كل القلب و النفس و ما غاب من أعيننا حتي بعد أن مضينا.أريدكم أن تعرفوا أنه لو كانت رؤية المولود عجيبة جداً فالأعجب أننا مضينا عنه.لم تتسع مغارة الميلاد إلا لنا.نظرنا أم الحمل مريم الوديعة و البار يوسف حارس الحمل.كانت عيوننا تنتقل من عجب إلي عجب.
هذه المغارة سماء.هنا عرش الله.سجدنا و بقينا ساجدين.لم يكن عندنا ما نقوله.لم نعرف الصلاة و لا كيف نزور الإله.فقط سجدنا صامتين و بقينا صامتين.كل منا سكب كل ما قلبه قدام طفل رضيع ولد اليوم فقط.طفل المزود يحمل كل الكلام في صمته و العذراء تقول نظراتها كل شيء صامتة و رجلها يوسف القديس في إندهاش كامل يغلفه صمته,و الصوت في آذاننا ما زال بأنغامه المبهجة يرن ,المجد لله في الأعالي و علي الأرض السلام و في الناس المسرة.
- منذ ذاك اليوم لم نعد كما كنا .كل شيء فينا تغير.لا أستطيع أن أصف لكم كيف أصبحنا.كل من يعرفوننا قالوا أننا قد إختلفنا تماماً.صرنا نقول كلاماً لم نقرأه و لم نتعلمه.صرنا نعلم بقية الرعاة عن الحمل.صرنا نطوف بخرافنا و نبشر بميلاد المخلص.
أخبرنا الناس بتسبحة الميلاد و ظهورات الملائكة.لم يهتم بنا أكثر الناس لكننا كنا واثقين مما رأينا و سمعنا و نبشر به.كلما كررت تسبحة الميلاد تذكرني أنا الراعي و أخوتي المنبوذين في بلدتنا .فنحن من أخبروكم بهذه الكلمات .المجد لله في الأعالي و علي الأرض السلام و في الناس المسرة.طوبي للمبشرين بميلاد رب المجد فهم تماماً كالمبشرين بقيامته و مجيئه الثاني في مجده و مجد أبيه