نسيم مجلى ـ كاتب ومترجم.

(عزيزى نيوتن؛

حول دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للبحث عن حلول عملية لتجديد الخطاب الدينى، وما كتبته فى عمودك بتاريخ 21/10/2018 عن هذه المشكلة وأشرت إلى «التناقض فى كل شىء، وفى الدستور الذى جعل لكيان الدولة ديانة وهى الاسلام» هكذا وضعتنا أيها الكاتب الكبير عند أصل المشكلة..

وقد سبق لى أن نشرت مقالا فى جريدة وطنى فى 8/3/2007 بعنوان «اللامعقول فى التعديلات الدستورية» ونشرته الأهالى فى نفس اليوم بعنوان «المادة الثانية فصل عنصرى»، قلت فيه إن المادة الثانية تشبه حائط الفصل العنصرى الذى أقامته إسرائيل فى فلسطين، وخطورتها هنا أنها لا تفصل فقط بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، بل إنها تفصل بين المسلمين بعضهم بعضا. وشرحت ذلك بوضوح.

والأدهى من ذلك، أن الذين يدافعون عن هذه المادة من أعضاء لجنة الصياغة فى مجلس الشعب، (أيام مبارك) يعرفون ذلك جيدا، ويعرفون أيضا أن هذه المادة تتناقض مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ومع المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر، ولا يجرؤون على الجهر بذلك، ثم يلجأون إلى تصريحات غريبة من أجل التضليل والتبرير.

ولكن الفرق بين هؤلاء وأولئك الرواد، أن رفاعة الطهطاوى كانت له رسالة استمات فى سبيل تحقيقها حتى نفى إلى السودان. وكذلك أخذ طه حسين موقف التحدى الصارخ ضد التخلف والمتخلفين. فما بالك بالشيخ على عبدالرازق الذى تحدى الملك فؤاد وقضى على حلمه فى الخلافة، وقال إنها ليست من الدين. أما هذه الفئة من ترزية القوانين لا هم لهم سوى إرضاء الحاكم والدهماء حتى يستمروا فى مواقعهم، دون تفكير فى عواقب هذا النهج وما سيجلبه على الوطن من خراب ودمار.

إن خطورة المادة الثانية أنها تربط السلطة بالدين، وتغرى كل طامع فى السلطة بلبس عباءة الدين، وقد قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين فى صراع السلطة.

وتخليص الدستور من هذا التناقض بإلغاء هذه المادة وبقية المواد التى تدعو للتمييز بين المواطنين هو السبيل الوحيد لتجديد الخطاب الدينى، حتى تتحرر عقول المفكرين والكتاب من شبح قانون ازدراء الإسلام وغيره من القوانين المقيدة للحريات، فالمطلوب هو إيقاظ العقول وليس فقط تجديد النصوص.

وهذا يجعل المؤتمر الذى تدعون إليه ضرورة عاجلة لإدراك خطورة التحديات التى تواجه وطننا الآن. والبحث فى تخليص الدستور والقوانين من كل المواد المقيدة للحريات وتوحيد نظام التعليم من الحضانة حتى الثانوية العامة، وضم المدارس الأزهرية إلى وزارة التربية والتعليم وإدماج طلبتها فى نظام التعليم المدنى. وبهذا نفتح الطريق أمام المجتمع حتى ينعم الجميع بالسلام الحقيقى فى ظل دولة مدنية وقوانين عادلة تساوى بين جميع المواطنين).