تغيير الحراسات ليس هو الحل
د. مجدي شحاته
الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٨
بقلم : د . مجدى شحاته
فى أعقاب الحادث المحزن الذى قام فيه أمين شرطة مكلف بحراسة كنيسة " النهضة المقدسة " فى محافظة المنيا باطلاق النار على المقدس عماد وأبنه ديفيد ، كثرت التعليقات المتعددة على صفحات التواصل الاجتماعى .
وشد انتباهى ودهشتى تعليقا لأحد المفكرين المثقفين والذى يقترح فيه على حد قوله : " استبدال الحراسة الحكومية ( على الكنائس ) بحراسات خاصة من شركات الامن " وذلك بغرض : " تخفيف العبء على الدولة وتجنب هوس افراد الامن " .
ربما يكون اقتراح بحسن النية ؟ !! ، ولكن لا أخفى عليكم دهشتى بل وانزعاجى لهذا الاقتراح الغريب لعدة اسباب :
أولا : الكنيسة مؤسسة مصرية وطنية ، من مؤسسات الدولة وعلى أرض مصرية ، والدولة منوطة بحراستها وحماية شعبها ، من قبل الشرطة المصرية وأجهزة الامن القومى ، خاصة فى ظل قانون الطوارئ ، وهذا ما تقوم به الدولة منذ عقود طويلة .
ثانيا : الاقتراح ب " استبدال الحراسة الحكومية بحراسات خاصة من شركات الامن " يعبر عن فرز طائفى غير لائق تماما ، وكلنا ندرك ان هناك من يحمل الفكر المتشدد والمتطرف ، من أصحاب المهن والحرف المختلفة بما فيها شركات الامن الخاصة .
ثالثا : أما بخصوص " تخفيف العبء عن الدولة " ، فالكنائس شأنها شأن كافة مؤسسات الدولة تلتزم الدولة بحمايتها ، خاصة فى ظروف ( الحرب ضد الارهاب ) وقانون الطوارئ . من ناحية اخرى فانه من المستحيل توفير حراسات من شركات الامن الخاصة لكل الكنائس فى كافة محافظات الجمهورية ، حيث المدن الكبرى والقرى والنجوع ، خاصة فى ليالى وايام الاعياد حيث يخرج آلاف الآلف من المسيحيين للصلاة والاحتفال بالاعياد فى كافة أنحاء البلاد . فوق كل ذلك فان ميزانيات الكنائس التى تعتمد على التبرعات لايمكن بأى حال من الاحوال ، بل من المستحيل تغطية نفقة للأمن الخاص .
نحنلسنا فى حاجة الى تغيير حراسة بحراسة ، والحل الامنى ليس هو الحل ، لكننا فى حاجة الى تغيير وتجديد ثقافة شعب ... نحن فى حاجة الى تجديد الخطاب الدينى والتعليمى والثقافى والاجتماعى والفكرى والاخلاقى ... بعدها صدقونى ، لن نحتاج الى اى حراسات .